الاحتلال يرفض توفير الحماية لسماسرة الأراضي الفلسطينيين

الاحتلال يترك العميل بعد انكشاف أمره يواجه مصيره الأسود، سواء من خلال المطاردة المتواصلة أو السجن أو التصفية الجسدية، دون أن يوفر له الحماية

الاحتلال يرفض توفير الحماية لسماسرة الأراضي الفلسطينيين

البؤرة الاستيطانية "مغرون" حيث يدعي المستوطنون أنهم حصلوا على الأرض من فلسطينيين

مرة أخرى يتضح بدون أدنى شك أن أي احتلال لا يأبه لمصير عملائه في حال لم يعد يرجو منهم أية فائدة، خاصة في حال افتضاح تعاونهم مع الاحتلال، ليلقى به إلى المصير الأسود الذي ينتظر كل المتعاونين.

ويتناول التقرير التالي حالات تعاون مع الاحتلال، والتي تقتصر أساسا على سماسرة الأراضي الذين يلهثون ليل نهار من أجل بيع الأراضي الفلسطينيين لدولة الاحتلال، كمؤسسات وكمستوطنين.

ويؤكد التقرير مرة أخرى على أن العظام التي يلقي بها الاحتلال للمتعاونين هي أمر عابر، سرعان ما يتوقف ليترك العميل يواجه مصيره الأسود، سواء من خلال المطاردة المتواصلة أو السجن أو التصفية الجسدية، دون أن يوفر له الاحتلال الحماية.

ويتضح أنه في 95% من الحالات التي يقدم فيها المتعاونون الفلسطينيون مع الاحتلال طلبات حماية من دولة الاحتلال، في أعقاب تهديدات يواجهونها في مناطق السلطة الفلسطينية على خلفية تعاونهم مع الاحتلال، ترفض طلباتهم.

وكان قد صدر قبل أسبوع قرار من المحكمة العليا رد على شكوى تقدم بها متعاون من الضفة الغربية ضد "منسق عمليات الحكومة الإسرائيلية"، يدعي فيها أن حياته في خطر بسبب تعاونه مع الاحتلال وتورطه في بيع أراض لليهود. ورفضت المحكمة الإسرائيلية الطلب.

وكانت ما تسمى "لجنة المهددين"، قد قررت في كانون الأول/ يناير أنه لا يوجد أي مؤشر يشير إلى وجود تهديد على حياته في مناطق السلطة، ولذلك فإن الطلب مرفوض.

تجدر الإشارة إلى أن "لجنة المهددين" هي الهيئة المخولة بمناقشة طلبات المتعاونين الفلسطينيين من سكان الضفة وقطاع غزة الذين يدعون أن حيواتهم في خطر بسبب تعاونهم مع أجهزة أمن الاحتلال. وتضم اللجنة ممثلين عن الأجهزة الأمنية  الإسرائيلية وجيش الاحتلال والشرطة ووزارة القضاء. وتتخذ اللجنة قراراتها بموجب معيارين أساسيين: الأول وجود مؤشرات تشير إلى وجود خطر حقيقي على حياة المتعاون بسبب تعاونه؛ والثاني مدى الخطر الذي قد يشكله تواجده في داخل إسرائيل على سلامة الجمهور الإسرائيلي وأمنه.

في السياق ذاته، تجدر الإشارة إلى أنه قبل عدة أيام ثارت عاصفة عندما تم توثيق الناشط عزرا ناوي في تحقيق لبرنامج "عوفدا" وهو يتحدث عن  تسليم أسماء سماسرة أراض فلسطينيين إلى أجهزة أمن السلطة باعتبار أنهم باعوا أراضي لليهود، وسارع وزير الأمن موشي يعالون ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو إلى الهجوم على السلطة الفلسطينية بسبب تعريض حياة سماسرة الأراضي للخطر.

وبحسب تقرير نشرته صحيفة "هآرتس" اليوم الخميس، فإن محامي المتعاونين، وخاصة سماسرة الأراضي، الذين رفضت طلباتهم يؤكدون أنه قد جرى التعرض لهم في مناطق السلطة بعد أن قررت المحاكم الإسرائيلية أن حياتهم ليست في خطر.

وبحسب التقرير، فإن ضابط "لجنة المهددين"، التي تجتمع مرة في الشهر، يسعى لاستيضاح خلفية التهديدات التي يتعرض لها سمسار الأراضي أو المتعاون، والإجراءات التي اتخذتها ضده السلطة الفلسطينية وأين يمكث في إسرائيل أم في مناطق السلطة، ويطلب من ضابط التنسيق والارتباط اتخاذ قرار بشأن حصول المتعاون على تصريح بقاء في إسرائيل لمدة شهر إلى حين تجتمع اللجنة لمناقشة قضيته.

ويتضح أنه حتى لو قررت اللجنة أن حياة المتعاون في خطر، فإن التصريح الممنوح له لا يسمح له بالعمل، ولا يوفر له المساعدة الطبية أو الاجتماعية. وتقوم هيئة ذات صلة في "وحدة تنسيق عمليات الحكومة في مناطق السلطة" سنويا بفحص ما إذا كان الخطر على حياة المتعاون لا يزال قائما، وفي حال تقرر أنه غير قائم يطلب منه العودة إلى الضفة الغربية.

وبيّن التقرير أن غالبية طلبات المساعدة التي يقدمها المتعاونين ترفض، حيث أنه في العام 1014 لم تتم الموافقة إلا على 3 طلبات من بين 136 طلبا، وفي العام 2015 لم تتم الموافقة إلا على 9 طلبات من بين 222 طلبا.

من جهته يقول مكتب "منسق عمليات الحكومة في مناطق السلطة" إن المكتب يعالج قضايا سماسرة الأراضي الذي يبيعون أراضي لمؤسسات الدولة مثل "الهستدروت الصهيونية" أو "الكيرن كيميت"، وليس بيع أراضي لإسرائيليين أفراد. في حين يقول المحامي رونين كوهين، الذي قدم التماسات كثيرة من هذا النوع، إن مكتب منسق عمليات الحكومة غير سياسيته مؤخرا، فهو يعالج فقط المهددين على خلفية تعاونهم مع إسرائيل، أما بيع الأراضي لإسرائيليين فهي ليست في إطار عمل المكتب.

ويقول محام آخر مثل سماسرة أراض منذ أكثر من 20 عاما، فيقول إنه لم يكن يجري أي تمييز بين عمليات بيع أراض لإسرائيليين أفراد أو لمؤسسات دولة.

ويقول المحامي يدين عيليم، الذي مثل متعاونين ادعوا أنهم يواجهون تهديدات، لصحيفة "هآرتس"، إنه إذا كانت الدولة تعتقد أن حياة سماسرة الأراضي في خطر بسبب بيع أراض ليهود، فيجب أن توفر لهم الحماية، ولكن ما يحصل هو أنها لا توفر لهم الحماية من جهة، ومن جهة ثانية تطرح اداءات ضد شخص قام بتسليم أسماء سماسرة أراضي لسلطة تهددهم بالتعذيب والموت. على حد قوله.

ويضيف التقرير أنه بالرغم من أن إسرائيل تعترف بتعامل السلطة الفلطسينية مع سماسرة الأراضي، إلا أنها لا تأبه لمصيرهم. وعلى سبيل المثال، فإن فلسطينيا تم اعتقاله قبل عدة سنوات من قبل أجهزة الأمن الفلسطينية بشبهة بيع أراض لليهود. وبعد التحقيق معه قدمت ضده لائحة اتهام. ومكث في السجن سنتين إلى حين أفرج عنه بكفالة. وعندها فر لإسرائيل. وقررت "لجنة المهددين" أن حياته ليست في خطر وبالتالي لا يستطيع المكوث في البلاد، فاضطر للعودة إلى مناطق السلطة حيث جرت عدة محاولات لاعتقاله، وصدر أمر اعتقال ضده بدون إمكانية للإفراج عنه.

وفي حالة أخرى مماثلة، قررت "لجنة المهددين" أنه لا يوجد سبب لتمديد تصريح مكوث متعاون فلسطيني في البلاد، كان قد صدر عليه حكم بالإعدام وعقوبتان تصل كل منهما إلى 15 عاما مع الأشغال الشاقة بتهمة بيع أراض ليهود والتعاون مع الاحتلال. وبحسب التقرير فإن الشخص نفسه كان يتعاون مع الشاباك ومع ما يسمى "الإدارة المدنية"، وأنه اعتقل لهذا السبب في السابق وأمضى 6 سنوات في السجن. وتم إخراجه من السجن بعد وصول قوات الاحتلال إلى السجن المحتجز فيه. وبعد أسبوعين تعرض لإطلاق نار أمام منزله من قبل مسلحين. وتبين أن أحد أبناء عائلته قتل على خلفية شبهات بالتعاون مع قوات الاحتلال، في حين سجن قريب آخر له بنفس التهمة. وخلال مكوث المتهم في إسرائيل صدر قرار غيابي ضده بالإعدام. وبعد أن حصل عدة مرات على تصريح بالمكوث في إسرائيل لفترات قصيرة، تقرر في العام الأخير أنه لا يوجد أي داعي لتمديد مكوثه في البلاد بادعاء أن حياته ليس معرضة للخطر في مناطق السلطة الفلسطينية.

وبحسب اللجنة فإنها تقوم أيضا بفحص الماضي الجنائي لمقدم طلب المكوث في البلاد، وأنه في إحدى المرات رفض طلب متعاون فلسطيني رغم أنه كان مهددا، وذلك بعد أن تبين أنه ارتكب اعتداءات جنسية بحق أشخاص يعانون من مشاكل نفسية. كما سبق وأن رفضت اللجنة عدة طلبات بداعي أن السلطة الفلسطينية لا تخرج إلى حيز التنفيذ العقوبات التي تصدر بحق المتعاونين.

ويشير أحد المحامين إلى عدة حالات تم فيها رفض طلبات متعاونين مع الاحتلال بالمكوث داخل إسرائيل، وبالنتيجة فقد كان مصيرهم التصفية في مناطق السلطة الفلسطينية.

التعليقات