قطع وسرقة الزيتون الفلسطيني بين غياب السلطة والفصائل الفلسطينية والتضامن الأجنبي

ما بدنا نكذب على بعض، عدة مرات وجهنا لهم الدعوات للمشاركة سواء في المقاومة الشعبية أو لحماية الأرض لكن لم يأتوا، بل ونرفع لهم الكتب لمساندة الناس ولاستصلاح الأراضي لكن لا نرى تفاعل لدرجة أن الناس يتوجهون إلى المنظمات غير الحكومية ولا يت

 قطع وسرقة الزيتون الفلسطيني بين غياب السلطة والفصائل الفلسطينية والتضامن الأجنبي
عندما تخضع الأرض لبروتوكولات الاستقبال والوداع، ويخضع الزيتون لعدسات المصورين الذين يلتقطون صور الوزراء عوضا عن الأشجار المقطعة والأراضي المحترقة، عندما تشعل فتيل المواجهة والتصدي لجنون المستوطنين متضامنة فرنسية أو بريطانية  أو أمريكية، وقد تكون متضامنة إسرائيلية أحيانا، ويبقى ملف الأرض في جارور سكرتيرة بمكتب الوزير أو الوكيل أو غيرهما من أصحاب المعالي والعنايات الكثيرة التي نسيت أن الصابون صناعة نابلسية وأن زيت الزيتون الذي أصبح بقدرة قادر مجرد وكالة وملفا أزرق في جارور تكون بعد كل هذا قضايا الأرض والإنسان الفلسطيني مجردة من الحماية وعرضة للانتهاك والإجرام الإسرائيلي اليومي بحق الأرض وزارعها.
أشكال متعددة تتسيد المواجهة بمسميات مختلفة منها من يبيح ويبرر التواصل والتنسيق مع  المتضامنين الإسرائيليين والأجانب، ومنها من يرفض هذا النهج تحت مبرر التمويل وتحت شعار "لا يحرث الأرض إلا عجولها"، وجميع هذه الأشكال توجه انتقادها للسلطة الفلسطينية والفصائل الفلسطينية لاختفائها عن ساحة المواجهة مع المستوطنين من جهة، ومن الجهة الأخرى لتقاعسها عن القيام بواجباتها اتجاه المزارعين وحمايتهم من تهديدات قطعان المستمرة لهم ولأراضيهم وممتلكاتهم.
مسؤول ملف الجدار والاستيطان في شمال الضفة الغربية غسان دغلس قال بعصبية لـ"عرب48": "هم يأخذون كل شيء ملفات الجدار والاستيطان والوزارات ولا ينفذون أي شيء منها، بل إنهم لا يعرفون الجغرافيا حتى".
وأضاف: "كنا بالأمس في قرية يانون وكانت هناك محاولات من المستوطنين لسرقة "شوالات" الزيتون، وسنكون في قريتي دير الحطب وعزموط، وأهان المواطنون المستوطنين بالأمس، فوجود الناس بكثرة يخلق الرعب لدى المستوطنين الذين ينتهزوا الفرصة لهجماتهم بالليل".
وشدد دغلس على أن حرق أشجار الزيتون وتقطيعها من قبل المستوطنين يؤثر علينا لـ15 سنة قادمة، ونحن نخوض حربا كبيرة وخطيرة معهم، وهم (أي المستوطنين) يعلمون أن شجرة الزيتون تمثل هويتنا وعلمنا".
وقال إن ما يساعدنا في ملف مقاومة الجدار والاستيطان في فعالياتنا لمقاومة الاحتلال هو انتماء الناس وارتباطهم بأراضيهم وإصرارهم للوصول لأراضيهم حتى لو كانت داخل المستوطنات، متهما في الوقت نفسه الفصائل الفلسطينية بالتقصير ومشددا على أن المشاركة الشعبية هي التي فرضت على الاحتلال إعادة فتح طريق قرية كفر قدوم.
من جهته قال حسن بريجية، مسؤول المقاومة الشعبية في منطقة بيت لحم، الذي ينظم مسيرة المعصرة الأسبوعية ضد الجدار والاستيطان أن لموسم قطف الزيتون قدسية خاصة عند الإنسان الفلسطيني وأن له تداعياته الاقتصادية والاجتماعية  والتاريخية إضافة لرمزيته الوطنية، في الوقت الذي يعني هذا الموسم للإسرائيلي ممارسة الجنون "حقيقة هم يجنوا ويخرجوا عن طورهم" وبنظر المستوطنين ترمز الحالة الموسمية لقطف الزيتون بالنسبة للفلسطيني وكأنه يجبل نفسه بالأرض وترابها، بالتالي هم يحاولون تحطيم النفسية والروح المعنوية للفلسطينيين عبر تكسيرهم للأشجار وحرق المزروعات.
وأضاف بريجية:  "أمس الأول أحرق المستوطنين أشجار في قرية نحالين وأحرقوا 38 شجرة زيتون في عين البطاط بقرية حوسان وكسروا 200 شجرة مثمرة، هؤلاء ناس غير طبيعيين، لديهم كراهية ممنهجة ضد هذه الشجرة لأنهم يعلمون مدى قدسيتها وحجم قيمتها لدى الفلسطيني".
واعتبر بريجية أن الدافع لدى المستوطنين ليس لكسر الدافع الوطني لدى الفلسطينيين بل لكسر إصرارهم على الوصول لأراضيهم حتى تلك المحاطة بالبيوت الاستيطانية والكرافانات.
وقال بريجية أن القيادة السياسية والفصائل الفلسطينية لم يرتق فعلهما لمستوى تضحيات وإصرار الفلاح الفلسطيني ولحجم التهديدات التي يتعرض لها والضغوط التي تمارس ضده ولا أيضا لحجم انجازاته عبر صموده وتصديه لمحاولات الضم الإسرائيلية، كما أن هناك أيضا جزء من التقصير لدى اللجان الشعبية التي تعاني من خلافاتها، وأيضا لدى المزارع الفلسطيني الذي يهمش أرضه، وبالمجمل العام لا توجد علاقة طردية بين القيادة السياسية والفصائل من جهة وبين إصرار الفلاح الفلسطيني بل لا توجد بينهما أي علاقة.
فيما أكد خالد منصور مدير فرع نابلس في الإغاثة الزراعية الفلسطينية لـ"عرب48": "من الواضح أن ممارسات وعنجهية المستوطنينين الإسرائيليين تشتد مع بداية موسف قطف الزيتون، ولو قمنا بدراسة حول هذا الأمر لوجدنا أن مجموعات منظمة تهدف وتعمل على إفشال هذا الموسم، ويستخدمون كافة الأساليب التي تهدف إلى تهجير الفلسطينيين واقتلاعهم من أراضيهم، عبر الاستيلاء على الأراضي وحرق وتكسير الأشجار وتقطيعها وإعاقة وصول المزارعين إلى أراضيهم، وهذا العام بدأوا مبكرا بممارساتهم في قرى بورين وياسوف وعورتا  والحبل على الجرار".
وأضاف منصور: "لايمكن لي أن أعطي صورة كاملة الآن والموسم في بدايته، إلا أن هناك مخاوف واضحة لدى الفلسطينيين الذين يمتلكون أراض قريبة من الأسلاك الشائكة للمستوطنات، بالتأكيد هناك خوف عندهم  من عدم تمكنهم من وصولهم لأراضيهم ومن هجمات المستوطنين عليهم".
وفي تقييمه للناتج الإجمالي لحجم وعطاء الزيتون هذا العام قال إنه ضعيف ولا يتعدى 50% أو أقل، وأن الإغاثة الزراعية ستتوجه غدا إلى بلدة سلفيت في عمل تطوعي لمساعدة المزارعين على قطف ثمارهم.
وأشار منصور إلى أن عدد سكان سلفيت أصبح أقل من سكان المستعمرات المحيطة بها، وأن ما يجري حاليا من تسليط الأضواء على الاعتداءات في القدس يقابلها اعتداءات أخطر في الضفة الغربية "وقد قلت سابقا نحن مولين وجوهنا صوب غزة إبان الحرب، لكن المعركة الحقيقية تجري في الضفة الغربية وأراضيها".
وأضاف منصور: "لقد شاركنا العام الماضي بثلاثة عشر يوما تطوعيا، لكننا هذا العام وضعنا برنامجا لـ28 يومًا لمساعدة المزارعين رغم أن موسم قطف الزيتون يحتاج إلى آلاف المتطوعين، وأنا أسال هنا الأمن الوطني الفلسطيني الذي يشغل 700 عنصر في طوباس لوحدها،  لماذا لا يرسلون متطوعين من الأمن الاوطني لمساعدة المزارعين؟".
"أنا اقول لكم، رأيت أحد الوزراء جاء ليتصور بين المزارعين، أتى بسيارة طولها ستة امتار وتحيط به 16 سيارة مرافقة ويمكن لم يقطف أكثر من ست حبات زيتون في الدقائق الخمس التي أمضاها بين المزارعين لالتقاط الصور بوجود إعلاميين كان قد أخبرهم بخطوته هذه، وأقول لكم أيضا أننا أصبحنا نواجه تهمة من الناس بأننا مثل المسؤولين، لأن مساعدة الناس ليست بحاجة لمثل هذه الأعمال الاستعراضية والتي أصبحت مستفزة للمواطن".
وحث منصور طلبة الجامعات وأبناء المخيمات على القيام بأعمال تطوعية، على غرار تلك التي كانت في أوائل الثمانينات، وبدلا من أن يوجه الطلبة لبعضهم التهم وخوض نقاشات فصائلية لا معنى لها ويصرف لهم آلاف الدولارات، يجب أن يتخذوا قرارات  بإطلاق حملات تطوعية ونحن مستعدون لمساعدتهم في مصاريف التنقلات وغيرها، خاصة أننا نتحدث عن الحاجة الماسة لهذه الحملات وللتطوع، خاصة أن هناك 150 ألف دونم داخل الجدار.
وكشف منصور أن عدد المتضامنين الأجانب قل هذا العام عن الأعوام السابقة، وقال أن هناك أجانب اعتادوا المجيء كل موسم، إضافة إلى الرسائل التي يحملوها إلى شعوبهم ودولهم أيضا لا يكلفونا شيء.
واعتبر منسق اللجان الشعبية  في الخليل يوسف أبو ماريا أن محافظة الخليل لا تختلف عن أي منطقة فلسطينية أخرى من نواحي التهديدات والممارسات الإسرائيلية بحق المزارعين الفلسطينيين وممتلكاتهم، وحث المزارعين على الثبات في أراضيهم رغم كل ما يتعرضوا له.
وعلى صعيد الدعم الحكومي الرسمي والفصائلي للمزارعين وللخطوات الاحتجاجية التي تقوم بها اللجان الشعبية قال ابو ماريا: "ما بدنا نكذب على بعض، عدة مرات وجهنا لهم الدعوات للمشاركة سواء في المقاومة الشعبية أو لحماية الأرض لكن لم يأتوا، بل ونرفع لهم الكتب لمساندة الناس ولاستصلاح الأراضي لكن لا نرى تفاعل لدرجة أن الناس يتوجهون إلى المنظمات غير الحكومية  ولا يتوجهون للوزارة.
وحول الجدل من مشاركة المتضامنين الأجانب والإسرائيليين في فعاليات المقاومة الشعبية واتهامهم بتلقي أموال من الأوروبيين، قال أبو ماريا: "نحن دائما نقول ما بحرث الأرض غير عجولها، ولكن إذا توفرت حملات تضامنية لماذا نرفض؟ خاصة أن هذه المتضامنة  تحميني أولا وثانيا تنقل الرسائل والمشاهدات إلى بلدها حول ما تشاهده من قمع إسرائيلي".
وأضاف أبو ماريا: "يوجد الآن وفد فرنسي يتضمن مؤسسات فرنسية وبرلمانيين في يطا، نظر إلى الجدار وصدم مما رآه من أبراج عسكرية ومن اعتداءات وإعاقات للمواطنيين".
أما على صعيد التمويل قال أبو ماريا: "أتسائل إذا ما كان هناك من يسافر للخارج لعقد المؤتمرات التي تطالب الأوروبيين بالتمويل وبالدعم المالي، حسب ما أراه هنا، الأجانب يشاركوننا أكثر من الفلسطينيين والعرب".

التعليقات