غزّة: الفقر والحصار وسوء التغذية يلاحقون الأطفال

وتعتمد أسرة الطفل أبو الخير، في غذائها على المساعدات الغذائية والمالية المحدودة، التي تقدمها جهات حكومية وأهلية للفلسطينيين الفقراء في قطاع غزة، كما تقول ربة الأسرة نسرين أبو الخير، البالغة من العمر 38 عامًا.

غزّة: الفقر والحصار وسوء التغذية يلاحقون الأطفال

يعجز الطفل الفلسطيني زين أبو الخير، البالغ من العمر عامًا واحدًا، عن تحريك أطرافه بشكل طبيعي، بسبب إصابته الشديدة بمرض 'فقر الدم' (الأنيميا)، الناتج عن سوء التغذية، فعائلته مصنفة ضمن الأسر التي تقطن قطاع غزة، وتعيش تحت 'خط الفقر المدقع'.

ويعاني الطفل أبو الخير، من نحول شديد في جسده إذا يبلغ وزنه 5 كيلوجرامات فقط، إضافة لإصابته بـ'الأنيميا'، ونقص الكالسيوم في الدم، وذلك نتيجة لانعدام الأمن الغذائي الذي تتعرض له أسرته المقيمة في شرق قطاع غزة والمكونة من 13 فردًا.

وحسب مخططات النمو التابعة لمنظمة الصحة العالمية، فإن الوزن الطبيعي والمثالي للطفل الذي يبلغ من العمر عام واحد، يتراوح ما بين 8 إلى كيلوجرامات.

ووفق دراسة حديثة أجرتها جمعية 'أرض الإنسان' الفلسطينية، وهي جمعية غير حكومية وتهتم بتقديم خدمات صحية للأطفال، خلال الفترة الواقعة ما بين يناير/ كانون الثاني، وحتّى أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2015، على عينة من الأطفال يبلغ تعدادها 24800 طفل، دون سن الخامسة، فإن 6% من هؤلاء الأطفال مصابون بالنحول وسوء التغذية الحاد.

ووصلت نسبة الإصابة بالنحول، الناتج عن سوء التغذية المزمن إلى 6-8%، فيما وصلت نسبة إصابة الأطفال، الخاضعين للدراسة المسحية ذاتها، بمرض فقر الدم الغذائي، إلى 28%، وفق بيان أصدرته جمعية أرض الإنسان.

وتعتمد أسرة الطفل أبو الخير، في غذائها على المساعدات الغذائية والمالية المحدودة، التي تقدمها جهات حكومية وأهلية للفلسطينيين الفقراء في قطاع غزة، كما تقول ربة الأسرة نسرين أبو الخير، البالغة من العمر 38 عامًا.

وتوضح والدته أنها تستعيض عن الطعام الصحي، الذي يجب أن يتناوله طفلها، بالخبز واللبن نظرًا لانخفاض سعريهما، مشيرةً إلى أنها وزوجها عاطلان عن العمل.

ويعاني قطاع غزة الذي يعيش فيه نحو 1.8 مليون نسمة منذ ثمانية أعوام، من ظروف اقتصادية واجتماعية وإنسانية صعبة للغاية.

وتضيف أبو الخير 'أحاول أن أنتشل طفلي من المضاعفات الصحية الناتجة عن سوء التغذية من خلال المساعدات الغذائية الصحية، التي تقدمها لنا جمعية تهتم بصحة الأطفال، عدا ذلك، فأنا غير قادرة على توفير الغذاء الجيد له'.

وتتخوف أبو الخير من أن يصاب طفلها بمضاعفات صحية كـ'تليّن العظام'، نتيجة سوء التغذية الذي يعاني منها.

ويعتبر الطفل أبو الخير، واحدًا من مئات الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية في غزة نتيجة انعدام الأمن الغذائي، بسبب تردي الوضع الاقتصادي وارتفاع نسب الفقر.

وفي ذات السياق، يرى المدير التنفيذي لجمعية أرض الانسان الخيرية، عدنان الوحيدي، أن النتيجة التي خلُصت إليها تلك الدراسة المسحية (السابق ذكر نتائجها)، تعدّ مؤشرًا خطيرًا على صحة الطفل الفلسطيني بغزة.

وأضاف أن ' هذه مؤشرات خطيرة فعلًا، لأن منظمة الصحة العالمية، تنصّ على أن أي مشكلة صحية إذا تجاوزت نسبة الإصابة بها الـ2%، فمعنى ذلك أن المنطقة التي وجدت فيها تلك المؤشرات هي منطقة منكوبة'.

ويرى أن ارتفاع نسبة الإصابة في سوء التغذية بين الأطفال في غزة، هي نتيجة طبيعية لحالة الفقر وتردي الوضع الاقتصادي الذي يعيشه السكان، إذ لا تتمكن الأسر الفقيرة من تقديم 'الغذاء النوعي' الذي يحتوي على عناصر غذائية دقيقة ومهمة، حسب قوله.

ويتابع الوحيدي 'قطاع غزة، كمنطقة محاصرة منذ أكثر من ثماني سنوات وتعاني من ارتفاع نسب الفقر، ليس من الغريب أن يعاني سكانها من سوء التغذية نتيجة انعدام الأمن الغذائي، بل نؤكد بأن نسبة إصابة الأطفال بسوء التغذية دخلت معدلات فاقت الكثير من المناطق الأخرى في العالم'.

ووصلت نسبة البطالة في قطاع غزة إلى 43%، وتعد الأعلى في العالم، فيما يحصل نحو 80% من سكان القطاع على شكل من أشكال الإعانة الاجتماعية، ولا يزال 40 % منهم يقبعون تحت خط الفقر، وفق إحصائية صادرة عن البنك الدولي، في مايو/أيار الماضي.

وبيّن الوحيدي أن استمرار تردي الوضعين الاقتصادي والإنساني بقطاع غزة، يؤثر سلبًا على صحة الأطفال، وعلى مراحل طفولتهم المختلفة، مشيرًا إلى أن 'الأطفال هم الضحية الأكبر نتيجة تردي تلك الظروف'.

ومن جانب آخر، قال خبير التغذية الدولي إبراهيم المدفع، إن نسبة الإصابة بالأنيميا (فقر الدم) في قطاع غزة 'بلغت نحو 30% لدى النساء الحوامل، وما بين 20 و25% عند الأطفال في مرحلة الحضانة، جراء الحصار الإسرائيلي للقطاع'.

فيما أكد تقرير صادر عن منظمة مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)، في سبتمبر/ أيلول الماضي، أن '72% من الأسر في قطاع غزة يعانون من انعدام الأمن الغذائي، حيث ارتفع عدد اللاجئين الفلسطينيين، الذين يعتمدون حصرًا على المعونات الغذائية، من وكالات الأمم المتحدة، من 72 ألفًا في عام 2000، إلى 868 ألفًا بحلول أيار/ مايو 2015، أي نصف سكان قطاع غزة'.

وتفرض إسرائيل حصارًا على قطاع غزة، منذ فور حركة حماس، في الانتخابات البرلمانية، عام 2006، ثم شددته في منتصف عام 2007.

التعليقات