منع لاجئين فلسطينيين من سوريا دخول لبنان يشتت شمل العائلات

لاجئون سوريون قادمون من سوريا، بمن فيهم نساء حوامل وأطفال ونساء يرافقهن رُضّع منعوا من دخول الأراضي اللبنانية بسبب تشديد القيود المفروضة على الحدود.

منع لاجئين فلسطينيين من سوريا دخول لبنان يشتت شمل العائلات

قالت منظمة العفو الدولية، في تقرير موجز جديد نُشر اليوم، الثلاثاء، إنّ لاجئين سوريين قادمين من سوريا، بمن فيهم نساء حوامل وأطفال ونساء يرافقهن رُضّع، قد منعوا من دخول الأراضي اللبنانية بسبب تشديد القيود المفروضة على الحدود.

ويسلط تقرير حرمان الفلسطينيين القادمين من سوريا من طلب السلامة في لبنان الضوء على المحنة التي تبعث على اليأس للعائلات التي يتشتت شملها وتقع ضحية لقواعد سريعة التبدل عند محاولتها اجتياز الحدود إلى لبنان. وفي واحدة من أكثر الحوادث الصادمة، مُنعت امرأة تحمل وليداً جديداً من دخول لبنان لدى محاولتها الانضمام إلى زوجها وأطفالهما الخمسة. 

وتعليقاً على ما حدث، قال شريف السيد- علي، مدير برنامج حماية اللاجئين والمهاجرين في منظمة العفو الدولية: "لقد أظهرت السلطات اللبنانية، بمنعها دخول أمٍ لطفل حديث الولادة، بالإضافة الى آخرين، استخفافا خطيراً بحقوق اللّاجئين الهاربين من صراع دموي. فلا يجوز بأي حال من الأحوال منع أي طالب لجوء فارٍ من صراع مسلح من الدخول. وقيام لبنان بذلك ليس سوى استخفافاً بواجباته بمقتضى القانون الدولي".

وقد وجدت أبحاث منظمة العفو الدولية أدلة كذلك على وجود سياسة بمنع دخول جميع اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا الأراضي اللبنانية، بغض النظر عن تلبيتهم لشروط الدخول الجديدة. وتضم الأدلة وثيقة مسرّبة، فيما يبدو من أجهزة الأمن، تأمر شركات الطيران التي تستخدم مطار بيروت الرئيسي بعدم نقل أيّ مسافر من اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا إلى لبنان بغض النظر عن الوثائق التي يحملها. 

وقال شريف السيد- علي إنه "يتعيّن على السلطات اللبنانية وقف سياستها التمييزية الصارخة تجاه اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا. فبينما ألقى تدفّق اللاجئين بأعباء ثقيلة على موارد لبنان، إلا أنه ليس ثمة ما يمكن أن يبرر التخلي عن اللاجئين الفلسطينيين الذين يطلبون الأمان في لبنان".

وقد واجه الفلسطينيون اللاجئون من سوريا كذلك قيوداً خطيرة على إمكانية الدخول الى أراضي الدول المجاورة الأخرى لسوريا. فمنذ يناير/كانون الثاني 2013، منعت الحكومة الأردنية هؤلاء من دخول أراضيها، وأشارت شهادات اللاجئين في 2013 إلى أنّ دخول الفلسطينين اللاجئين من سوريا إلى تركيا قد أصبح أكثر صعوبة من دخول السوريين أنفسهم إليها.

وتابع شريف السيد علي قوله: "للأسف، فإنّ القيود الجديدة في لبنان ليست سوى أحدث الأمثلة على السياسات التي تميّز ضد اللاجئين الفلسطينيين الهاربين من النزاع في سوريا".

وبموجب تعليمات الدخول الجديدة إلى لبنان، يتعيّن على الفلسطينيين اللاجئين من سوريا تلبية شروط معينة لمنحهم الإقامة المؤقتة في لبنان، أو إثبات أنّهم بصدد العبور من لبنان إلى دولة أخرى فقط. وفي الحقيقة، يتعذر على اللاجئين تلبية هذه الشروط الصعبة للغاية، إن لم يكن ذلك مستحيلاً.

ولا تنطبق الشروط المطلوبة من اللاجئين الفلسطينيين من سوريا على المواطنين السوريين. وحتى قبل حدوث التغيّرات الأخيرة في مايو/أيّار 2014، ظلّ الفلسطينيون القادمون من سوريا يواجهون شروطاﹰ مختلفة للدخول.

وأصدرت السلطات اللبنانية في يونيو/حزيران 2014 شروطاً جديدة على اللاجئين السوريين تقضي بتقييد دخول الأشخاص القادمين من الأراضي المجاورة للحدود اللبنانية التي يدور فيها القتال. ولم تتضح الآثار المترتبة على هذه السياسة بعد.

ومضى شريف السيد- علي إلى القول: "لا يجور إرجاع أي شخص يطلب ملاذاً آمناً من الأزمة السورية قسراً إليها. ويتعيّن السماح لكل اللاجئين بالإقامة في لبنان من دون خوف من الاعتقال أو الترحيل".

وما زال أولئك الذين تمكّنوا من عبور الحدود إلى لبنان بأمان يواجهون أوضاعاً قلقة للغاية. فتبعاﹰ لمعلومات وصلت الى منظمة العفو الدولية، لا يُسمح لبعض اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بتجديد وثائق الإقامة أو التأشيرات المؤقتة، ما يتركهم في فراغ قانوني يُعرّضهم للاعتقال أو الترحيل.

وفي بعض الحالات، يجد الأشخاص أنّهم لا يمتلكون الوثائق الصحيحة لتأمين أو تجديد تأشيرات الدخول، ويعودون بسبب اليأس إلى سوريا للحصول على الوثائق. وتحدّث لاجئون آخرون عن صعوبة تأمين الرسوم المطلوبة لتجديد التأشيرات.

تشتيت شمل العائلات

تم فصل سليمان، وهو فتى في الثانية عشرة من عمره، عن والديه وأخيه لمدة سنة تقريباﹰ منذ رجوعهم من لبنان إلى سوريا كي يحصلوا على بطاقات هوية جديدة احتاجوها لتجديد تأشيراتهم في لبنان. ومنذ ذلك الوقت، حاول أهله العودة إلى لبنان أكثر من 30 مرة دون جدوى. وهو الآن يعيش مع عمّه في لبنان.

ومُنعت امرأة تمكنت من الهرب من منطقة مخيم اليرموك المحاصرة من الدخول إلى لبنان في أول محاولة لها في مارس/أذار 2014 على الرغم من أنّها حامل في شهرها السادس ومعها خمسة أطفال. وسمح لها بالدخول في المرة الثانية بمساعدة موظف في الأمم المتحدة. ورفض المسؤولون على الحدود السماح لزوجها وابنيها الأكبر سناﹰ بالدخول إلى لبنان لينضموا  لها بعد شهر لأنّهم فلسطينيون.

ودعت منظمة العفو الدولية السلطات اللبنانية إلى تأمين دخول جميع اللاجئين من سوريا إلى لبنان، وتمكينهم من طلب اللجوء؛ وينبغي أن لا تمنع شروط الدخول أحداً من طلب اللجوء، وعليها أن تحترم مبدأ عدم التمييز.

وتُجدّد المنظمة كذلك دعوتها إلى المجتمع الدولي كي يزيد من دعمه المالي المقدم إلى الدول المجاورة لسوريا، بما فيها لبنان، الذي يستضيف أكبر عدد من اللاجئين من سوريا.

واختتم شريف السيد- علي بالقول: "لا بدّ أنّ القيود الحدودية المفروضة على اللاجئين القادمين من سوريا ستغدو أكثر تعقيداً من دون تأمين دعم ومساندة مالية دولية أكبر. وضخامة أزمة اللاجئين السوريين المتصاعدة تتطلّب رداﹰ دولياﹰ مشتركاﹰ.

"ويُحسب للبنان أنّه، وعلى الرغم من الضغوط التي سببتها له الأوضاع في سوريا، قد ترك الأبواب مفتوحة أمام الفارين من القتال، ولا بد من تشجيعه كي يبقيها مفتوحة للجميع، بمن فيهم الفلسطينيون القادمون من سوريا. ويتعيّن على المجتمع الدولي عدم التغافل عن فشله المعيب في تقديم ما يقترب ولو قليلاً مما ينبغي عليه أن يقدمه للبنان".

التعليقات