سفرنا ليس رفاهية

أزمة معبر رفح ليست الوحيدة من بين أزمات الفلسطينيين، فهي بعض من ما يعانيه الفلسطيني أينما وجد في البر والبحر، و أثناء سفره وإقامته وترحاله في المطارات العربية وغير العربية

سفرنا ليس رفاهية

أزمة معبر رفح ليست الوحيدة من بين أزمات الفلسطينيين، فهي بعض من ما يعانيه الفلسطيني أينما وجد في البر والبحر، و أثناء سفره وإقامته وترحاله في المطارات العربية وغير العربية، وإهانة الكرامة والمعاملة القاسية وغير الإنسانية، والانتظار من دون سبب سوى أنه فلسطيني.

التقيت اليوم وأمس أكثر من صديق، وكان الحديث عن أزمة معبر رفح، وما يعانيه الناس أصحاب الحاجات الخاصة للسفر، فالسفر لدينا هو لأصحاب الحاجات فقط من المرضى والطلاب وأصحاب الإقامات في الخارج وللعمرة والحج، فسفرنا ليس للسياحة والرفاهية.

واستحضر عدد من هؤلاء الأصدقاء تجاربه وذكرياته على معبر رفح أو في المطارات العربية حديثا وقديما، فلم يتغير شيء، وكل شخص منهم له ذكرياته القاسية، والتي تعرض فيها للانتظار والإهانة وسوء المعاملة كونه فلسطينيا ومن غزة.

وكانت المقارنة حاضرة بين ما يلاقيه الفلسطيني في المطارات الأجنبية والمعاملة الحسنة وتسهيل مهمات المسافرين من دون قيود، وبين المطارات والعربية وسوء المعاملة في بعض منها.

بالصدفة تابعت اليوم اهتمام ممثل إحدى الدول الأوروبية في غزة، وحرصه ودولته على رعاياها المتواجدين في غزة، ويريدون السفر عبر معبر رفح باتجاه مصر، وشاهدت مدى الاهتمام بهؤلاء المواطنين الأوروبيين، ومن بينهم فلسطينيون وعرب، لتسهيل سفرهم والتنسيق مع الحكومة في غزة ومع المصريين من أجل ضمان مغادرة هؤلاء عبر المعبر، الذي يشهد حالة من الازدحام الشديد والواسطة، والعدد الكبير من الفلسطينيين لم يحالفهم الحظ في الرعاية والاهتمام من المسؤولين الفلسطينيين.

السفر للفلسطيني قصة ورحلة معاناة وخوف وقلق ورغب، وكثر من الذين بحاجة للسفر يذهبون يوميا للمعبر، وفي نهاية اليوم يعودون بخفي حنين، فالمصريون يدخلون أعدادا محدودة، والمعبر يعمل ببطء، فمرة شبكة الحاسوب توقفت، وأخرى الأوضاع الأمنية في سيناء غير مستقرة، فالعمل يتم في المعبر المصري بقدرة تشغيلية غير كافية لاستيعاب أعداد المسافرين الذين فقد بعض منهم إقاماتهم وأعمالهم وجامعاتهم.

وهناك من ضاقت به السبل وفقد الأمل في أن يلحق بعملها أو جامعته أو فرصة للعلاج أو أن تلحق بزوجها، وأن يكون صاحب حق يضمن له دورا في قوائم التسجيل الطويلة لدى وزارة الداخلية بغزة، والتي لا تخلو من واسطة هنا وأخرى هناك للحبايب وغير الحبايب، عدا عن المعاملة القاسية لبعض المسافرين والمعاناة اليومية وفقدان الأعصاب والثقة بكل شيء.

فمنهم من اضطر لدفع مبالغ طائلة لبعض السماسرة من الجانب الآخر لضمان عبوره المعبر، فهم بحاجة ماسة للسفر وهذه الطريقة غير القانونية وغير الأخلاقية مسموح بها ومبررة لدى بعض القادرين والمحتاجين والذين سيفقدون مستقبلهم إذا لم يفعلوا ذلك.

سيظل حالنا على ما هو عليه طالما ظل الحال على ما هو عليه من انقسام و تجاذبات سياسية، وعدم احترام كرامة وإنسانية الفلسطيني، وحقوقه في الحركة والتنقل التي كفلتها كل مواثيق حقوق الإنسان الوطنية والدولية من المسؤولين الفلسطينيين، وإعطائهم الرعاية والاهتمام الكافيين، والتدخل الفوري مع الدولة المصرية لسفرهم، وضمان معاملتهم معاملة إنسانية لائقة على المعابر وفي المطارات، فهم يتحملون المسؤولية الأخلاقية والوطنية عما يجري من استمرار للانقسام، وما يلاقيه الفلسطينيون من إهانة ومعاملة قاسية وغير إنسانية.

التعليقات