أبواب الغرب لن تفتح لحماس رغم الوثيقة الجديدة

توافق حماس في الوثيقة على إقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967، دون الاعتراف بشرعية دولة إسرائيل. واحتوت الوثيقة على العديد من البنود التي تؤكد على رفض الحركة للتطرف وتؤكد على "الوسطية والاعتدال".

أبواب الغرب لن تفتح لحماس رغم الوثيقة الجديدة

مشعل وهنية قبل إعلان الوثيقة

اتفق محللون سياسيون فلسطينيون على أن الوثيقة السياسية الجديدة، التي أعلنتها حركة حماس، الإثنين الماضي، قد لا تساعدها على إقامة علاقات مع الدول الغربية.

وقالوا في حوارات منفصلة إن المجتمع الدولي يصر على تقديم حماس لتنازلات كبيرة، أهمها الاعتراف بحق إسرائيل بالوجود ونزع سلاحها قبل القبول بها كلاعب سياسي في الشأن الفلسطيني.

لكنهم اختلفوا حيال قدرة هذه الوثيقة على تحسين علاقات الحركة مع الدول العربية التي تناصب جماعة الإخوان المسلمين العداء.

وأعلنت حركة حماس، الإثنين الماضي، عن وثيقتها السياسية الجديدة، التي تسعى من خلالها إلى الحصول على القبول الإقليمي والدولي، وإبعاد سمة "الإرهاب" عنها، بحسب مراقبين.

وتوافق حماس في الوثيقة على إقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967، دون الاعتراف بشرعية دولة إسرائيل. واحتوت الوثيقة على العديد من البنود التي تؤكد على رفض الحركة للتطرف وتؤكد على "الوسطية والاعتدال".

كما عرفت حماس نفسها في الوثيقة على أنها حركة فلسطينية، دون الإشارة إلى ارتباطها بجماعة الإخوان المسلمين.

ويستبعد رئيس مركز الدراسات السياسية والتنموية في غزة، الدكتور وليد المدلل، أن تمثل الوثيقة مفتاحًا لبوابة العلاقات بين حماس والدول الغربية.

وقال لوكالة الأناضول إنه لا يعتقد "أن هذه الوثيقة قد تفتح آفاقًا واسعة لحماس كي تقيم علاقات مع دول غربية وأوروبية".

وأضاف أن "الوثائق وحدها لا تكفي، الممارسة بالنسبة للغرب مهمة جدًا، كما أنني لا أعتقد أن الوثيقة جاءت لتكون ثمن لإقامة حماس علاقات مع الغرب".

ويعتقد المدلل أن حماس غير مكترثة بإقامة علاقات على الصعيد الدولي في المرحلة الحالية. وأشار إلى أنها لو أرادت ذلك، لاقْتفت خطوات منظمة التحرير الفلسطينية، واعترفت بإسرائيل، ونبذت المقاومة المسلحة.

لكن المدلل يرجح أن تؤثر الوثيقة إيجابيًا على علاقة حماس بالدول العربية التي أعلنت معاداتها لتنظيم الإخوان المسلمين.

ويتفق محاضر العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، تيسير محيسن، مع المدلل، على أن وثيقة حماس الجديدة لن تكون جسرًا مقنعًا للدول الغربية (الأوروبية والأميركية) للتعامل معها كلاعب طبيعي.

وقال محيسن لوكالة الأناضول": "أعتقد أن حماس خطت خطوة للأمام باتجاه توضيح ذاتها، وكأنها رمت الكرة في ملعب الآخرين، لكن موقف تلك الدول مرتكز في جزء كبير منه على موقف إسرائيل من الحركة".

وأضاف أنه "لا يمكننا مناقشة احتمالية وجود موقف مغاير للغرب من حماس دون النظر لمخرجات ردود الفعل الإسرائيلية تجاه الوثيقة الجديدة".

وكان الناطق باسم الحكومة الإسرائيلية، أوفير جندلمان، قد قال للصحافيين، الإثنين الماضي، إن "وثيقة حماس الجديدة هي محاولة لتلميع صورتها بهدف صد الضغوطات الخارجية التي تمارس عليها، وتحسين علاقاتها مع الدول العربية، خاصة مع مصر".

ويعتقد محيسن أن حماس مطالبة بتقديم تفسيرات إضافية لوثيقتها السياسية، في إطار إقناع الدول الغربية بنفسها.

وقال إن "الحكومات الغربية تعتمد في سياستها الخاصة بالموضوع الفلسطيني على الرؤية الإسرائيلية البحتة، فإسرائيل هي القادرة على النفاذ للعقل الغربي والأوروبي والأميركي تحديدًا".

ويعتقد أن ذلك يتطلب من حماس مضاعفة جهودها على المستوى الإقليمي والدولي، في ظل غياب ما أسماه بـ"الظهير العربي القوي المساند لها".

وقال إن "المطلوب من حماس، هو مزاحمة الرواية الإسرائيلية، والتوصيف الإسرائيلي على لها أنها حركة إرهابية".

ويلفت إلى أن الحصول على نتائج من قبل حماس لن يكون سريعًا، إنما يحتاج ذلك الأمر إلى مراكمة الجهود.

لكن محيسن لا يستبعد إجراء بعض الدول الغربية علاقات سرية مع حركة حماس، باعتبارها "أمر واقع في المنطقة".

وتابع أنه "يمكن للغرب أن يتحدث مع حماس ويجري علاقات سرية معها من تحت الطاولة، لأنها أمر واقع، فكل الموضوعات التي دفعت بعض الدول الغربية للالتقاء بحماس سابقًا، لها علاقة بشكل مباشر أو غير مباشر بإسرائيل".

ويشير محيسن إلى لقاءات سابقة (أو اتصالات) جمعت دول غربية أبرزها روسيا، وألمانيا، وبريطانيا، وسويسرا بحماس، بغرض الحديث عن ملف الجنود الإسرائيليين المحتجزين لديها، أو لارتباطها بقضايا هامة في المنطقة، كالقضية السورية.

وعلى الصعيد العربي، يستبعد محيسن تمكن حماس من تجديد علاقاتها مع الأطراف العربية التي تتبنى موقفًا معاديًا لجماعة الإخوان المسلمين، والتي تنصلت حماس منها في وثيقتها السياسية الجديدة.

وقال محيسن إن "الموضوع أكبر مما جاء في وثيقة حماس، وسقفه أكبر بكثير، بناء علاقات بين تلك الدول وحماس يتعلق برؤية المنطقة، من الواضح أن الإقليم يتماهى مع توجهات غربية لإنهاء ظاهرة الإسلام السياسي، الذي تعتبر حركة حماس جزءًا منها".

ولا يختلف الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل مع سابقيه، حيث يعرب عن شكه الكبير في قدرة الوثيقة السياسية الجديدة على التأثير بشكل إيجابي على علاقات حماس مع الدول الغربية.

وقال إن "حماس قوية ولها تأثير وفعل، إلا أن إقامتها لعلاقات مع الدول الغربية، مرهون بشروط الرباعية الدولية (الولايات المتحدة، روسيا، الاتحاد الأوربي والأمم المتحدة)، أهمها الاعتراف بإسرائيل، وحماس لم تتبنَ هذا الشرط، ولن تتبناه".

وتعبر حركة حماس، بشكل متكرر خلال تصريحات سابقة لها، عن رفضها لشروط اللجنة الرباعية الدولية للسلام والتي تطالبها بالاعتراف بإسرائيل ونزع سلاحها.

وأوضح عوكل أن الدول الأوروبية لو خُيرت في التعامل بين طرفيْن، الأول قدم تنازلات واعترف بإسرائيل (منظمة التحرير الفلسطينية)، والآخر لم يفعل ذلك (حماس)، فالاختيار سيقع على الطرف الأول.

وقال إن "ذلك التعامل مرتبط بجوهر العلاقة بين حماس وإسرائيل، وحماس غير مستعدة للتفاوض مع إسرائيل".  وأضاف أنه "حتى حينما طرحت الحركة قبولها لدولة على حدود 1967، بررت ذلك بكونه مشروع توافق وطني، ولم تتبن الفكرة".

ويرى عوكل أن حركة حماس مضطرة للتنازل عن بعض ثوابتها، كالاعتراف بإسرائيل، في حال أرادت دخول المعترك السياسي والتحالفات الإقليمية.

لكنه يشير إلى أن دخول الحركة لمنظمة التحرير الفلسطينية، يعفيها من الاعتراف بإسرائيل.

وقال إن "منظمة التحرير اعترفت بإسرائيل، بينما حركة فتح، والجبهتين الديمقراطية والشعبية لم يُطلب منهم ذلك، فكون حماس جزء من النظام السياسي يعتبر ورقة رابحة لها".

ويُرجح عوكل أن تؤثر الوثيقة السياسية إيجابيًا على علاقة حماس بالدول العربية المُعادية لتنظيم "الإخوان المسلمين"، خاصة مصر والسعودية والإمارات.

ويقول عوكل إن ذلك يتطلب من حماس أن تكون جزءًا من "الحركة الوطنية الفلسطينية"، من خلال الانخراط في منظمة التحرير.

التعليقات