بين اليساري والوطني: تجمع ديمقراطي لكسر قطبية فتح وحماس

يواجه "التجمع الديمقراطي الفلسطيني" حديث العهد، والذي يضم خمسة من فصائل اليسار، مجموعة من التحديات الداخلية والخارجية يصفها محللون سياسيون بـ"الكبيرة"، من أجل تحقيق أبرز أهدافه، وهو كسر هيمنة حركتي "فتح" و"حماس" على النظام السياسي الفلسطيني.

بين اليساري والوطني: تجمع ديمقراطي لكسر قطبية فتح وحماس

يواجه "التجمع الديمقراطي الفلسطيني" حديث العهد، والذي يضم خمسة من فصائل اليسار، مجموعة من التحديات الداخلية والخارجية يصفها محللون سياسيون بـ"الكبيرة"، من أجل تحقيق أبرز أهدافه، وهو كسر هيمنة حركتي "فتح" و"حماس" على النظام السياسي الفلسطيني.

أجمع المحللون على أن نجاح التجمّع يرتهن بعوامل عدة أبرزها: تحقيق التفاف جماهيري حوله، وتغليب المصلحة الوطنية العامة على المصلحة الحزبية.

حاليا، تتساوى احتمالات فشل التجمّع مع احتمالات نجاحه، ويستند ترجيح كفّة مقابل أخرى إلى الخطوات العملية التي سيطّبقها وفقا لبرنامجه العام، حسب المحللين.

في 3 كانون الثاني/ يناير الماضي، أعلنت خمسة فصائل يسارية، وهي "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" و"الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين" و"المبادرة الوطنية" و"حزب الشعب" و"حزب فدا"، تشكيل "التجمّع الديمقراطي الفلسطيني".

وقال التجمّع، في بيان انطلاقته، إن هذه الخطوة تأتي "استشعارا لمخاطر التصفية التي تتعرض لها قضيتنا الوطنية، بفعل الإجراءات الأميركية، التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية، والإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس من استيطان وسن قانون القومية العنصري، وفي غزة اشتداد الحصار".

ويهدف التجمّع، حسب البيان، إلى توحيد عمل جميع القوى والمؤسسات والشخصيات الحريصة على المشروع الوطني الديمقراطي، للجم التدهور الحاصل في الساحة الفلسطينية نتيجة الانقسام وممارسات الهيمنة والتفرد وتقويض أسس الشراكة الوطنية.

محاولة تدريجية

"التجمّع الديمقراطي سيحاول تدريجيا كسر القطبية الثنائية، التي أوجدتها حماس وفتح في النظام السياسي الفلسطيني، والتي أوصلت الحركتين إلى حدّ الاحتراب"، كما قال عضو المكتب السياسي لـ"الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين"، طلال أبو ظريفة.

وأضاف أن ذلك سيكون قائما على "تطبيقات لبرنامج التجمّع بشكل ناجح، حتى يصبح قوة قادرة على إحداث نوع من التوازن في النظام الفلسطيني وكسر حالة القطبية".

وبيّن أبو ظريفة أن التجمّع وضع "برنامجا متكاملا بدأ تنفيذه وسيستمر، على أن يأخذ بعين الاعتبار قضايا الانقسام والحريات والقضايا الحياتية والاجتماعية، بما فيها الاقتصادية، وأوضاع المؤسسات الفلسطينية وكيفية إعادة بنائها عبر الانتخابات".

واعتبر ذلك البرنامج دليلا على "مصداقية التجمّع في الشارع الفلسطيني؛ ما يجعله قادرا على بلورة تدريجية لقوة ثالثة قادرة على إحداث توازن بين القوتين الرئيسيتيْن حماس وفتح".

واعتبر أنه لنجاح التجمع لا بد من توافر ثلاثة عوامل، هي: "تجاوز أي تباينات قد تظهر في التجمّع بين القوى المشاركة".

وتابع: "العامل الثاني يكمن في خلق آلية لتمتين الالتفاف الجماهيري والوطني حول التجمّع وعناوين برامجه، أما الثالث فهو وضع خطوات عملية قادرة على أن تشكّل مرتكز بتوسيع مساحة الالتفاف الشعبي وعناصر البرنامج بمعناها العملي، بعيدا عن البعد النظري".

الجماهير والمصلحة العامة

وفي هذا السياق، قال الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، جورج جقمان، إن تجربة "التجمّع الديمقراطي ما زالت حديثه؛ ما يعني أن احتمالات الفشل والنجاح واردة".

وأردف جقمان أن "نجاح التجمّع في كسر القطبية الثنائية التي أوجدتها فتح وحماس في النظام السياسي الفلسطيني، يستند إلى عاملين هاميْن"؛ وأوضح أن العامل الأول هو "نجاح التجمّع في تحقيق الالتفاف الجماهيري حوله... يوجد جمهور كبير ليس فتح وليس حماس، وحسب استطلاعات الرأي توجد نسبة كبيرة منهم تتراوح بين 30 و50% غير منتمين لأي من الفصيليْن".

وزاد بأن "تلك الجماهير تلوم حاليا فتح وحماس على الوضع الذي وصل إليه الحال الفلسطيني".

أما العامل الثاني، حسب جقمان، فهو "تغليب المصلحة الوطنية على المصلحة الفئوية الضيقة. وإذا فشل التجمّع في تغليب المصلحة الوطنية، وسادت حالة من التصارع الحزبية، فسيفشل في كسر تلك الهيمنة".

مأزق شامل

حسب مدير مركز "مسارات" لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية، هاني المصري، يوجد "أفق أمام التجمّع للعب دور أساسي في كسر الاستقطاب الثنائي الحاد بين الحركتين، الذي أدى إلى الانقسام ومواصلته وتعميقه".

وأرجع المصري ذلك، في تقرير نشره على موقع المركز، إلى "المأزق الشامل الناجم عن الانقسام والاستقطاب، وغياب الرؤية والإستراتيجية القادرة على توحيد الشعب وتحقيق أهدافه وحقوقه الوطنية".

واعتبر المصري أن مبعث الأمل بإمكانية نجاح التجمّع هو أن "ما نسبته 30-50% من الفلسطينيين لا يؤيدون فتح وحماس، ولو وجدوا حزبا أو تجمعا جديدا يلبي طموحاتهم ومطالبهم ويدافع عن قضيتهم فسيدعمونه بقوة".

ورأى أن معيار نجاح التجمّع في ذلك الدور "يكمن في عدم بقاء هامش كبير لديه للمناورة؛ مما قد يساعد على تقديمه نموذجا آخر جديدا في القول والعمل، في السياسة، وفي تناول مختلف القضايا، لكي يحدث التوازن المطلوب".

لكن ذلك يتطلب شروطا، أبرزها، حسب المصري، "مراجعة التجارب السابقة واستخلاص الدروس والعبر؛ فمن دون ذلك سيلاقي التجمّع مصير سابقيه، وثانيا تحديد موقف التجمّع هل هو يساري أم وطني".

وأردف: "وثالثا وضع خطة عمل ملموسة وبلورة الاتفاق على بعض القضايا المهمة والحساسة، التي يهدد عدم الاتفاق عليها التجمّع بالفشل، ورابعا أن يتصرف على أساس أنه يهدف إلى إحداث فرق جوهري في المعادلة الفلسطينية القائمة، وليس الحصول على مجرد حصة أكبر".

التعليقات