أطفال غزة يواجهون البرد بمنازل الصفيح ومواقد النار

يلتصق والد المصري بأبنائه، ويحتضن أصغرهم التي ترتجف من شدة البرد، ويفرك بيديها الصغيرتين لعل دفئا يتسرب إليها. وتقول الطفلة نرمين المصري، في حديث مع مراسل الأناضول، فش عنا (لا يوجد) كهربا ولا غاز، أنا سقعانة كتير (أشعر بالبرد)

أطفال غزة يواجهون البرد بمنازل الصفيح ومواقد النار

الأناضول

تمسك الطفلة الفلسطينية نرمين المصري، بأناملها الصغيرة، قطعة خشبية صغيرة، وتضعها على موقد نار، أشعله والدها، في محاولة لزيادة لهيبه، عله يمنحها قليلا من الدفء.

تجلس المصري (6 أعوام)، قرب منزلهم المصنوع من ألواح 'الصفيح' و'النايلون'، والذي يفتقد لأدنى مقومات الحياة، برفقة شقيقاتها من الفتيات اللواتي يلتحفن دفء النيران المشتعلة.

ويلتصق والد المصري بأبنائه، ويحتضن أصغرهم التي ترتجف من شدة البرد، ويفرك بيديها الصغيرتين لعل دفئا يتسرب إليها. وتقول الطفلة نرمين المصري، في حديث مع مراسل الأناضول، 'فش عنا (لا يوجد) كهربا ولا غاز، أنا سقعانة كتير (أشعر بالبرد)'.

وتضيف: 'أشعلنا النار منذ وقت العصر فالبرد في منزلنا شديد. نفسي يكون عنا إشي يدفينا، أنا (اتمنى أن نمتلك وسيلة للتدفئة)'.

ومع غروب الشمس، واشتداد الرياح الباردة، وانخفاض درجات الحرارة، ينادي المصري بصوت مرتفع على زوجته لتحضر له القليل من السكر لتحضير الشاي الساخن على موقد النار لأطفاله ليعطيهم شيئاً من الدفء. ويقول المصري لمراسل 'الأناضول'، إن 'استمرار انقطاع الكهرباء على مدينتنا المحاصرة جعلنا نلجأ لنيران نشعلها من الخشب والورق لتفادي موجة البرد في ظل الفقر الشديد الذي نعيشه'.

ويضيف، 'لا يوجد أي حل لدينا لتفادي البرد سوى موقد النار لتدفئة أطفالي الصغار، في ظل غياب وسائل التدفئة التي تلجأ إليها الأسر الغنية، كالمدفئة الكهربائية، أو تلك التي تعمل بالغاز'.

ويتابع المصري الذي يقطن على أطراف مدينة خان يونس جنوبي مدينة غزة، 'أعاني من انزلاق غضروفي في إحدى فقرات الظهر، ولا أقدر على العمل ووضع أسرتي الاقتصادي، سيء للغاية وبيتي يفتقر لأدنى مقومات الحياة، ولم أجد عملًا يتناسب مع مرضي'.

والمصري واحد من آلاف الفلسطينيين في قطاع غزة، الذين لم يجدوا أمامهم سوى 'موقد النار' لإشعاله في غياب وسائل التدفئة، التي تعمل بالطاقة الكهربائية المنقطعة.

ومنذ 10 سنوات يعاني قطاع غزة، حيث يعيش حوالي 1.9 مليون نسمة، من أزمة كهرباء كبيرة، عقب قصف إسرائيل لمحطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع منتصف عام 2006، وهو ما دفع السكان إلى العيش وفقا لجدول توزيع يومي، بواقع 8 ساعات توافر للتيار الكهربائي و8 ساعات غياب.

وفي السياق ذاته، يتخوف الفلسطيني محمود التتر (45 عام)، من منخفض جوي عميق يضرب المنطقة، لأن وسائل التدفئة التي تعمل على الكهرباء والغاز، متوقفة وبلا فائدة. ويقول في حديث مع 'الأناضول: 'نحن أسرة فقيرة، حصلنا على مدفئة من أحد السكان الأغنياء في قطاع غزة، ولكن تشغيلها أصبح صعب في ظل انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة'.

ويضيف التتر، لمراسل الأناضول، 'ليس الكهرباء فقط المنقطعة لفترات طويلة بل غاز الطهي غير متوفر، فما لنا غير الحطب والورق لتفادي أزمة البرد في مدينتنا'، التي تحاصرها إسرائيل منذ أن فازت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، التي تعتبرها 'منظمة إرهابية'، بالانتخابات التشريعية الفلسطينية عام 2006.

ويعاني قطاع غزة من أزمة في غاز الطهي، فالكميات المدخلة إليه يوميا من معبر كرم أبو سالم (المنفذ التجاري الوحيد للقطاع)، لا تكفي لتلبية احتياجات القطاع الذي يحتاج كحد أدنى لـ300 طن يوميا.

ويقول التتر، 'البرد شديد في الليل، ولا استطيع تدفئة أطفالي، فالموقد لا يمكن إشعاله طوال الليل، خشية من أن تلتهم نيرانه منزلنا'.

ويضيف: 'عملي متوقف منذ أكثر من عام بعد أن دمرت غارة إسرائيلية سيارتي التي كنت أعمل عليها قبل الحرب الأخيرة'.

وشنّت إسرائيل حربًا على قطاع غزة، في السابع من تموز/يوليو 2014، أسفرت عن هدم 12 ألف وحدة سكنية، بشكل كلي، فيما بلغ عدد البيوت المهدمة جزئيًا 160 ألف وحدة، منها 6600 وحدة غير صالحة للسكن، بحسب وزارة الأشغال العامة الفلسطينية.

ووفقا لتقارير أعدتها مؤسسات دولية، فإن 80 في المئة من سكان قطاع غزة باتوا يعتمدون، بسبب الفقر والبطالة، على المساعدات الدولية من أجل العيش، بينما تجاوزت نسبة الفقر المدقع في قطاع غزة الـ40 في المئة، وارتفعت البطالة لأكثر من 45 في المئة، وفقا الهيئة الوطنية لكسر الحصار وإعادة الإعمار. 

التعليقات