ندوة "مدار":إسرائيل تواصل إدارة الصراع وتطور معادلة للتعاطي مع غزة

استبعاد أن تسفر الحرب على غزة عن فتح أفق سياسي جديد، مشيرين إلى ارتفاع وتيرة الحديث عن حل سياسي مع الدول العربية يقفز عن السلطة الفلسطينية

ندوة

استبعد مشاركون في ندوة تحت عنوان "إسرائيل والحرب على غزة" نظمها المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار"، يوم 2/9/2014، أن تسفر الحرب على غزة عن فتح أفق سياسي جديد، مشيرين إلى ارتفاع وتيرة الحديث عن حل سياسي مع الدول العربية يقفز عن السلطة الفلسطينية، إلى جانب تطوير معادلة تخص غزة عنوانها "السلطة على الأطراف وحماس في الوسط".

وتوقع المشاركون مواصلة نتنياهو إستراتيجية إدارة الصراع بأقل الخسائر، مشيرين إلى أنه لم يخرج ضعيفا من الحرب، وإلى أن الشرخ في معسكر اليمين لم يتعمق كثيرا، خاصة في ضوء رضا اليمن عن أداء نتنياهو  في موضوع الاستيطان والمفاوضات وتجاهل السلطة، وفي ظل غياب زعيم منافس يقود معسكر اليمين.

وقالت د. هنيدة غانم، مدير عام "مدار"، في افتتاح الندوة إن الحديث سيتركز على القراءات الإسرائيلية للحرب على غزة وآثارها المتوقعة على مستويات الحكومة والخارطة الحزبية والموقع الجيو-استراتيجي الإسرائيلي، وأيضا طريقة التعاطي مع الملف الفلسطيني.

وركز الباحث والمحاضر في العلوم السياسية د. مهند مصطفى في تناوله للقراءة الإسرائيلية لآفاق ما بعد الحرب ،على معطيات النقاش الرسمي، وعلى التصورات الرسمية عشية الحرب وأثناءها وما بعدها.

ورصد د. مصطفى خمسة تصورات سادت إسرائيل الرسمية بعد توقف المفاوضات وقبل خطف المستوطنين الثلاثة، تشترك أربعة منها في محاولة تحييد السلطة الفلسطينية عن أي دور في الحل والتعامل وكأن السلطة غير موجودة.
وأشار مصطفى إلى تصور يائير لبيد (الوسط) الذي طرح خطة تتضمن توضيحا لرؤيته السياسية الغائمة، وتشتمل على بنود تنفيذية لأول مرة تتلخص بإعادة انتشار في المناطق التي تخلو من المستوطنات، تليها خطوات بناء ثقة  تتضمن إخلاء مستوطنات نائية، تختتم بترتيبات لحل تصوغه إسرائيل مع  أميركا، دون أي دور  للسلطة الفلسطينية ولرئيسها محمود عباس فيه.

التصور الثاني القادم من اليمين رفع لواءه نفتالي بينيت، يتلخص في ضم المناطق المسماة "ج" إلى دولة إسرائيل، طورها فيما بعد إلى ضم  تدريجي لهذه المناطق.

أما التصور الثالث فألقى به وزير الخارجية  ليبرمان وتحدث فيه عن حل إقليمي يقفز عن الجانب الفلسطيني،  تزامن مع ترويج قوى لفكرة أن الرئيس  أبو مازن ليس شريكا.

وأوضح مصطفى أن التصور الوحيد الذي أعطى دورا للسلطة الفلسطينية كان  تصور تسيبي ليفني، حيث تحدث عن مفاوضات بين جانبين.

وركز مصطفى على التصور الخامس الذي يستثني السلطة الفلسطينية وهو تصور بنيامين نتنياهو حيث عاد في هذا التصور إلى بداياته ليتحدث عن عدم وجود شريك، وركز  في خياراته الداخلية والخارجية على إدارة الصراع.

ولفت مصطفى إلى شيوع ثقة إسرائيلية عالية بإمكانية مرور  هذه التصورات والاكتفاء بإدارة الصراع دون خسائر .

ونبه إلى الكيفية التي تم فيها التعاطي مع قضية خطف المستوطنين حيث اعتبرت  إعلان حرب على إسرائيل وتم تصعيدها لتصبح رافعة للاستراتيجية الإسرائيلية، وأداة من أدوات ضرب المصالحة، ونزع الشرعية عن حكومة الوفاق وتعميق خطاب غياب الشريك، وتقويض السلطة التي تعامل نتنياهو باستخفاف مع إدانتها للحادث.

وفي سياق الحديث عن التعامل مع حماس، أوضح مصطفى أن إسرائيل انتقلت بعد الانقسام من التعامل الأمني إلى التعامل  السياسي، فقد  انتقل نتنياهو من شعار إسقاط  حماس في غزة إلى التعامل مع الانقسام كمصلحة إسرائيلية كونه يخدم استراتيجية إدارة الصراع، هذا التعاطي السياسي عبر عن نفسه في مفاوضات غير مباشرة وفي أكثر منه. وخلص مصطفى إلى أن إسرائيل طورت معادلة جديدة عنوانها  "السلطة على الأطراف وحماس في الوسط" في التعاطي مع غزة بعد الحرب،  بمعنى وجود السلطة على المعابر وإبقاء حماس في الداخل.

وقدم الباحث أنطوان شلحت قراءة في تداعيات الحرب على الساحة الداخلية ورؤية إسرائيل لموقعها الإقليمي في ضوء الحرب.

وركز شلحت على أن  جوهر الجدل الإسرائيلي أثناء الحرب وبعدها دار بين اليمين الكلاسيكي (الذي مثله نتنياهو، ووزير الدفاع) واليمين المتطرف، وتركز حول أهداف الحرب وكونها كافية أم متواضعة، ما يدل على اشتمال إسرائيل في المرحلة الراهنة على مكون يميني قوي، ومكوّن وسط هش أقرب إلى اليمين، مضيفاً أن اليسار الصهيوني بدا وكأنه   تبخر، وربما لن يعود بسهولة إلى حجمه السابق، وأشار إلى أن هذا اليسار تماهى مع الحرب ورفض المشاركة في تظاهرات رافضة للحرب، وتمثل النقد الوحيد الصادر عنه بضرورة وجود خطة سياسية إلى جانب الحرب.

واستبعد شلحت أن تسفر الحرب على غزة عن إطاحة "رؤوس كبيرة" كما حدث   في الحرب على لبنان العام 2006، لافتاً إلى أن التحقيقات الداخلية ستقودها جهات من داخل المؤسسات الرسمية. وستركّز على الأداء العسكري أكثر مما على الأداء المدني- السياسي.

وأشار شلحت إلى أنه بحسب استطلاعات الرأي العام ما يزال  نتنياهو الأكثر شعبية بعد الحرب والأقدر على قيادة إسرائيل ومعسكر اليمين لأسباب تتعلق ببديليه- ليبرمان وبينت- والمحددات الديمغرافية الطارئة على قوتهما الانتخابية.

ولفت شلحت إلى سيطرة معسكر "ما بعد الديمقراطية" بتياريه الدينيّ المتعصّب والاستبدادي على إسرائيل، وإلى بروز عدة مظاهر فاشية في المشهد السياسي، وإلى انتقال مصطلحات من نوع "جباية الثمن" من عصابات المستوطنين لتصبح خطاب دولة.

وختم شلحت مداخلته بالإشارة إلى رغبة إسرائيل في الاستفادة من المشهد الإقليمي الراهن عبر امتداح ما تسميه "الدول السنية المعتدلة"، من باب اعتبارها لنفسها  شريكا في عداء إيران والحركات السلفية الأصولية.   

التعليقات