نشطاء ومحللون فلسطينيون لعــ48ـرب: لا يوجد أي برنامج سياسي يقود الشارع الفلسطيني

وعلى مقربة من الخيمة التضامنية مع الأسرى كان جنود الاحتلال وعرباتهم يشقون الليل لحملات المداهمة والاعتقال التي اجتاحت مصيف فلسطين بغياب الأمن الوطني الفلسطيني الذين غابوا عن المشهد في تلك اللحظات...

نشطاء ومحللون فلسطينيون لعــ48ـرب: لا يوجد أي برنامج سياسي يقود الشارع الفلسطيني

على مقربة من الخيمة التضامنية مع الأسرى الفلسطينيين في مدينة رام الله اتخذ أفراد الوحدات الخاصة الفلسطينية بزيهم العسكري المميز عن غيرهم من أفراد الأمن الوطني مواقع لهم ظهر الاثنين (16/6/2014) انتظارا لجنازة شهيد مخيم الجلزون أحمد عرفات القادمة من مجمع فلسطين الطبي إلى دوار الساعة في قلب المدينة التي تعتبر عاصمة دولة الشرعية في السلطة الفلسطينية.

وعلى مقربة من المكان نفسه كان جنود الاحتلال وعرباتهم يشقون الليل لحملات المداهمة والاعتقال التي اجتاحت مصيف فلسطين بغياب نظرائهم الذين غابوا عن المشهد في تلك اللحظات...

اتفاق أوسلو القائم على الأمن والتنسيق الأمني مع الجانب الإسرائيلي ينص في شقه الأمني على غياب رجال العسكر التابعين لأجهزة الأمن الفلسطينية عن المشهد في حالة تواجد الشريك الإسرائيلي بدباباته في قلب المدن الواقعة تحت سيطرة السلطة الفلسطينية، فكان لأصوات زجاجات المولوتوف والحجارة صداها في عتمة الليل، وكان لقنابل الصوت والغاز رياحها الموسمية التي تهب على الأراضي الفلسطينية المحتلة بين فترة وأخرى.

ومع كل حدث يحمل في طياته أبعاد الوطن ونفحاته، فهل حجارة المدن والمخيمات والبلدات في الضفة المحتلة تنذر بهبة جماهيرية شعبية، أم هي مجردة من البعد الشعبي التعبوي الذي يكفل لها للاستمرار والاتساع؟

الكاتب الصحفي عطا مناع المحسوب على الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين من مخيم الدهيشة قال إن أقل ما يمكن أن يقال عن الضفة الغربية المحتلة أنها تذبح يومياً من الوريد إلى الويد. والظرف الموضوعي لانتفاضة جماهيرية ناضج إلا أنه من الصعب القفز عن الظرف الذاتي الذي يكبح، ولو إلى حين، الانتفاضة حيث يوجد العديد من العوامل المفجرة، وعلى رأسها غياب الأفق سياسياً واقتصاديا،ً ناهيك عن طحن الثوابت الوطنية، وما يعيشه الأسرى في سجون الاحتلال.

ويضيف مناع أن الانتفاضة القادمة لن تكون نسخة عن سابقاتها لإدراك الشعب أنها ستجهض، فهي انتفاضة من طراز جديد لا استيطع الوقوف على ملامحها لأنها بكل بساطة انتفاضة الغريق الذي لا أمل له، ومن المرشح أن تنفجر بشكل مفاجئ وبدون مقدمات محسوسة.

لكن فراس ياغي، وهو من القدس وهو ناشط على الصعيد المدني ومنظمات المجتمع المدني، أعرب عن عدم اعتقاده بأن ما يحصل نذير هبة شعبية قد تحدث، إنما اعتبرها نتاجا لإرهاصات ناجمة عن انسداد الأفق السياسي من جهة، ومن الجهة الأخرى محاولة البعض، والمقصود حركة حماس، خلق حالة تعيدها إلى ما قبل الربيع العربي باختلاق حالة تلفت الانظار.

وقال ياغي إن حركة حماس تحاول توريط السلطة والناس، لكون الناس غير جاهزين في ظل ما قيل عنه بالواقع العربي والفلسطيني الحالي السيء.

غير أن الناشط السياسي نزار بنات من الخليل، والذي تصادم مع السلطة أكثر من مرة، قال إن الانتفاضة جاهزة منذ سنتين إلا أن المجتمع الفلسطيني غير جاهز وغير واثق نتيجة الإحباطات، لذلك لم يحن وقتها خاصة وأنه لا يوجد قرار من أي فصيل فلسطيني بتبني الهبة إلا إذا اعترف أحد الفصائل بعملية خطف الإسرائيليين الثلاثة.

وأضاف بنات أن السلطة الفلسطينية تقف ضد وفي وجه أية هبة شعبية، وبشكل علني، مع العلم أن القيادات الفلسطينية عادة ما تركب على ظهر الجماهير من خلال ركوبها لموجة الانتفاضة فيما إذا تفجرت.

وقال بنات في حديثه لموقع عــ48ـرب إنه لا يوجد أي برنامج سياسي يقود الشارع الفلسطيني، والشعب الفلسطيني خائف من فترة الفلتان الأمني السابقة حين تحول الأمن إلى مافيات، وبسبب الماكينة التي تستخدم الربيع العربي وتصويره على أنه بداية الخراب. وأضاف: "أنا أقول إن الانتفاضة جاهزة لكن نتيجة كل هذه المعوقات لا أعتقد أن هذه الفترة ستشهد هبتها الجماهيرية".

لكن محسن الخطيب، أحد المحسوبين على حركة فتح، أعرب عن اعتقاده بأن هذه الهبة قائمة، لكنه يخشى أن تكون موجهة ضد مصالح الشعب الفلسطيني نتيجة عدم اتضاح تبنيها فلسطينيا على مستوى القيادات.

من جهته قال الدكتور سائد الخياط، وهو من مدينة نابلس، إن الحالة على الساحة الفلسطينية مؤلمة، وهذه الأيام التي أعقبت اختطاف الإسرائيلين الثلاثة أظهرت هشاشة اتفاق المصالحة، وما يسمى بحكومة التوافق التي يديرها الحمد الله من رام الله، سواء استمرت المصالحة أم انهارت.

وأضاف الخياط أن "أي انتفاضة تحتاج إلى إستراتيجية قيادة، وهذا غير متوفر حاليا بل على العكس، نحن نشهد فعلا إسرائيليا وماكينة إعلامية توحي وكأن اختطاف الإسرائيليين هم على علم به، فكافة الإجراءات التي يقوم بها الاحتلال تظهر منظمة ومرتبة وغير مرتبكة، كما يقول الاعلام المحلي على عكس الإعلام الإسرائيلي الذي بدأ بالترويج لخبر الاختطاف قبل أسبوعين من وقوعه من خلال الإنذارات والتحذيرات التي كان يطلقها الإعلام الإسرائيلي على ألسنة القادة العسكريين".

وقال الخياط: "أعتقد أن ما نراه اليوم يوحي بأن انتفاضة عام 1987 ما كان لها أن تحدث لو كان بزمنها موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك فما نشهده اليوم محطات نضالية عبر الفيسبوك، ولا يشير إلى انطلاقة ميدانية بإستراتيجية قيادية.

أما المحاضر في جامعة خضوري في طولكرم الدكتور عبد الفتاح السرطاوي فقد ذهب إلى العامل الاقتصادي ومديونية الناس للبنوك وإغراقهم بالفقر. وقال إن إحساس المواطنين بالظلم وانعدام العدالة الاجتماعية والاقتصادية وانعدام الثقة بالمسؤولين من أهم الأسباب التي تحول دون تفجر انتفاضة جديدة تقوم على العامل الشعبي كون هذا العامل يعاني الفقر والديون للبنوك وغيرها.

وأضاف السرطاوي أنه لا يعتقد أن عوامل وعناصر الهبة الجماهيرية متوفرة في هذه الظروف، وهي بالأساس تحتاج إلى إجماع شعبي وإحساس بضرورتها مهما كانت النتائج.

ختاما لا بد من الإشارة إلى أن حالة الاحتقان والإحباطات التي يعانيها الفلسطيني تراهن عليها المجموعات الرافضة لاستمرار الوضع على حاله، لكن الخوف من المواجهة في ظل أمن يفرض نفسه تحت مظلة مصلحة الوطن والمواطن يتجه بالحالة الفلسطينية إلى حالة أكثر يأسا وإحباطا، وما إقدام مواطن من نابلس على شنق نفسه يوم أمس، وزيادة رقعة انتشار المخدرات في الضفة الغربية في السنوات الأخيرة إلا إشارة إلى الخطر الذي يواجه النسيج الاجتماعي الفلسطيني الذي يحمل أية هبة جماهيرية على أكتافه.
 

التعليقات