قــطاع غـزة

-

قــطاع غـزة
شرعت إسرائيل منذ احتلالها لقطاع غزة في الرابع من حزيران 1967، إلى استهداف الأرض الفلسطينية والتهامها شيئاً فشيئاً كسياسة استراتيجية تنسجم والتوجهات الإسرائيلية الاستعمارية الإحلالية. ومن هنا كان على إسرائيل أن تكرس سياسة الاستعمار، في الوقت الذي تقوم فيه على استنزاف العامل البشري الفلسطيني، ثم تطبيق نظرية الإحلال، وهي نظرية قديمة تقوم على إحلال الشعب اليهودي محل الشعب الفلسطيني.

وفي المحصلة، لم تتورع إسرائيل عن بناء المستعمرات في القطاع، بالتوازي مع سياسة القتل العمد، اعتقاداً منها بأن اشتداد الإجراءات الإسرائيلية القمعية على الأرض، ربما تولد نظرية الترانسفير الطوعي، أو حتى استخدام الترانسفير القسري. لكن كل النظريات الإسرائيلية سقطت، ولعل الانتفاضتين الأولى في عام 1987، والثانية التي اندلعت في العام 2000، أعطتا دليلاً قاطعاً على أن الاحتلال لن يفلح في القضاء على الشعب الفلسطيني، أو حتى تقرير مصيره. فقد بلغ عدد الشهداء خلال انتفاضة الأقصى من 29/9/2000 وحتى 31/5/2005 (1996) شهيداً في قطاع غزة فقط، 421 منهم من الأطفال هم أقل من 18 عاماً، في حين بلغ عدد الجرحى المسجلين حتى عام 5/1/2005 (14715) جريحاً، حسب إحصائيات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.




يقع قطاع غزة على الجزء الجنوبي من الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، وهو قطعة مستطيلة الشكل تمتد من الشمال إلى الجنوب بطول 45 كم، ومن الشرق إلى الغرب بمسافة تتراوح ما بين 6-12 كم، وبمساحة إجمالية 365 كم2. يحده من الغرب البحر المتوسط ومن الشمال والشرق إسرائيل ومن الجنوب جمهورية مصر العربية.

سطح قطاع غزة مستو بشكل عام، إذ يتراوح ارتفاعه ما بين 20-40 متر فوق مستوى سطح البحر، ويرتفع أكثر من ذلك في بعض المواقع ليصل إلى 85 متراً شرق مدينة غزة، و70 متراً شرق بلدة بيت حانون، شمال القطاع.

يبلغ عدد سكان القطاع في منتصف عام 2005، (1.390) مليون نسمة، منهم 704 آلاف ذكور و686 ألف إناث. هذا وبلغت
نسبة السكان الحضر في القطاع 7.63% من مجمل السكان، بينما بلغت نسبة المقيمين في الريف 5.1%، في حين بلغت النسبة في المخيمات 31.2%. ويقدر عدد سكان محافظة غزة 487 ألف فلسطيني، وتعتبر تلك المحافظة من أكبر محافظات القطاع. وفي المقابل كان عدد سكان القطاع في العام 1967 (380.800) نسمة. وتبلغ نسبة الأفراد دون سن الخامسة عشر، أي من 0-14 عاماً حوالي 49,1% من مجمل السكان، و48.3% في الفئة العمرية من 15-64 عاماً، بينما كانت 2.6% للفئة من 65 عاماً فما فوق. وبلغ متوسط كثافة السكن في قطاع غزة، في العام 2004 (1.9)، في حين بلغ متوسط عدد الغرف في المسكن 3.5، وحسب نتائج مسح ظروف السكن 2003، فإن نسبة الأسر التي هي بحاجة إلى وحدات سكنية خلال العشرة سنوات القادمة، بلغت 91.1%، في حين بلغت نسبة الأسر التي لا تستطيع بناء وحدات سكنية خلال العشرة سنوات القادمة 70.1%.

هناك 5 محافظات في قطاع غزة، هي: محافظة الشمال وفيها مخيم جباليا الذي بني في العام 1948، وتقع المحافظة المذكورة شمال قطاع غزة، ويبلغ عدد سكان محافظة الشمال (281727) نسمة. محافظة غزة وفيها مخيم الشاطئ، حيث يقع غرب غزة، وبني عام 1949، ومحافظة دير البلح الواقعة وسط القطاع، حيث يبلغ عدد سكانها (213057) نسمة، ويتوزع حولها 4 مخيمات، هي: مخيم دير البلح، مخيم النصيرات، مخيم البريج، مخيم المغازي، وجميعها بنيت عام 1949، ما عدا مخيم النصيرات الذي بني في العام 1948. بالإضافة إلى محافظتي خانيونس ورفح الواقعتين جنوب القطاع، وفيهما مخيمي خانيونس ورفح، وكليهما بنيا في العام 1949. ويبلغ عدد سكان محافظة خانيونس، حسب إحصائيات منتصف عام 2005 (285613) فلسطيني، في حين يبلغ عدد سكان محافظة رفح (175054).


تتوزع المستعمرات والمواقع العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة إلى 17 مستعمرة مأهولة، بالإضافة إلى 13 موقع استعماري وموقع عسكري على شاطئ القطاع. وهي على النحو التالي:

أولاً: بالنسبة للـ17 مستعمرة مأهولة في القطاع فهي كالتالي:
1. مستعمرة "دوجيت". بنيت عام 1982، وتقدر مساحتها الإجمالية بـ600 دونم، فيما يبلغ عدد سكانها 76 مستعمر وهي مستعمرة مدنية تقع شمال القطاع.
2. مستعمرة "إيلي سيناي". بنيت عام 1983، وتقدر مساحتها الإجمالية بـ763 دونم، فيما يبلغ عدد سكانها 360 مستعمر، وهي مستعمرة زراعية تقع شمال القطاع.
3. مستعمرة "نيسانيت". بنيت عام 1982، وتقدر مساحتها الإجمالية بـ1620 دونم، فيما يبلغ عدد سكانها 943 مستعمر، وهي مستعمرة مدنية تقع شمال القطاع.
4. مستعمرة "إيرز". بنيت عام 1968، وتقدر مساحتها الإجمالية بـ1200 دونم، وهي مستعمرة صناعية تقع شمال القطاع.
5. مستعمرة "نتساريم". بنيت عام 1972، وتقدر مساحتها الإجمالية بـ2200 دونم، فيما يبلغ عدد سكانها 382 مستعمر، وهي مستعمرة مدنية. وتقع جنوب مدينة غزة.
6. مستعمرة "كفار داروم". بنيت عام 1970، وتقدر مساحتها الإجمالية بـ450 دونم، فيما يبلغ عدد سكانها 338 مستعمر، وهي مستعمرة مدنية. وتقع جنوب دير البلح على طريق صلاح الدين.
7. مستعمرة "موراج". بنيت عام 1972، وتقدر مساحتها الإجمالية بـ1230 دونم، فيما يبلغ عدد سكانها 170 مستعمر. وتقع هذه المستعمرة جنوب مدينة خانيونس على طريق صلاح الدين.
" مجمع غوش قطيف ويضم عدداً من المستعمرات تقع في المنطقة من جنوب مدينة دير البلح وحتى الحدود المصرية مع قطاع غزة جنوباً.
8. مستعمرة "نتسر حزاني". بنيت عام 1973، وتقدر مساحتها الإجمالية بـ2050 دونم، فيما يبلغ عدد سكانها 410 مستعمر، وهي مستعمرة مدنية.
9. مستعمرة "قطيف". بنيت عام 1977، وتقدر مساحتها الإجمالية بـ1993 دونم، فيما يبلغ عدد سكانها 346 مستعمر، وهي مستعمرة زراعية.
10. مستعمرة "جان أور". بنيت عام 1980، وتقدر مساحتها الإجمالية بـ1962 دونم، فيما يبلغ عدد سكانها 321 مستعمر، وهي مستعمرة زراعية.
11. مستعمرة "نفيه دكاليم". بنيت عام 1983، وتقدر مساحتها الإجمالية بـ2000 دونم، فيما يبلغ عدد سكانها 2501 مستعمر، وهي مستعمرة مدنية.
12. مستعمرة "جاني طال". بنيت عام 1987، وتقدر مساحتها الإجمالية بـ2450 دونم، فيما يبلغ عدد سكانها 377 مستعمر، وهي مستعمرة زراعية.
13. مستعمرة "جديد". بنيت عام 1979، وتقدر مساحتها الإجمالية بـ1476 دونم، فيما يبلغ عدد سكانها 324 مستعمر، وهي مستعمرة مدنية.
14. مستعمرة "بني عتصمونة". بنيت عام 1979، وتقدر مساحتها الإجمالية بـ1500 دونم، فيما يبلغ عدد سكانها 567 مستعمر.
15. مستعمرة "بدولح". بنيت عام 1986، وتقدر مساحتها الإجمالية بـ1456 دونم، فيما يبلغ عدد سكانها 217 مستعمر، وهي مستعمرة زراعية.
16. مستعمرة "بآت سدي". بنيت عام 1984، وتقدر مساحتها الإجمالية بـ1500 دونم، فيما يبلغ عدد سكانها 59 مستعمر، وهي مستعمرة زراعية.
17. مستعمرة "رافيح يام". بنيت عام 1984، وتقدر مساحتها الإجمالية بـ570 دونم، فيما يبلغ عدد سكانها 149 مستعمر، وهي مستعمرة مدنية.


وهي ثلاثة عشر موقعاً استعمارياً انشأ لأغراض الاستعمار أو المراقبة العسكرية وهي:
1. "المنطار". يقع شرق مدينة غزة بالقرب من معبر المنطار. بني عام 1982، وهو موقع استعماري عسكري غير مأهول.
2. "دورون شوشون". يقع شرق دير البلح بالقرب من معبر كيسوفيم. بني عام 1992، وهو موقع استعماري عسكري غير مأهول.
3. "ميراف". يقع شرق مدينة خانيونس.
4. "يغول". يقع داخل مجمع غوش قطيف.
5. "تل قطيف". يقع شرق مجمع غوش قطيف. بني عام 1992. تبلغ مساحته الإجمالية 17 دونماً، وهو منطقة عسكرية.
6. "سلاو" (سلاف). يقع غرب مدينة رفح. بني عام 1982، وتقدر مساحته الإجمالية بـ500 دونم، ويبلغ عدد سكانه 21، وهو موقع استعماري مدني.
7. "ياكال". يقع في مجمع غوش قطيف. بني عام 1991، وتقدر مساحته الإجمالية بـ10 دونمات، وهو موقع استعماري صناعي.
8. "كفار يام". يقع غرب خانيونس في مجمع غوش قطيف. بني عام 1970، ويبلغ عدد سكانه 25 مستعمر، وهو موقع استعماري مدني.
9. "سيرات هاييم".
10. "كارم عتصمونة".


11. "حوف شكيما"، يقع أقصى شمال غزة.
12. "حوف دكاليم"، يقع غرب خانيونس.
13. "حوف اشليم"، يقع غرب رفح.
معلومات حول المستعمرات:
" تبلغ مساحة الأراضي التي تسيطر عليها قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة 54 كيلومتر مربع، منها 11.7 كيلومتر مربع مناطق مبنية والباقي مناطق أمنية.
" نسبة الأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل في قطاع غزة تعادل 14.8% من إجمالي مساحة القطاع.
" عدد المستعمرين في قطاع غزة 7781 مستعمر.
" نسبة المستعمرين بالنسبة لإجمالي سكان القطاع تعادل 0.54%.
" طول الشاطئ البحري الذي تسيطر عليه إسرائيل عن طريق المستعمرات في غزة نحو 10 كيلومتر، أي ما يعادل 22% من طول شاطئ قطاع غزة.
" عدد آبار المياه في المستعمرات الإسرائيلية في القطاع 40 بئراً، ما يعادل 0.9% من الآبار الفلسطينية في القطاع.
" تضخ الآبار الموجودة في المستعمرات سنوياً من المياه نحو 10 مليون متر مكعب، ما يعادل 7.6% من كمية المياه التي تضخها الآبار الفلسطينية.
أثر المستعمرات الإسرائيلية على التجمعات الفلسطينية في قطاع غزة:
اتخذت المستعمرات مواقعها بالقرب من التجمعات السكنية الرئيسية في قطاع غزة لعدة أهداف منها:
1. سهولة مراقبة الأنشطة الفلسطينية المختلفة داخل هذه التجمعات.
2. إعاقة الاتصال بين هذه التجمعات.
3. محاولة وقف وعرقلة الامتداد العمراني الفلسطيني وعدم الاستفادة من الأراضي الحكومية من قبل المواطنين الفلسطينيين.
4. إيجاد فرص للاحتكاك المباشر بين المواطنين الفلسطينيين والمستعمرين، مما ينجم عنه حدوث بعض الاشتباكات والصدامات لاستغلال ذلك من قبل السلطات الإسرائيلية كذريعة للاستيلاء على الأراضي بدواع أمنية.
5. فرض طوق استعماري محاذي لشاطئ البحر كي يحصر قطاع غزة بين طوقين غربي وشرقي لا يبعدان كثيراً عن حدود عام 1967.
6. التحكم في الطريق الرئيسي في القطاع وهو طريق صلاح الدين.
7. السيطرة على مصادر المياه الجوفية العذبة.



هناك 5 معابر موزعة في قطاع غزة، معبر بيت حانون "إيرز" الواقع شمال القطاع وهو معبر يتصل بالدخول إلى الضفة الغربية أو إسرائيل أو إلى الدول التي تقع شمال وشرق فلسطين. ويوجد معبري المنطار "كارني" ونحال عوز، وهي معابر تجارية وتقع شرق غزة، فيما يوجد معبر صوفا التجاري الذي يقع جنوب القطاع، وأخيراً معبر رفح الحدودي مع جمهورية مصر العربية ويقع جنوب القطاع وهو معبر للمسافرين. وإسرائيل تتحكم في كل تلك المعابر، فهي تغلقها وتفتحها كما تشاء، والأحاديث مختلفة عن كيفية التحكم فيها بعيد الانسحاب الإسرائيلي المرتقب، واحتمالية أن يكون هناك طرف أوروبي ثالث مراقب عليها.

كما يوجد في القطاع مطار الشهيد ياسر عرفات، ويقع جنوب قطاع غزة، وقد دمرته قوات الاحتلال الإسرائيلي في أوائل يناير (10-11/1) 2002، خلال سلسلة اجتياحاتها المتكررة للقطاع. ولا يوجد في غزة ميناء، والحديث يدور الآن عن بناء ميناء قبالة مستعمرة "نتساريم"، إلا أن هذه القضايا تعتبرها إسرائيل سيادية وتتصل بالاتفاقات والقوانين الدولية، ذلك أنها تحرم السلطة الوطنية حتى اللحظة، من إمكانية فرض سيادتها على الأرض والمياه والجو.


أما عن الوضع الاقتصادي فقد شهد القطاع مشكلة اقتصادية ناتجة عن السياسة الإسرائيلية العدوانية للبنية التحتية وغيرها. فقد بلغت نسبة المشاركة في القوى العاملة في قطاع غزة، خلال الربع الأول لعام 2005 (36.6%)، من حجم القوى العاملة الأساسي، فيما كانت حصة النساء بين القوى العاملة (8.6%). كما بلغت نسبة البطالة (34.0%)، في حين بلغ معدل ساعات العمل الأسبوعية (لا تشمل العاملين في إسرائيل والمستعمرات) 40.5 ساعة، بينما كان معدل أيام العمل الشهرية 23.7 يوم، كما بلغ معدل الأجرة اليومية بالشيكل 55.8.

وفيما يتصل بمؤشرات نسبة الفقر في القطاع في ظل الأزمة الحالية، مقارنةً مع سنوات ما قبل الانتفاضة، حيث بقيت معدلات الفقر في قطاع غزة تفوق معدلات الفقر في الضفة الغربية. فقد بلغت في قطاع غزة خلال العام 2004 بالنسبة للإنفاق 37.2% و65% بالنسبة للدخل. كما بلغ متوسط إنفاق الأسرة الشهري بالدينار الأردني 498.2، في حين كان متوسط إنفاق الأسرة على الطعام 184.1 ديناراً أردنياً، بينما كان متوسط إنفاق الفرد الشهري بالدينار الأردني 67.8، في حين كان متوسط إنفاق الفرد على الطعام 25.1 ديناراً أردنياً.

وبخصوص أثر الإجراءات الإسرائيلية على الأوضاع الاقتصادية للأسر الفلسطينية في قطاع غزة، فقد أشير إلى ارتفاع نسبة الأسر التي أصبح دخلها أقل من نصف ما كان عليه قبل الانتفاضة بواقع 57.7%، حيث بينت النتائج خلال الربع الأول من العام 2005 أن هناك 54.4% من الأسر في قطاع غزة خفضت نفقاتها على الحاجات الأساسية خلال الشهور 12 الماضية.

وفيما يتعلق بالخسائر المباشرة وغير المباشرة المقدرة على القطاع الزراعي في قطاع غزة خلال الفترة من 29/9/2000 وحتى 30/6/2005، فقد بلغ العدد الإجمالي للأشجار المتلفة (1,120,380) شجرة، و(13,455) دونم، مجموع المساحات المجرفة، و(24,262) دونم تم تجريفه فيما يتعلق بشبكات الري، و392 بئر تم هدمه.


إسرائيل في حال تقرر انسحابها الكامل من قطاع غزة، فهو انسحاب يستهدف المصلحة الإسرائيلية بالأساس، خصوصاً وأن الحكومة الإسرائيلية عملت خلال عشرات السنين على استنزاف الموارد الطبيعية الغزية، فقد أنهكت قطاع غزة بالمواد السامة والصلبة التي دفنتها في منطقة مستعمرات غوش قطيف. وكان رئيس سلطة جودة البيئة، الدكتور يوسف أبو صفية، قد أكد في وقت سابق أن 50 ألف طن من النفايات السامة دفنت في مجمع غوش قطيف، بالإضافة إلى تلويثها -إسرائيل- لمياه البحر من المياه العادمة الخارجة من مستعمراتها، كمستعمرة نيتساريم على سبيل المثال لا الحصر، مما أدى حسب تأكيد د. أبو صفية إلى تلويث البحر على عمق 400 متر. وهناك نقطة مهمة تتصل بأن إسرائيل استهلكت نسبة كبيرة من المقدرة المائية الجوفية للقطاع، ذلك أنها تستحوذ على 10 مليون متر مكعب من الخزان المائي الساحلي في قطاع غزة، الذي تبلغ سعة إنتاجه 55 مليون متر مكعب، فيما ساهمت بخلط المياه العذبة في مياه البحر، كي لا يستفيد منها الفلسطينيون بعد الانسحاب، مما أدى بالإضافة إلى معدلات نضوب الخزان الجوفي المائي، ارتفاع نسبة الملوحة فيه إلى درجات يصعب استخدامها للشرب أو لري المحاصيل الزراعية.

والآن يدور الحديث عن قيام مستعمري القطاع بحقن أراضي المستعمرات المنوي إخلاءها بمواد سامة، لقتل المزروعات وعدم تمكين الفلسطينيين من استصلاح تلك الأراضي، ناهيك عن عدم تمكينهم الاستفادة من الدفيئات الزراعية الموجودة هناك، والتي يقدر عددها من 4000 إلى 4500 دفيئة.


يمكن القول إن خطة شارون أحادية الجانب، والتي أعلن عنها في أواخر العام 2003، جاءت للالتفاف على خطة خارطة الطريق، التي طالما قتلها شارون في تصريحاته، واعتبرها غير قابلة للتطبيق إلا بشروط "جهنمية" أو بمعجزات ينبغي على الجانب الفلسطيني تطبيقها لتنفيذ تلك الخارطة.

شارون قال كثيراً إنه لن يكون هناك أي انسحاب يذكر بعد الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة. وكثيراً ما أسقط فكرة الانسحاب من شمال الضفة، معتبراً أن مجرد الانسحاب من غزة هو تنازل تاريخي مؤلم، مع الملاحظة بأن إسرائيل ستصور للعالم بأن الانسحاب من القطاع كالانسحاب من كل فلسطين. الإحصائيات تقول إن مساحة المستعمرات المنوي إخلاؤها، بالإضافة إلى المناطق الأمنية والعسكرية الإسرائيلية تبلغ من 22 إلى 25% من مساحة قطاع غزة بالإجمال، وهنا سيكتفي شارون بهذا القدر من الانسحاب، وطبعاً سيقول للعالم إنه لاجديد يذكر في المستقبل، وبالتالي سيكون مقابل هذا الانسحاب من غزة، إعادة تأهيل الضفة وتكريس سياسة الاستعمار فيها، حسب المواصفات والمقاييس الإسرائيلية.

حتى اللحظة هناك مماطلة وتسويف في تقديم الأجوبة الإسرائيلية بصدد مصير القطاع بعد الانسحاب. فهناك سيناريوهات مختلفة رسمتها إسرائيل بذلك الشأن، وتتعلق بكيف سيتم التعامل مع هذا القطاع، بمعنى هل اقتصاده مربوط ومتبوع بالاقتصاد الإسرائيلي أم أنه منفصل عنه، وهل هناك جهات خارجية إشرافية على الانسحاب وما بعد الانسحاب، وبالنسبة لموضوع المعابر والمطار والميناء، هل ستخصخص لجهات دولية ومن سيتحمل الإشراف عليها؟ الحدود كيف ستكون في المستقبل؟ كل هذه الأسئلة لا يمكن الحديث عنها في ظل خطة إسرائيلية تقول إنها تأتي من جانب واحد ودون التفاوض مع السلطة الوطنية الفلسطينية، مع العلم أن هناك نقاشات واجتماعات فلسطينية- إسرائيلية، إلا أنها تبقى حبيسة المعالجات الأمنية التنسيقية ولا تصب في خدمة كافة الاتجاهات المتعلقة بالانسحاب من القطاع، سياسياً واقتصادياً وقانونياً.


"المركز الصحافي الدولي"

التعليقات