دير نظام: شهادة على بشاعة الاحتلال بحصارها

نحو ثمانية عشر يوما عاشتها قرية فلسطينية تحت حصار إسرائيلي، بإغلاق مداخلها الرئيسية بواسطة بوابات حديدية وسواتر ترابية.

دير نظام: شهادة على بشاعة الاحتلال بحصارها

(وفا)

نحو ثمانية عشر يوما عاشتها قرية فلسطينية تحت حصار إسرائيلي، بإغلاق مداخلها الرئيسية بواسطة بوابات حديدية وسواتر ترابية.

سكان قرية دير نظام، شمال غرب رام الله، وسط الضفة الغربية المحتلة، واجهوا خلال تلك الفترة صعوبات كبيرة في الدخول والخروج، عقب إغلاق إسرائيل مدخليها الرئيسيين، ونصب حاجز عسكري على المدخل الثالث.

وهذه ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها القرية الصغيرة بمساحتها وعدد سكانها، لمثل هذا الإغلاق، لكن هذه المرة كانت الأوضاع هي الأقسى على السكان.

كثيرون اضطروا لاستخدام طرق ترابية وعرة للوصول إلى دير نظام، لتجنب التفتيش وعمليات الإذلال على الحاجز العسكري.

كما تعرضت القرية منذ إغلاقها، لاقتحامات إسرائيلية متواصلة، تخللتها مداهمة للمنازل وتفتيش، والشروع في تحقيقات ميدانية، عدا عن تعمد إطلاق قنابل الصوت، وغاز مسيل للدموع، داخل القرية وفي ساحة مدرستها.

وقال مدير مدرسة دير نظام الأساسية، محمود التميمي، لوكالة الأناضول، إن "عمليات الإغلاق تسببت في تعطيل دوام المدرسة معظم الأيام، نتيجة تغيّب أكثر من ثلثي المعلمين، كونهم يأتون من خارج القرية".

وأضاف: "من أصل 24 معلما وموظفا في المدرسة، في غالب الأحيان كان يغيب 16، لأنهم يأتون من خارج القرية".

وتابع: "اضطررنا لدمج الفصول الدراسية واختصار الحصص، وأحيانا صرف الطلبة لمنازلهم".

وأردف "تكررت حالات استهداف المدرسة واقتحام فصولها وتفتيشها، كما تعرضت المدرسة لهجوم بالغاز المسيل للدموع، أكثر من مرة، ما أدى لاختناق عشرات الطلبة".

وتابع التميمي: "كان جيش الاحتلال يتعمد تعطيل الدوام في المدرسة.. ففي معظم الأحيان تكون الأمور هادئة وخالية من أي مواجهات، لكن مع اقتحام جيب عسكري للقرية، وتمركزه بجانب مدخل المدرسة، كانت تنقلب الحالة".

بدوره، اعتبر فادي التميمي، أحد سكان القرية، ووالد رضيعة تعرضت للاختناق بسبب الغاز المسيل للدموع، أن "الاحتلال يفرض بين فترة وأخرى عقابا جماعيا على القرية".

وتعرضت ابنة فادي، الرضيعة سارة (5 شهور)، للاختناق، إثر إطلاق الجيش الإسرائيلي قنابل غاز مسيلة للدموع في محيط منزل عائلتها.

وقال التميمي للأناضول: "دخل الغاز إلى منزلنا، وتعرضت زوجتي وابنتي للإغماء، ما اضطرنا لنقلهما إلى المستشفى عبر إسعاف جمعية الهلال الأحمر"، وتابع: "كانت حالة سارة صعبة جدا نتيجة استنشاق الغاز".

واستدرك: "لعدة أيام بعد الحادث، كنا لا نستطيع النوم في المنزل، بسبب انتشار رائحة الغاز فيه".

ويعتقد التميمي أن الجيش كان "يتعمد استهداف منازل القرية بالغاز المسيل للدموع، من أجل بث الخوف في قلوب السكان، كنوع من العقاب الجماعي، ردا على إلقاء حجارة تجاه مركبات مستوطنين تمر بمحاذاة القرية".

وأبدى التميمي قلقه من تكرار الاقتحامات والإغلاقات، وما يرافقها من إطلاق قنابل للغاز المسيل للدموع، ويرى "أن هناك شيئا متعمدا في تصرفات الجيش".

وعادة، يتذرع الجيش الإسرائيلي بأن شبانا من القرية يستهدفون مركبات المستوطنة بالحجارة، متسببين بأضرار لها، وأنه بالاقتحامات والإغلاقات "يعمل على وقف ذلك".

ووزع الجيش بيانا، هدد فيه السكان باستمرار إجراءاته ضدهم، في حال تواصلت عمليات استهداف مركبات المستوطنين بالحجارة، على الشارع المحاذي للقرية.

بدوره، قال منجد التميمي، نائب رئيس مجلس قروي دير نظام، إن آثار الحصار والإغلاق انعكست على كل مجريات الحياة في القرية، وعطلت الكثير من المؤسسات.

وفي حديث للأناضول، أوضح أن العيادة الصحية توقفت عن تقديم خدمات الفحص والعلاج، ما اضطر المرضى والمراجعين للانتقال إلى عيادة في إحدى القرى القريبة.

وأشار أن موظفي تسوية الأراضي (الطابو)، لم يتمكنوا أيضا من الحضور ومباشرة عملهم خلال فترة الإغلاق، ما أجل عمليات تسجيل الأراضي، وعطل إجراءات المسح.

وأردف التميمي "بعيدا عن الحصار وإغلاق المداخل، فالقرية تعاني أيضا من وجود مستوطنة حلاميش المقامة على أراضيها، حيث ينفذ المستوطنون انتهاكات متكررة للقرية، كما يمنعون المزارعين من الوصول لأراضيهم المجاورة للمستوطنة".

وتابع: "أصبحت القرية محصورة بين شارعين "التفافيين" ومستوطنة.. أينما توجهت ستلاقي الخطر".

وسميت الطرق "التفافية"، لأنها تلتف على القرى والمدن الفلسطينية في الضفة الغربية، وعلى مدى السنوات الماضية، أقامت إسرائيل العديد منها في الضفة المحتلة، لربط المستوطنات والبؤر الاستيطانية بعضها ببعض ومع إسرائيل.

وأضاف التميمي أن "مواطني القرية يواجهون تعقيدات وحالات منع كثيرة فيما يتعلق بالتوسع والبناء، بدعوى أن 90 بالمئة من أراضيها مصنفة "ج"، وفق اتفاق أوسلو، وتقع تحت السيطرة الإسرائيلية.

وقال: "عندما نشرع في فتح طرق زراعية أو تعبيدها سرعان ما يحضر الجيش للمنطقة ويمنعنا من استكمال العمل، ويهددنا بمصادرة المعدات في حال العودة".

ويحذر التميمي من عودة الإغلاق مرة أخرى، في ظل تهديدات إسرائيلية بذلك، إذا تواصل رشق الحجارة تجاه مركبات المستوطنين المارة قرب القرية.

ويصل عدد سكان قرية دير نظام، نحو ألف نسمة، وهي تتبع محافظة رام الله، وتبعد عنها حوالي 25 كيلومترا.

وتُشكّل المنطقة "ج" نحو 60 بالمئة من مساحة الضفة الغربية، وتقع تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة، فيما يؤكد الفلسطينيون أن منطقة "ج" هي جزء من الضفة وأنه لا دولة فلسطينية بدونها.

التعليقات