"نيويورك تايمز " تنشر تفاصيل خطة بن سلمان لتصفية القضية الفلسطينية

الصحيفة الأميركية تنقل عن مصادر فلسطينية وعربية وأوروبية قولها إن خطة بن سلمان تقضي بالتنازل عن القدس وحق العودة، مقابل منح حكم ذاتي لمناطق فلسطينية عاصمتها أبو ديس، وعرض على عباس أموال للسلطة وله شخصيا

عباس في الرياض

نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، عن مصادر رسمية فلسطينية وعربية وأوروبية، أن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، اقترح على الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، خطة ترمي إلى تصفية القضية الفلسطينية، وصفتها بأنها منحازة لإسرائيل أكثر من خطة ترامب نفسه.

وذكرت الصحيفة أن بن سلمان اقترح خطة تكون فيها الدولة الفلسطينية مقسمة إلى عدد من المناطق ذات حكم ذاتي، وتبقى المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة "ملكًا" لإسرائيل، وتكون أبو ديس عاصمة فلسطيني وليس القدس الشرقية المحتلة، وكذلك لن يمنح حق العودة للاجئين الفلسطينيين.

وقالت الصحيفة إن الكثير من المسؤولين في واشنطن والشرق الأوسط تفاجأوا من الاقتراح، خاصة أن ولي العهد السعودي هو الذي طرحه على عباس، واعتبروا أنه يحاول تقديم خدمة للرئيس الأميركي أو أنه يعمل لديه متطوعًا.

ونقلت الصحيفة عن مصادر وصفتها بأنها مطلعة على تفاصيل المحادثة بين بن سلمان وعباس خلال زيارة الأخير المفاجئة إلى الرياض، الشهر الماضي، قولهم إن بن سلمان عرض على عباس أموالا طائلة للسلطة الفلسطينية وله شخصيًا، كما طالب بن سلمان عباس بالاستقالة في حال رفض هذا العرض.

واعتبرت الصحيفة أنه كان على الفلسطينيين الشك بنوايا ترامب منذ البداية، لا سيما مع العديد من المؤشرات التي أشارت إلى ذلك، في الشرق الأوسط على وجه التحديد، وآخرها أقوال أحد مستشاريه أنه ينوي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل يوم الأربعاء القادم.

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض، جوشوا رافيل، إن "هناك تكهنات مستمرة وتخمينات حول ما نعمل عليه، وهذا التقرير هو أكثر من ذلك". وأضاف "لا يعكس التقرير الوضع الحالي للخطة التي نعمل عليها أو المحادثات التي أجريناها مع لاعبين إقليميين".

ونفت السلطات السعودية كذلك هذا المقترح، وقال السفير السعودي في الولايات المتحدة، خالد بن سلمان، للصحيفة إن "السعودية لا تزال ملتزمة بالتوصل إلى تسوية تقوم على مبادرة السلام العربية عام 2002 بما فيها القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطينية على حدود 1967. أي اقتراح يخالف ذلك لا أساس له من الصحة".

ونقلت الصحيفة عن مصادر وصفتها بالرفيعة في حركتي فتح وحماس، وصفهم الاقتراح بأنه مذل ومهين للفلسطينيين، وأنه غير مقبول، واعتبرتا أن هذا الاقتراح كان مفاجئًا للمنطقة بأسرها.

وقال عضو المجلس التشريعي وأحد قادة حماس في الضفة الغربية، حسن يوسف، إنه "في حال وافقت القيادة الفلسطينية على أي مما سبق فإن الشعب الفلسطيني لن يسمح لهم بالبقاء في السلطة".

وقال مسؤولون فلسطينيون من فتح وحماس، كذلك مسؤول لبناني وصفته الصحيفة برفيع المستوى بالإضافة لعدد من المسؤولين الذين اطلعوا على الاقتراح، إن الصدمة كانت في الأوساط الفلسطينية بسبب تهديد بن سلمان لعباس بأنه في حال رفض هذا الاقتراح فسيجبر على الاستقالة وإفساح المجال لرئيس يأتي بعده يوافق على هذا الاقتراح".

وأكد عدد من المسؤولين أن بن سلمان عرض الاقتراح وشرح لعباس كيف سيستفيد الفلسطينيين منه، واقترح زيادة الدعم للسلطة الفلسطينية، وكذلك عرض على عباس دفع مبالغ طائلة له شخصيًا، "لكن عباس رفض ذلك".

ونفى المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، ما ورد في التقرير، وقال إن هذه "أخبار زائفة ولا أساس لها"، مؤكدًا أن السلطة الفلسطينية لا تزال تنتظر الاقتراح والعرض الرسمي الذي ستقدمه الولايات المتحدة.

لكن الصحيفة عادت لتؤكد أن النقاط الرئيسية للاقتراح السعودي الذي عرض على الرئيس الفلسطيني والتهديد بإقالته أكدها كثير من المسؤولين، بمن فيهم حسن يوسف، والعديد من المسؤولين الغربيين، وقيادي كبير في حركة فتح، ومسؤول فلسطيني في لبنان، ومسؤول لبناني رفيع المستوى وسياسي لبناني، وآخرون.

وبالإضافة للفلسطينيين، أثار هذا الاقتراح قلق عدد من حلفاء الولايات المتحدة المقربين، الذين طلبوا بدورهم توضيحًا من البيت الأبيض، ومن بينهم فرنسا.

ونقلت الصحيفة عن أحد مستشاري الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الذي رفض الكشف عن اسمه، أن بلاده سمعت بعض المقترحات السعودية التي تشابه إلى حد كبير المقترحات الإسرائيلية، والتي يعتبرها الجانب الفلسطيني مرفوضًا جملة وتفصيلًا.

وقال مستشار ماكرون إن فرنسا أوضحت للولايات المتحدة أنهم في حال أرادوا التقدم بعملية السلام فعليهم فعل ذلك بشكل علني، لكن عليهم أن يتذكروا أن لفرنسا ودول كثيرة أخرى مصالح واهتمامات في المنطقة يجب أخذها بعين الاعتبار.

وقال يوسف ومصدر آخر من حركة فتح للصحيفة إن الرئيس عباس منزعج جدًا من هذه التقارير، وأنه يستنكر مثل هذا الاقتراح.

وأضاف يوسف أنه "في حال ساد الهدوء حول هذا الأمر، فسنبقى نخشى حدوثه، وفي حال تلقى الرئيس عباس أي عرض، فمن المهم جدا أن يقول للشعب الفلسطيني عرض علينا واحد واثنان وثلاثة، ونحن رفضنا هذا العرض".

وأشارت الصحيفة إلى أنه صحيح أن هذه الاقتراحات قد تعتبر صعبة التحقيق، إلا انها تثير قلق الفلسطينيين والدول العربية في الشرق الأوسط، لأنها تأتي في سياق دينامي وسريعة الحركة في المنطقة.

ويضاف إليها العلاقة الوثيقة التي تربط كل من بن سلمان (32 عامًا) وصهر ترامب ومستشاره، غاريد كوشنر (36 عامًا)، وكلاهما لا يملك الكثير من الخبرة في مجال السياسة الخارجية، لكنهما يعتبران نفسيهما إصلاحيين مبدعين قادرين على كسر القواعد والنمط التفكير الذي يعتبرانه من الماضي.

 

التعليقات