في ظل المصالحة: عجلة الاقتصاد لا تزال متعثرة في غزة

يأمل سكان قطاع غزة أن تعزز المصالحة الفلسطينية أوضاعهم المعيشية المتردية، الأمر الذي لم يحصل بعد، لكن الإجراءات التي تمت أخيرا بموجب المصالحة، نجحت في إنعاش سوق السجائر في القطاع المحاصر.

في ظل المصالحة: عجلة الاقتصاد لا تزال متعثرة في غزة

(أ ف ب)

يأمل سكان قطاع غزة أن تعزز المصالحة الفلسطينية أوضاعهم المعيشية المتردية، الأمر الذي لم يحصل بعد، لكن الإجراءات التي تمت أخيرا بموجب المصالحة، نجحت في إنعاش سوق السجائر في القطاع المحاصر.

وتسلمت السلطة الفلسطينية من حركة حماس في مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر، المعابر التي تربط القطاع بكل من إسرائيل ومصر، بعد السيطرة عليها وعلى كامل القطاع منذ العام 2007.

وعلى الإثر، أعلنت الحكومة الفلسطينية قرارا بـ"إلغاء" جميع الرسوم والضرائب والجبايات "غير القانونية التي كانت تجبى والمعمول بها في قطاع غزة قبيل إعمال المصالحة".

ويشمل القرار إلغاء الضرائب التي كانت تفرضها حماس على السجائر المهربة من مصر إلى القطاع عبر الأنفاق الحدودية.

ومع بدء وصول أول شحنة سجائر من الضفة الغربية إلى قطاع غزة، الأسبوع الماضي، انخفضت أسعار السجائر المستوردة في القطاع، وتهافت المدخنون لشراء السجائر المحلية بعد انقطاعها من أسواق غزة منذ أكثر من عشر سنوات.

ويقول ياسر المغربي الذي يعمل في محل للتبغ غرب مدينة غزة "انتعش سوق السجائر بعد إلغاء ضرائب حكومة غزة، الآن يوجد إقبال أكبر خصوصا على السجائر المحلية لأنها أرخص وتناسب الجميع".

وانخفض سعر علبة المارلبورو الأميركية المستوردة من 35 شيكل إلى 25 شيكل.

ويقول أحمد خليل، الموظف في السلطة الفلسطينية (45 عاما)، "أدخن أكثر من علبتين في اليوم، اليوم أشتري العلبة بـ8 شيكل بعد أن كنت أشتري السجائر المصرية بـ15 شيكل على الأقل".

لكنه يضيف بسخرية "انخفاض أسعار السجائر جيد، لكن نريد أن تضع المصالحة حدا للفقر والبطالة والوضع الاقتصادي".

وكانت حكومة حماس تفرض 7 شيكل ضريبة على كل علبة سجائر تدخل إلى قطاع غزة عبر الأنفاق الحدودية مع مصر.

وتصل إلى 20 مليون شيكل قيمة ما كانت تجبيه حماس شهريا من ضرائب التبغ، بحسب مدير عام الدراسات والتخطيط في وزارة الاقتصاد، أسامة نوفل.

وتبلغ نسبة المدخنين في قطاع غزة نحو 15%، بحسب إحصاء نشره الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في العام 2016.

عجلة الاقتصاد ما زالت متوقفة

وألغت السلطة الفلسطينية أيضا الضرائب التي كانت تفرضها حماس على السيارات بنسبة 25% من قيمة السيارة، إلى جانب رسوم أذونات استيراد كانت تفرضها على كافة أنواع البضائع المستوردة عبر معبر كرم أبو سالم مع إسرائيل.

ويعبر التجار عن ارتياحهم لهذه الإجراءات، إلا أنهم يشكون من أنها لم تدفع بعد بعجلة الاقتصاد المنهار في القطاع.

وانخفضت أسعار السيارات في قطاع غزة ما بين ألف و15 ألف دولار أميركي لكل سيارة حسب قوة المحرك، بحسب نائب جمعية مستوردي المركبات في غزة، وائل الهليس.

لكن الهليس يؤكد أن "حركة السوق شبه متوقفة، الناس يراقبون بحذر بانتظار ما ستذهب إليه الأمور بعد المصالحة".

ويؤيده التاجر أحمد أبو عيدة، الذي يملك شركة استيراد أجهزة كهربائية، ويقول "الاقتصاد متدهور والقوة الشرائية ضعيفة بسبب أزمة الرواتب والبطالة والفقر".

ويعتبر أن "إلغاء ضرائب حماس جاء في صالحنا كتجار لأن هذه الرسوم كانت تدفع من هامش الربح، لكن المستهلك لن يلمس أثرا ملحوظا لذلك".

ويعاني القطاع من أزمات حادة في قطاعات الكهرباء والمياه والصحة والتلوث البيئي، الى جانب مشاكل البطالة التي تتجاوز الـ40%، والفقر المدقع الذي يطال شرائح واسعة من سكانه المليونين.

ويرى نوفل أن توحيد التعرفة الجمركية "إيجابي"، لكنه يؤكد أن "عجلة الاقتصاد لم تتحسن بشكل ملحوظ في قطاع غزة بسبب انعدام القدرة الشرائية واستمرار الحصار".

ويقول الخبير الاقتصادي ماهر الطباع، إن "إلغاء الضرائب سيخفف الأعباء الاقتصادية على التجار خصوصا، لكنه سيخفف هذه الأعباء بشكل طفيف على المواطنين".

وتصل قيمة ما كانت تجبيه حماس من إجمالي الضرائب والرسوم في قطاع غزة إلى نحو 70 مليون شيكل شهريا، بحسب أسامة نوفل الذي يتوقع أن تنحسر قيمة ضرائب القطاع بعد قرار إلغاء الرسوم والضرائب إلى نحو أربعين مليون شيكل شهريا، ستذهب لحساب السلطة الفلسطينية، مقابل ضريبتي الدخل والقيمة المضافة.

ويقول الطباع إن "أي انتعاش اقتصادي يلمسه المواطن مرهون بإنهاء الحصار الإسرائيل) وتحسين الوضع المعيشي عبر خفض معدلات البطالة والفقر والسماح لقطاع غزة بالتصدير والاستيراد دون قيود".

التعليقات