أن تكون مريضا في سجون الاحتلال

في مستشفى "سجن الرملة"، الأسرى على أسرّة المرض، اطرافهم مقيّدة بالسلاسل، وبالكاد يقوون على الحركة أو حتّى التنفّس، حيث تكدست أعداد المعتقلين الفلسطينيين المرضى.

أن تكون مريضا في سجون الاحتلال

في مستشفى "سجن الرملة"، الأسرى على أسرّة المرض، اطرافهم مقيّدة بالسلاسل، وبالكاد يقوون على الحركة أو حتّى التنفّس، حيث تكدست أعداد المعتقلين الفلسطينيين المرضى.

بتلك الكلمات وصف المعتقل الفلسطيني السابق، إياس الرفاعي (34 عاماً)، مستشفى الرملة الإسرائيلي، المخصص لعلاج المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.

وقال الرفاعي الذي تحرر بعد 11 عاماً من الاعتقال، عانى خلالها أوضاعاً صحية صعبة:" الوضع في الرملة مأساوي جداً، كل مريض بحاجة للمساعدة ولا يوجد من يساعدهم".

يتنهد قليلاً : "الرملة" هو عبارة عن مقبرة حقيقية".

وأفرج عن "الرفاعي" يوم الأحد 13 آب/ أغسطس، بعد قضائه 11 عاما بالسجن<

سنوات "تجمدت" فيها حياته خلف قضبان السجن، ليخرج بعدها وكأنه ولد من جديد، بعد رحلة معاناة كادت أن تقتله إثر الإهمال الطبي في السجون، كما يقول.

ويصل عدد المعتقلين الفلسطينيين المرضى في السجون الإسرائيلية لنحو 100 معتقل، مصابون بأمراض خطيرة ومزمنة في السجون الإسرائيلية، منهم نحو 30 يواجهون خطرا حقيقيا يهدد حياتهم، بحسب نادي الأسير الفلسطيني<

وعن رحلة العلاج داخل السجون، يصف المحرر الرفاعي بعض اللحظات التي كان يعيشها خلال مرضه بأنها أقرب للموت.

ويقول: " مررت بمواقف أيقنت أني مفارق الحياة".
 

يقف على شرفة منزله، ويقول: "مشتاق للحياة بكل تفاصيلها، كل شيء تغير، لكني أشعر وكأنني ذلك الشاب الذي كان بالأمس هنا".

ورغم فرحة الحرية، ووجوده وسط ذويه في بلدة كفر عين شمال غرب مدينة رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة، يروي قصة معاناته مع المرض.

ويمضي بالقول: "شعرت خلال شهر رمضان من العام 2014 بإرهاق وتعب شديدين، إثر عزلي في زنازين سجن النقب الصحراوي شمالي إسرائيل".

ولم تشفع طلبات "الرفاعي" المتكررة على مدار ثلاثة شهور بعد إخراجه من العزل الانفرادي للأطباء لإجراء فحوصات طبية، مكتفين بتقديم المسكنات فقط، فخسر نحو 30 كيلو غرام من وزنه خلال تلك الفترة.

ويشير إلى أن حالته الصحية ساءت، مما أدى إلى إصابته بانهيار وغيبوبة متقطعة استدعت نقله لمستشفى "سوروكا".

ورغم الحالة الطارئة للرفاعي، نقل للمستشفى بمركبة نقل عسكرية وهو مقيّد اليدين والرجلين، ولمدة أربع ساعات.

وأظهرت الفحوصات الطبية للمريض بحسب قوله، وجود التهابات حادة في الأمعاء، تستدعي إجراء عملية جراحية عاجلة، لكن تقدم الالتهاب حال دون ذلك.

يكمل حديثه قائلاً:" مكثت ثمانية أيام في مستشفى سوروكا ثم تم نقلي لإكمال العلاج في مستشفى سجن الرملة".

لم يمض "الرفاعي" طويلا في مستشفى سجن الرملة بسبب الاكتظاظ، مما دفع إلى نقله للسجن من جديد، حيث ساء وضعه الصحي بشكل كبير، مما استدعى نقله لمستشفى "سوروكا" من جديد.

وقال:" تنقلت خلال سنة كاملة بين المستشفى والسجن حتى تقرر إجراء عملية جراحية في الأمعاء".

يشير إلى بطنه قائلا:" عندما استيقظت وجدت بطني مفتوحا، جزء من الأمعاء خارج البطن، مع وجود أنابيب كثيرة".

وأضاف:" قال لي الطبيب حينها:" أشكر الله أنك ما تزال على قيد الحياة، تم استئصال كتل من داخل الأمعاء وقص جزء منها بسبب تعفنها".

لم تنته معاناة "الرفاعي" حيث أعيد لمستشفى سجن الرملة، ومن ثم لسجنه، وتناوب على زيارة العيادات الطبية، وأجريت له عملية أخرى بعد عدة شهور".

ثلاثة سنوات من المرض والعلاج يقول عنها الرفاعي:" مأساوية بكل ما تعنيه الكلمة".

مرض المعتقل السابق لم ينته بعد، بحسب قوله، حيث يتطلب وضعه الاستمرار بالعلاج في المستشفيات الفلسطينية، مشيرا إلى أنه لا يستطيع حتى اليوم تناول الطعام بشكل طبيعي، وهناك جزء من الكتل لا تزال داخل أمعائه.

واتهم المحرر الفلسطيني مصلحة السجون الإسرائيلية "بقتل المعتقلين، نفسياً وجسدياً".

ولفت إلى أن أوضاع المعتقلين المرضى عامة والقابعين في مستشفى سجن الرملة "بحاجة لتحرك رسمي وشعبي ودولي لإنقاذ حياتهم".

وقال:"6400 معتقل فلسطيني في السجون جميعهم يحبون الحياة، دخلوا المعتقلات مرغمين مكرهين عليها".

وأضاف:" المعتقل في انتفاضة مستمرة منذ اعتقاله، يتعرض لمضايقات يومية تحاول السلطات الإسرائيلية كسره، الحياة تتجمد منذ لحظة الاعتقال".

وأردف:" الاعتقال مدرسة ومجتمع كامل، استطاع المعتقل أن يكسر كل الحواجز ويتخطى كل العقبات".

واستطاع "الرفاعي" إكمال تعليمه الجامعي داخل المعتقل، وحصل على دبلوم تأهيل دعاة وبكالوريوس "تاريخ"، بالتنسيق مع جامعة الأقصى في قطاع غزة.

واعتقل "الرفاعي" في العام 2006، بتهمة "الانتماء لحركة الجهاد الإسلامي"، وصدر بحقه حُكما بالسجن (11 عاماً).

ويبلغ عدد المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية بلغ نحو6400 معتقل، منهم (62) سيدة، بينهن (10) قاصرات، ونحو (300) طفل، ونحو (450) معتقلاً إدارياً، علاوة على وجود (12) نائباً في المجلس التشريعي (البرلمان)، بحسب إحصائيات فلسطينية رسمية.

وكان قدورة فارس، رئيس نادي الأسير الفلسطيني، قد قال خلال اتصال هاتفي سابق مع وكالة الأناضول، إن مئات المعتقلين مرضى بأمراض لا تهدد حياتهم بشكل فوري.

وأضاف: "مصلحة السجون تتبع برنامجاً يتمثل بأن لا يصل المريض إلى مرحلة الوفاة لما يترتب على ذلك من مسؤوليات".

وقال: "هناك إدارة للمرض وليس علاجه".

وبين فارس إن السجون تفتقر إلى مختبرات صحية، ويتم تشخيص المرض عبر الاحتمالات، مما يترتب عليه معاناة للمعتقل المريض وتأخر في إعطاءه الدواء المناسب.

التعليقات