"إسرائيل ارتكبت جريمة حرب بإلغاء إقامة آلاف المقدسيين"

قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي ألغت منذ بداية احتلالها للشطر الشرقي للقدس عام 1967 وحتى نهاية 2016، إقامة 14,595 فلسطينيا من القدس على الأقل، بحسب وزارة الداخلية.

"إسرائيل ارتكبت جريمة حرب بإلغاء إقامة آلاف المقدسيين"

الاحتلال يضيق الخناق على سكان القدس القديمة. (عرب 48).

قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية في تقرير نشرته اليوم، الثلاثاء، إن إلغاء إسرائيل إقامة آلاف الفلسطينيين في القدس الشرقية المحتلة على مر السنين يوضح النظام المزدوج الذي تنفذه إسرائيل في المدينة. ويفرض نظام الإقامة متطلبات شاقة على الفلسطينيين للحفاظ على إقامتهم، فضلا عن عواقب وخيمة لمن يخسرونها. 

ووفقا لمعطيات أوردتها المنظمة، فإنه منذ بداية احتلال إسرائيل للقدس عام 1967 وحتى نهاية 2016، ألغت إقامة 14,595 فلسطينيا من القدس الشرقية على الأقل، وذلك بحسب وزارة الداخلية الإسرائيلية. وبررت السلطات معظم عمليات الإلغاء على أساس عدم إثباتهم أن القدس "محور حياتهم"، لكنها ألغت مؤخرا أيضا إقامة فلسطينيين متهمين بمهاجمة إسرائيليين كعقوبة لهم وكعقوبة جماعية ضد أقارب المتهمين المشتبه بهم. ويدفع النظام التمييزي العديد من الفلسطينيين إلى مغادرة مدينتهم في ما يصل إلى عمليات ترحيل قسري، كانتهاك خطير للقانون الدولي.

قالت مديرة قسم الشرق الأوسط في "هيومن رايتس ووتش"، سارة ليا ويتسن، إنه "تدّعي إسرائيل معاملة القدس كمدينة موحدة، لكنها تحدد قوانين مختلفة لليهود والفلسطينيين. يزيد التمييز المتعمد ضد فلسطينيي القدس، بما في ذلك سياسات الإقامة التي تهدد وضعهم القانوني، من انسلاخهم عن المدينة".

ونقل تقرير المنظمة الحقوقية عن رجل قال إنه ألغت إسرائيل إقامته بسبب تسلقه الجدار الفاصل الإسرائيلي لحضور حفل زفاف عائلي في جزء آخر من الضفة الغربية. وأكد أن السلطات الإسرائيلية رفضت إصدار شهادات ميلاد لأطفاله الخمسة الذين ولدوا جميعا في القدس. أما باقي المقدسيين الذين لم يتمكنوا من الحصول على إقامة ممن تمت مقابلتهم فقد قالوا إنهم غير قادرين على العمل بشكل قانوني، الحصول على مستحقات الرعاية الاجتماعية، حضور حفلات الزفاف والجنازات، أو زيارة أقاربهم المرضى ذوي الحالة الخطرة في الخارج، وذلك خوفا من رفض السلطات الإسرائيلية السماح لهم بالعودة إلى ديارهم.

ولفتت المنظمة إلى أن رفض تجديد الإقامة، إلى جانب عقود من التوسع الاستيطاني غير المشروع وهدم المنازل والقيود المفروضة على البناء في المدينة، أدى إلى زيادة الاستيطان غير المشروع من جانب المواطنين اليهود الإسرائيليين في القدس الشرقية المحتلة، مع تقييد نمو السكان الفلسطينيين في الوقت ذاته. ويعكس ما سبق هدف الحكومة الإسرائيلية المتمثل في "الحفاظ على أغلبية يهودية قوية في المدينة"، كما جاء في الخطة الرئيسية لبلدية القدس ("مخطط القدس لعام 2000")، والحد من عدد السكان الفلسطينيين. وحدد المخططون هدفهم بجعل نسبة السكان "70% يهود و30% عرب"، قبل أن يعترفوا بأن "هذا الهدف غير قابل للتحقيق" في ضوء "الاتجاه الديموغرافي" وعدلوه ليصبح 60 إلى 40. وشكل الفلسطينيون 37% من سكان القدس في 2015 وفقا لدائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية.

يتوفر طريق للمواطنة (أي الحصول على الجنسية الإسرائيلية) للمقدسيين الفلسطينيين، لكن اختارت الأغلبية الساحقة عدم المضي فيه لانطوائه على تعهد بالولاء لإسرائيل، السلطة المحتلة. ولا تُمنح الجنسية لكل من يتقدم بالطلب. فمنذ عام 2003، قدم طلب الحصول على الجنسية نحو 15 ألف فلسطيني من أصل 330 ألفا، ووافقت السلطات الإسرائيلية على أقل من 6 آلاف منهم.

وأكدت المنظمة الحقوقية على أنه "يمكن أن يشكل ترحيل أي جزء من سكان الأراضي المحتلة أو نقلهم قسرا جرائم حرب" بموجب "نظام روما الأساسي" لـ "المحكمة الجنائية الدولية". ويمتد الحظر المفروض على النقل القسري إلى ما هو أبعد من قيام قوة عسكرية مباشرة بنقل تجمع سكاني خاضع لسيطرتها، ليصل إلى الحالات التي تقوم فيها القوة العسكرية بتعقيد وزيادة مشقة حياة السكان لدرجة اضطرارهم فعليا للرحيل. ويحمي قانون حقوق الإنسان أيضا الحق في ترك البلاد والعودة إليها بحرية.

كما يحظر القانون الإنساني الدولي صراحة على سلطة الاحتلال إجبار من هم تحت احتلالها على التعهد بالولاء أو الإخلاص لها.

بعد احتلالها الضفة الغربية عام 1967، ضمت إسرائيل من جانب واحد 72 كيلومترا مربعا إلى بلدية القدس، من ضمنها الجزء الشرقي من القدس و28 قرية محيطة بها في الضفة الغربية. كانت هذه المنطقة، التي يطلق عليها بشكل شائع القدس الشرقية، تضم 66 ألف فلسطيني، أي 24% من سكان البلدية الجديدة. وقال المنظمة في تقريرها إنه "لا تعرف هيومن رايتس ووتش أي دولة اعترفت بضم إسرائيل للقدس الشرقية، ما يجعلها أرضا محتلة بموجب القانون الدولي".

ومنذ ذلك الحين، نقلت إسرائيل مئات الآلاف من مواطنيها اليهود إلى القدس الشرقية، وهو ما أكدت المنظمة الحقوقية على أن يشكل "جريمة حرب بموجب القانون الدولي".

 

التعليقات