الخيارات القانونية للاعتراف بالدولة الفلسطينية

"هل نحن أمام ملهاة جديدة مثل ملهاة أوسلو والمفاوضات التي لا تتوقف ولا تنتج أي طحين!"..

الخيارات القانونية للاعتراف بالدولة الفلسطينية

تسعى قيادة منظمة التحرير الفلسطينية للتقدم بطلب إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، للاعتراف بفلسطين ضمن حدود 1967 كدولة عضو في المنظمة الدولية. وتثور حاليًا تهديدات أميركية بإحباط هذا المسعى، وتهديدات إسرائيلية باتخاذ إجراءات عقابية ضد السلطة الفلسطينية، وتساير بعض الدول الأوروبية المواقف الأميركية- الإسرائيلية، بينما تساير معظم الدول العربية والإسلامية موقف القيادة الفلسطينية. ويبدو أن الإعلام بمختلف اتجاهاته يلعب دور "تسخين" لهذه الخطوة، كأن القيادة الفلسطينية تخوض حربًا شرسة ضد إسرائيل والولايات المتحدة.

وظهرت سلسلة من المقالات الإسرائيلية للدفاع عن موقف إسرائيل في معارضة مسعى القيادة الفلسطينية، مستعرضة الكثير من المسائل القانونية، لاسيما وضع الأراضي الفلسطينية المحتلة. وهذا يقتضي – أولًا- الرد على هذه الأطروحات القانونية، و – ثانيًا- التعليق على جدوى الذهاب إلى الأمم المتحدة لطلب الانضمام كعضو في المنظمة الدولية.

I-                  الوضع القانوني للأراضي الفلسطينية المحتلة

يطرح الإسرائيليون منذ احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة أطروحات عديدة لتبرير استمرار احتلالهم لهذه المناطق بل واستعمارها.

‌أ-       الأطروحة الأولى: الضفة الغربية أرض محتلة من قبل الأردن، وغزة أرض محتلة من قبل مصر، وحيث أن لا أحد اعترف بضم الأردن للضفة الغربية إلا بريطانيا والباكستان، فإن موقف إسرائيل في هذه الأراضي أفضل من موقف الأردن ومصر، باعتبار أن إسرائيل اكتسبت هذه الأراضي في حالة حرب دفاعية.

هذه مقولة طورها بداية يهودا بلوم، أستاذ القانون الدولي في الجامعه العبريه في مقالة نشرها في عام 1968، ثم سار على نهجه إلياهو لوترباخت، وستيفن شويبل، وقاضي محكمة العدل العليا الإسرائيلية، مئير شمغار، وسايرهم أساتذة قانون مثل جوليوس ستون، وهم جميعًا ينتمون لنفس المدرسة الصهيونية.

إن فساد هذه الأطروحة يبدأ من نقطة انطلاقها الأولى، إذ تقوم على افتراض أن الأراضي المحتلة هي أراضي فضاء لا سكان فيها، وقد كانت الغزوات الاستعمارية الأولى في القرون السابقة تعتمد على هذه النظرية في استعمارها الأقاليم في إفريقيا وآسيا، باعتبارها أراض خالية من السكان، وهذا – في الواقع- استمرار لمقولات الصهيونية الأولى، من أن فلسطين "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض".

إن الأردن لم يقم "باحتلال" الضفة الغربية، ولم تقم مصر "باحتلال" قطاع غزة، بل كان دخول الجيوش العربية ممارسة لمعاهدة الدفاع المشترك، وهي شكل من أشكال حق الدفاع عن النفس الجماعي، وذلك كما وردت في المواد 52-54 من ميثاق هيئة الأمم المتحدة. كما أنه، وخلافًا للدعاية الإسرائيلية، لم تتجاوز الجيوش العربية التي دخلت فلسطين خطوط التقسيم الواردة في القرار رقم 181( فيما عدا ما جرى في القدس).

ثم قام الفلسطينيون بانتخاب ممثلين عنهم، وقام الأردنيون بانتخاب عدد مساو من الممثلين عنهم كذلك، واجتمعوا كأعضاء في مجلس النواب في 24/4/1950، وجرى التصويت على وحدة الضفتين، ولم يكن التصويت على ضم الضفة الغربية إلى الشرقية أو العكس؛ بل إن القرار الذي جرى التصويت عليه يقوم على أساس حق تقرير المصير للشعبين، وهذه ممارسة جائزة في القانون الدولي لأن ممارسة حق تقرير المصير لشعب ما، تكون بإعلان استقلاله أو انضمامه إلى شعب آخر، وهذا ما جرى في الضفة الغربية والضفة الشرقية، إذ تم الدمج بينهما، ولم تتم عملية إلحاق إحداهما بالأخرى.

أما قطاع غزة، فإن مصر لم تعلن ضم أو إلحاق القطاع بها، بل مارست على القطاع دور الأمين والراعي له، وقد جرى قضاء المحاكم الإدارية في مصر على ذلك.

ويدعى القانونيون الإسرائيليون أن دولتين فقط اعترفتا "بضم" الأردن للضفة االغربية. بداية، لابد من تقرير أن الاعتراف أو عدم الاعتراف لا يغيّر من الوضع شيئًا، لأن الاعتراف " لا ينشئ وضعًا. فالولايات المتحدة – على سبيل المثال- لم تعترف بالصين الشعبية إلا في سبعينيات القرن الماضي، ومع ذلك كانت الصين دولة قائمة ومعترفًا بها، وتمارس صلاحياتها على المسرح الدولي كدولة ذات سيادة. وردًا على المقولة الإسرائيلية باعتراف دولتين فقط بالأردن، فإن إسرائيل لم تحظ حتى الآن باعتراف دولة واحدة بوجودها في الضفة أو القطاع، وما زالت تعاني من وضعية قانونية منبوذة في المسرح الدولي؛ بسبب وجودها في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

أما قول إسرائيل إنها اكتسبت هذه الأراضي في حرب دفاعية، ما يبرر لها الاحتفاظ بها، فإن هذا القول لا يجد له سندًا في القانون الدولي، كما أنه يتعارض بشدة مع أهم مبادئ القانون الدولي المعاصر، التي لا تجيز اكتساب أرض الغير بالقوة، وعلى هذا قام القرار 242 الصادر عن مجلس الأمن، وأي قول بخلاف ذلك هو نكوص للوراء إلى ما قبل عصر ميثاق هيئة الأمم المتحدة.

‌ب-   الأطروحة الثانية: أن إسرائيل غير ملزمة بالانسحاب من جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة، وذلك بدلالة القرار242 الذي نص على وجوب انسحاب إسرائيل من "أراض" وليس من "الأراضي المحتلة"، وتبنى هذه الأطروحة العديد من قانونيي المدرسة الصهيونية الذين راحوا يبررون استعمار معظم الأراضي المحتلة بسبب غياب "أل" التعريف.

هذه أطروحة لا سند لها في التاريخ الدبلوماسي للقرار ولا في التفسير القانوني المتبع في تفسير القرارات، ذلك أن غياب "أل" التعريف من النص الإنجليزي لا ينفي أن "أل" التعريف وردت في صيغة القرار الفرنسي والإسباني والروسي والصيني، وهي صيغ تحمل ذات الوزن والقوة للنص الانجليزي، فلماذا الاعتماد على النص الإنجليزي فقط وإهمال أربعة نصوص أخرى لها نفس المفعوليه والوزن؟

 من الضرورة الإشارة إلى أن غياب أو وجود "أل" التعريف لا يؤثر على المبدأ الصريح والراسخ من أنه لا يجوز اكتساب أراضي الغير بالقوة، ولو سمح لإسرائيل تنفيذ تفسيرها، لانهار مبدأ قانوني هو ركيزة الأمن والسلم الدوليين، ألا وهو عدم جواز اكتساب أراضي الغير بالقوة، لذا يجب تفسير "أل" التعريف على ضوء هذا المبدأ الرئيسي.

وأخيرًا، جاء الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية في قضية الجدار حاسمًا لهذا الجدل؛ حيث قالت المحكمة إن "الأراضي الفلسطينية المحتلة" هي تلك الأراضي الواقعة بين خط الهدنة لعام 1949 وحدود فلسطين التاريخية من الناحية الشرقية، ولم تقدم المحكمة أي استثناء لهذا التعريف، وهذا يقطع أن المحكمة الدولية لم تعترف بمغزى غياب "أل" التعريف، ولم تعطها أي قيمة قانونية في التفسير، وهذا الموقف القانوني لأعلى محكمة في العالم يطيح بكل أطروحات فقهاء "أل" التعريف.

ولا يسع المرء إلا أن يضيف أن فتوى محكمة العدل الدولية لم تتعرض لمسألة الحدود الدولية، والسؤال الذي طرحته الجمعية العامة للأمم المتحدة على المحكمة لم يتصد لمسألة الحدود، بل كان السؤال مقتصراً على قانونية بناء الجدار، أو الجزء الأكبر منه، في الأراضي المحتلة. وبالنتيجة، فإن "الأراضي الفلسطينية المحتلة" التي حرم القانون الدولي- بما في ذلك القرار 242- امتلاك أو الاستيلاء على أي جزء منها هي فلسطين ضمن حدود1967.

‌ج-    الأطروحة الثالثة: إن آراء فقهاء القانون الدولي، مصدر من مصادر القانون الدولي، بالتالي يجب أخذ ما يقوله شمغار وبلوم ولوترباخت وستون وشويبل ويوجين روستو من أن لإسرائيل الحق في احتلال الأراضي الفلسطينية والاحتفاظ بها، باعتبار أن آراء هؤلاء الفقهاء تقع ضمن نص المادة 38/د من ميثاق محكمة العدل الدولية، التي نصت على احترام آراء فقهاء القانون الدولي.

ما ورد في المادة 38/د من ميثاق المحكمة صحيح؛ بالتالي فإن هناك أعدادًا أكبر من فقهاء القانون الدولي الذين يعارضون المدرسة الصهيونية على رأسهم ماليسون وجويجلي ودوجارد وبويل وفاينبرج (وهو شيخ القانونيين الإسرائيليين)، وسالمون وجولدستون وفالك، ويضاف إلى ذلك التقارير الدولية الصادرة عن منظمات حقوق إنسان وطنية ودولية، والقرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة، ثم آراء قضاة المحكمة الدولية، وهي جمعيها تستند إلى مبادىء قانونية يضعها ويدافع عنها رجال قانون يقعون كذلك تحت مظلة المادة 38/د.

بالنتيجة، ليس من سبب للاتكاء على آراء القانونيين الإسرائيليين كمصدر من مصادر القانون الدولي، وإهمال الآراء الأكثر وزنًا وأوسع انتشارًا.

‌د-      الأطروحة الرابعة: إن حدود إسرائيل غير آمنة وضيقة، لاسيما في الوسط بحيث لا يتجاوز الوسط عن عشرة أميال، وهذا يتطلب توسعًا لأغراض أمنية.

ربما كانت هذه الأطروحة أضعف دفاع لدى إسرائيل، لأن قرار التقسيم لم يأخذ الجوانب الأمنية بعين الاعتبار، ولا أدل على ذلك من خطوط التقسيم المتعرجة والمناطق المتداخلة بين الدولة اليهودية والدولة العربية (يافا كانت عربية ضمن الدولة اليهودية). وحين وافقت إسرائيل على قرار التقسيم وافقت عليه بكل ما له وما عليه، ولم يكن بالإمكان تفصيل دولة يهودية على مقاس الأطماع الصهيونية.

إن الحديث الإسرائيلي عن الحدود الأمنية وضرورة توسيعها كلام لم يرد إلا في أدبيات القرن الثامن عشر والتاسع عشر ومطلع القرن الماضي، حيث كانت الدول الاستعمارية تقايض على الأراضي المستعمرة، والتاريخ التشريعي لاتفاقيات سايكس- بيكو تبرهن على العقلية الاستعمارية التي ما زالت تحكم القرار الإسرائيلي.

إن عهد الاستعمار وتفصيل الأقاليم المستعمرة على مقاس الدول الاستعمارية انتهى، بل أصبح "الاستعمار" – شأنه شأن التمييز العنصري- جريمة في القانون الدولي، وأصبح من المسموح به – قانوناً- المناضلة ضده بكل الوسائل بما في ذلك القوة المسلحة.

هـ- الأطروحة الخامسة: يقول الإسرائيليون إن لإسرائيل حقوقًا قانونية خارج حدود الخط الأخضر، وهذه الحقوق تجد مناطها في "الظروف الخاصة" التي أحاطت بحرب عام1967.

دون الدخول في البحث عن ماهية "الظروف الخاصة"، يمكن للطرف الفلسطيني الدفع، بأن الظروف الخاصة التي تعطي لإسرائيل الحق في التوسع خارج الخط الأخضر تعطي للطرف الفلسطيني الحق في التوسع داخل الخط الأخضر؛ لأن قرار التقسيم كان واضحًا في إجراء التداخل الطويل والعميق في حدود كل من الدولتين.

وقد يتساءل أحدهم، هل يُعقل أن يطالب المفاوض الفلسطيني بذلك في حالة الضعف التي هو عليها الآن؟ والجواب، إن حالة الضعف هذه، مصدر قوته لأن لا شيء يخسره، فلماذا التردد؟ وإذا بدأت إسرائيل في مسح خطوط الهدنة (الخط الأخضر)، فلماذا لا يبادر الطرف الفلسطيني في الإسهام في مسح ذات الخطوط؟

و- الخلاصة: إن الأراضي الفلسطينية أراض محتلة بموجب القانون الدولي، وذلك كما أكدته محكمة العدل الدولية في قرارها الاستشاري الصادر عام 2004، مضافًا إليه مجموعة القرارات الصادرة عن هيئة الأمم المتحدة، والتقارير الدولية ومواقف الدول على نحو منفرد. وهذا الوضع يحرم على إسرائيل القيام بأي عمل من شأنه تغيير وضع هذه الأراضي، بل إن قيامها بخلاف ذلك يهددها بارتكاب جريمة حرب.

     كما أن هذا الوضع يجعل السيادة للشعب الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال، حتى لو كانت هذه السيادة "نائمة" بسبب السيطرة الفعلية لسلطة الاحتلال.

II-                التقدم بطلب للانضمام إلى الأمم المتحدة

إن للشعب الفلسطيني- كما أكدته محكمة العدل الدولية – الحق في ممارسة حق تقرير المصير على أرضه، وهذا الإعلان تأكيد لموقف دولي متواصل وثابت وواضح ولم يطرأ عليه أي تبديل أو تغيير.

وربما وقر في ذهن القيادة الفلسطينية أن التقدم بطلب عضوية، والانضمام إلى الأمم المتحدة، سوف يجسد هذا الالتزام الدولي بحق تقرير المصير. إن كان هذا صحيحًا، فإن القيادة أخطأت في تصورها؛ للأسباب التالية:

‌أ-       إن العضوية في الأمم المتحدة مشروطة بصدور قرار من الجمعية العامة، بناءً على توصية من مجلس الأمن الدولي (المادة 4/2 من ميثاق الأمم المتحدة)، وصدور توصية من مجلس الأمن سوف يصطدم بالفيتو الأميركي و/أو البريطاني و/أو الفرنسي، بالتالي فإن هذه المحاولة محكوم عليها بالفشل مسبقًا، من الناحية الإجرائية على الأقل.

‌ب-  وعلى سبيل الفرض الساقط أن طلب الانضمام إلى الأمم المتحدة قد مرّ بنجاح من مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة وأصبحت "فلسطين" عضوًا في المنظمة الدولية، فما هي الفوائد التي سيجنيها الفلسطينيون؟ والجواب: لا شيء تقريبًا. فإن وضع منظمة التحرير في الأمم المتحدة هو وضع لم تتمتع به أي حركة تحرير وطني أخرى في تاريخ المنظمة الدولية، بل إن منظمة التحرير تتمتع بامتيازات لا تتمتع بها بعض الدول، لأن منظمة التحرير تستطيع دعوة مجلس الأمن – على سبيل المثال- للانعقاد على أساس المادة 37 ( المقتصرة على الدول) من النظام الداخلي للمجلس، بينما المنظمات الأخرى تدعو المجلس على أساس المادة 39 ( المقتصرة على المنظمات غير الدول). وتتمتع منظمة التحرير بمقعد كامل في جميع المنظمات الدولية المنبثقة عن هيئة الأمم، ولها اعتراف دبلوماسي من أكثر من مئة دولة، ويتمتع رئيسها في العديد من الدول بالامتيازات المقررة لرئيس دولة، وكذلك بعثاتها الدبلوماسية. وتشارك في الجامعة العربية والمنظمات المنبثقة عنها بعضوية كاملة، وتقف على قدم المساواة مع باقي الدول الأعضاء، وكذلك الحال في منظمة المؤتمر الإسلامي ودول عدم الانحياز. فماذا بقي لمنظمة التحرير من مكاسب تفتقر إليها حاليًا وسوف تكتسبها فيما لو أصبحت عضوًا في المنظمة الدولية؟

‌ج-    إذا كان ما ورد أعلاه صحيحا، فلماذا هذه الضجة التي تمارسها الولايات المتحدة وإسرائيل على كافة الأصعدة لإحباط المسعى الفلسطيني؟

والجواب هو، إن القيادة الإسرائيلية – وهي ممارسة إسرائيلية ثابتة وواضحة- تحبط أي مسعى فلسطيني لتسجيل أي تقدم ولو كان معنويًا. على سبيل المثال، الجميع يدرك أن إسرائيل لا تتعامل مع قرارات المنظمة الدولية باحترام، وأن هذه القرارات أصبحت مجرد تسجيل مواقف ليس إلا، ولا تترجم على أرض الواقع لأي شيء مادي، ومع ذلك تسعى إسرائيل سعيًا حثيثًا لإحباط أي محاولة لتمرير قرار من المنظمة الدولية، أو أي مؤتمر دولي آخر فيه تعاطف مع القضية الفلسطينية. (على سبيل المثال، لم تقف محاولات إسرائيل في إلغاء قرار "الصهيونية شكل من أشكال العنصرية" الصادر عام 1975، ونجحت في ذلك عام 1991، كذلك جندت إسرائيل كل الطاقة الأميركية لإحباط مشاريع القرارات في ديربان I وII المتعلقة بإسرائيل).

‌د-      وإذا كان السابق صحيحا، فلماذا تسعى القيادة الفلسطينية بهمة ونشاط إلى المضي قدمًا في هذه الخطوة رغم الصعوبات والعقبات والفوائد الضئيلة التي سوف تجنيها؟

الظن عندي أنه ليس لديها شيء آخر "تلعب به" بعد فشل كل أنشطتها وعلى كل الصعد. فلا المفاوضات أدت إلى شيء ولا المصالحة الفلسطينية أنجزت ولا وضع الشعب الفلسطيني أصبح أقلّ قهرًا وتدهورًا.

يضاف إلى ذلك، أن هذه اللعبة، لعبة الانضمام إلى المنظمة الدولية هي لعبة بلا تكاليف، أو ذات كلفة منخفضة، وتستطيع القيادة الفلسطينية تحملّ هذا العبء. ولو اقترحنا – على سبيل المثال- المقارنة بين لعبة الانضمام إلى المنظمة الدولية، ولعبة الاستفادة من الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية أو تقرير جولدستون، وهي لعبة ذات مردود عالٍ وضاغط على القيادة الإسرائيلية، وذات تكلفة عالية، لرأينا أين تضع القيادة أولوياتها.

          لا بدّ – في الختام- من التذكير بمعادلة لازويل الذي يقول في أي خطاب يجب طرح الأسئلة: "مَن يقول ماذا لمن" لكي ندرك عقم المحاولة الجارية. إذ أنّ الذي بادر إلى هذا التحرك قيادة أثبتت فشلها في النهج، منذ توقيع اتفاقيات أوسلو (النهج التفاوضي دون التمسك بأدوات الضغط الأخرى)، وهي تكرر مقولات لا طائل تحتها، إذ أن المحاولة الجارية حاليًا ذات فوائد ضئيلة وبتكاليف زهيدة، وإن هذه القيادة الفاشلة كلفت جناحًا آخر من القيادة الذي ثبت فشله بدوره كذلك، حين لم يحفظ أسرار المفاوضات وأوراقها، وتمكن العابثون من نشرها كالغسيل القذر (نشر أوراق المفاوضات)

فهل نحن أمام ملهاة جديدة مثل ملهاة أوسلو والمفاوضات التي لا تتوقف ولا تنتج أي طحين!!.

التعليقات