خسر ابنته بالشلل الدماغي... فافتتح مركزًا لعلاجه

وفاة الطفلة الفلسطينية سجى البطة، ابنة الـ18 شهرًا، في قطاع غزة، بعد إصابتها بمرض الشلل الدماغي، الذي نتج عن التهاب السحايا، دقت ناقوس الخطر الذي يتعرض له نظراؤها من المصابين في القطاع.

خسر ابنته بالشلل الدماغي... فافتتح مركزًا لعلاجه

وفاة الطفلة الفلسطينية سجى البطة، ابنة الـ18 شهرًا، في قطاع غزة، بعد إصابتها بمرض الشلل الدماغي، الذي نتج عن التهاب السحايا، دقت ناقوس الخطر الذي يتعرض له نظراؤها من المصابين في القطاع.

سجى واحدة من عشرات المرضى الذين توفوا نتيجة خطأ في التشخيص الطبي، الذي خضعت له في أحد مستشفيات القطاع، بعد إصابتها بارتفاع حاد في درجة حرارة جسدها.

وقبل وفاتها، أرجع الأطباء وبشكل مكرر ارتفاع درجة حرارتها إلى إصابتها باحتقان اللوز، لكن ما تم اكتشافه بعد وفاتها، أنها كانت مصابة بالشلل الدماغي، كما قال والدها الإعلامي، بسام البطة، لمراسلة وكالة الأناضول للأنباء.

فبعد مرور شهرين من وفاتها، لم يستسلم والدها للحزن الذي امتلكه بسبب فقدانها، بل جعل وفاتها دافعًا يحفّزه للبحث عن حالاتٍ مصابة بـ'الشلل الدماغي'، خاصة الإصابة المُبكرة بالمرض، ودراسة أوضاعهم الاجتماعية.

وقال البطة 'فالحزن يجب أن لا يدفن في مقبرة النسيان، لكنه يجب أن يتحول إلى ابتسامة ننشر عبيرها على كل الوجوه التي تتألم، والتي تشابه معاناتها معاناة طفلتي سجى، وثأرت لها بثقافة الخير، والأمل'.

وأثناء الدراسة الميدانية لحالات الأطفال المصابين بالشلل الدماغي، صُدم البطة بواقع اجتماعي متردٍ، يعيشه أولئك الأطفال، يُضاف إليه سوء التشخيص الطبي، الذي يضاعف من تردي أوضاعهم الصحية، وقد يؤدي إلى الوفاة في بعض الأحيان، حسب البطة.

تبلورت فكرة إنشاء مركز لرعاية وإيواء الأطفال المصابين بالشلل الدماغي بعد وفاة الطفلة سجى، لكن ما وضع حجر الأساس لتلك الفكرة، هو اصطدام الإعلامي البطة، بعائلة مفككة اجتماعيًا، فقيرة، تضم بين أفرادها أربعة أطفال مصابين بالشلل الدماغي، وترعاهم طفلة تبلغ من العمر 13 عامًا فقط.

ويعد مركز سجى لإيواء ورعاية الأطفال المصابين بالشلل الدماغي، الأول من نوعه في قطاع غزة.

وتابع البطة 'تلك العائلة كانت مفككة اجتماعيًا، ناهيك عن وفاة أحد الأطفال الأربعة المصابين بالشلل الدماغي، ومكوثه لساعات طويلة داخل المنزل، ميتًا، دون علم أحد من أفراد عائلته'.

ويرى أن الأطفال المصابين بالشلل الدماغي يعانون من أوضاع اجتماعية وعائلية صعبة للغاية، مضيفًا 'للفقر دور في تدهور الوضع الصحي للأطفال، وجهل التعامل من تلك الحالات يسوء من أوضاعهم أيضًا'.

وافتتح البطة، مركز سجى، معتمدًا على التبرعات الفردية الخيرية، لتلبية احتياجات الأطفال المرضى، الذين تم إيواؤهم داخل المركز، ولتوفير احتياجات المرضى الآخرين الذين يترددون للمركز للاستفادة من خدماته، بشكلٍ يومي.

ويتابع 'لم نحصل حتّى اللحظة على تمويل حكومي، أو مؤسساتي مدني، يدعم وجود مركز يقدم خدمات اجتماعية لفئة تعاني من تهميش واضح، ويعتبر الأول من نوعه بغزة كمركز خدماتي وإيواء'.

ويأوي مركز سجى 22 شخصًا مصابًا بالشلل الدماغي، جلهم من الأطفال، بينهم خمسة من الكبار في السن.

كما يستقبل يوميًا ثلاثة مجموعات بواقع 32 طفلًا، تضم كل مجموعة حوالي 17 طفلًا، تقدّم لهم خدمات اجتماعية مختلفة.

ويذكر البطة أن مركز سجى يقدم خدمات لتعليم النطق السليم للأطفال المرضى القادرين على الاستيعاب، كما يقدّم خدمة العلاج الطبيعي، لتليين العضلات، وتحسين قدرة المصابين بالشلل الدماغي على الحركة.

 بالإضافة إلى تقديم خدمات ترفيهية تعمل على إعادة تأهيل الأطفال اجتماعيًا وتنمية الجوانب النفسية والانفعالية لديهم، حسب البطة.

وأضاف 'نقدم، أيضًا، برنامج الخدمة المنزلية، بحيث يتواجد العشرات من الحالات التي تعاني من وضع صحي صعب، وبحاجة إلى الخدمات التي نقدمها داخل المركز، فينتقل الطاقم إلى منزل الحالة ويقدم له كافة الخدمات الاجتماعية والنفسية'.

ويلفت إلى أن المركز يتلقى عشرات الطلبات يوميًا من أهالي أطفال مصابين بالشلل الدماغي، لكن القدرة الاستيعابية للمركز غير قادرة على استقبال المزيد.

وتابع قائلا 'كما أن أكثر العاملين في المركز يعملون بنظام التطوع، إذ يحصلون على مرتبات زهيدة جدًا، تُعطى في المؤسسات الأخرى كبدل للمواصلات مثلًا'.

ويشير البطة إلى أن مركز سجى يسعى –خلال الفترة القصيرة القادمة- للتعاون مع المؤسسات الصحية الحكومية والأهلية، لوجود فحص وتدخل طبي مبكر سواء أثناء الولادة أو بعد الولاد، لحالات الأطفال المصابين بالشلل الدماغي، مرجعًا ذلك إلى أن استجابة الطفل للتحسن منذ لحظة اصابته تكون بشكل أكبر وملحوظ.

ويتخوف البطة أن يتسبب العجز المالي الذي يعاني منه مركز سجى، القائم بشكل أساسي على تبرعات فردية، من إغلاق أبوابه في المستقبل، وحرمان مئات الأطفال من الخدمات التي يقدمها المركز.

وقال إن 'مهمة دعم المركز مهمة إنسانية بالدرجة الأولى، وفي حال إغلاق أبوابها هذا يعني أن الإنسانية فشلت في قطاع غزة، فنحن ندعو لتكاتف الجهود من أجل الأطفال المصابين بالشلل الدماغي'.

وفي ذات السياق، تقول الستينية سميرة مصطفى، المصابة بشلل دماغي، نتج عن إصابتها بنوبة من الخوف، خلال العدوان الذي شنّته إسرائيل على قطاع غزة عام 2008- 2009، 'أصبت بالشلل الدماغي بعد أن قصفت الطائرات الإسرائيلية جامعًا قريبًا من منزلها، لكن ساعدني المركز في إعادة تأهيلي اجتماعيًا، ونفسيًا'.

وحسب إحصائية أصدرتها وزارة الشؤون الاجتماعية الفلسطينية، فإن هناك ما يقارب 2.5% من مجتمع قطاع غزة (1.9مليون نسمة)، من الأشخاص ذوي الإعاقة، حيث يبلغ عدد المشمولين في برامج الحماية نحو 39877 شخصًا.

وأضافت إن الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة، منذ عام 2007، يضاعف معاناة المعاقين.

التعليقات