04/07/2015 - 16:04

فلسطينيو سورية وجواز السفر الأوروبي و"العودة الخاصة" إلى فلسطين

التقط أحمد صورة سلفي لنفسه في السجن، ونشرها على موقع التواصل الاجتماعي وهو في سجن في مقدونيا لليوم الثالث والثلاثين، بعد أن اعتقل وهو يتسلل عبر الحدود..

فلسطينيو سورية وجواز السفر الأوروبي و

التقط أحمد-ح (25 عاماً)' صورة 'سلفي' لنفسه في السجن، ونشرها على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، وهو في سجن في مقدونيا لليوم الثالث والثلاثين، بعد أن اعتقل وهو يتسلل عبر الحدود، مع مجموعة من المهاجرين غير الشرعيين. كان حلمه أن يصل إلى أوربا، وصرف حتى الآن عاماً كاملاً منذ أن خرج من سورية، من أجل هذا الحلم، سبقه حتى الشهر الماضي أكثر من 35 ألف فلسطيني سوري، باتوا اليوم لاجئين في أوروبا.

أرض الأحلام، القارة العجوز، ازدادت بريقاً في عيون الفلسطينيين السوريين، بعد أن دمر عدد كبير من مخيماتهم في سورية منذ عام 2011، الطريق نحو البلدان التي تعطي إقامات ورواتب وتمنح الجنسية لاحقاً، قتلت المئات منهم في الرحلات البحرية، فيما سلك آخرون الطرق البرية، وقلة وصلوا عبر طرق شرعية.

 كيف يرى خمسة شبان فلسطينيين سوريين وصلوا إلى ألمانيا، السويد، فرنسا، تركيا، لجوءهم الجديد؟ كيف يذكرون المخيم؟ وكيف تبدو فلسطين من هناك؟ بماذا يحلمون؟ وإلى ماذا يطمحون؟

 يُجمع محمد أبو الهنا (28 عاما) في السويد، ونور جودة (23 عاما) في ألمانيا، ومعتز محمود (22 عاماً) في تركيا، وإياد أبو العلا (40 عاماً) في السويد، ونزار مراد (29 عاماً) في فرنسا، على أنهم وجدوا الأمان في البلدان التي وصلوا إليها، كما يتفقون على أن حلم العودة لفلسطين لا يزال حياً فيهم، لكنهم يختلفون على توقعاتهم من البلدان التي وصلوا إليها.

الأمان والحلم

محمد أبو الهنا في السويد، يرى أن التمييز ضده كلاجئ في السويد أكثر مما توقعه قبل سفره عبر البحر.

يقول أبو الهنا: 'استطيع القول إن أوروبا تشبه إلى حد كبير ما كنا نعرفه عنها سابقاً، فالتطور التكنولوجي والعمراني، وحقوق الإنسان والطفل والحيوان واحترام المواعيد ودقة العمل، كلها كما سمعت عنها وأنا في سوريا، لكن كل الكلام عن المساواة بين مواطني الدولة الأصليين واللاجئين الجدد، هي كذبة كبيرة'.

ويصف أبو الهنا الجهود التي تبذلها الحكومات الأوروبية لدمج المهاجرين بأنها أشبه بوضع مساحيق التجميل التي لن تخفي التمييز القبيح.

معاذ محمود لا يزال في تركيا يحاول الوصول إلى أوروبا، وهو يتوقع الكثير حين يصل.

يقول محمود: 'هي تشبه ما كنا نسمع عنه طوال حياتنا، كفلسطيني ستقدم لي أوروبا الحق بالتظاهر والاعتراض وإقامة الفعاليات المدنية التي طالما حرمت منها في سورية، كما سأشعر بالأمان هناك، هنا أعني الاطمئنان للمستقبل'.

في السويد، يرى إياد أبو العلا أن كل ما يعيشه يوافق توقعاته تماماً. ويقول: 'حقيقة هي كما سمعنا عنها. الأمر كان صحيحاً، هذه بلاد تحترم الحريات والقانون، المواطنون يعيشون تحت هذا السقف، أي القانون. وكفلسطيني، وللمرة الأولى أنام دون الحاجة لحسابات الأمان لي أو لأولادي'.

على عكسه تقول نور جودة التي تعيش في ألمانيا، حيث تصف الأمر بالصدمة. وتضيف 'لقد صدمت  في الواقع، صفة لاجئ هنا تختلف عن تلك التي عشت معها كل عمري في سوريا، هذه البلاد لا تشبه تلك التي عرفناها وحلمنا بها، الفرص لا تأتي بسهولة، عليك أن تعمل وتجتهد كثيراً كي تصل إلى ما تريد، ثم إن الأمان هنا، يمنح ويشعر به الجميع، مواطنون ولاجئون'.

لماذا نبدع هناك؟

يعدد معاذ أسماءً لشبان من أبناء مخيمه، مخيم اليرموك، وقد نالوا فرصاً وشهرة في الموسيقى والغناء والرسم والأدب، ويرد السبب للحرية التي يتمتع بها الفلسطيني السوري في أوروبا.

يقول معاذ: 'لمعت في أوروبا أسماء عدة لشباب كانوا يعيشون حياة عادية في اليرموك، الفنان التشكيلي هاني عباس، والمخرج حسن الطنجي، والموسيقي أبو غابي، والراقص محمد تميم، والمصور الفوتوغرافي فادي خطاب. فهم يملكون الموهبة والإبداع لكنهم لم يحصلوا على فرصة حين كانوا في سورية'.

ذاكرة المخيم هي من يحرض كل هؤلاء، هكذا يؤكد إياد أبو العلا. ويقول: 'لديك رسام الكاريكاتير الفلسطيني من مخيم اليرموك هاني عباس، الكثيرون غيره ينتظرون أن يستقروا، أتوقع المزيد من المبدعين الذين سينهلون من ذاكرة المخيم الباقية التي لن تتركنا، ولن ننساها ببساطة، المخيم هو المدرسة الذي سنستمد منه كل أفكارنا الوطنية التي تربينا وتعلمنا بين أزقته أن لا ننسى'.

في باريس يستعد نزار مراد للالتحاق بالجامعة ليدرس علم الجينات. عامان في فرنسا بعد رحلة بحرية خطرة، كانا كفيلين بجعله يحقق حلمه بدراسة هذا الاختصاص.

يقول مراد: 'لم يكن بإمكاني دراسة علم الجينات في سوريا أو في أي مكان في العالم العربي، هنا سأتمكن من ذلك، دفعت ثمناً كبيراً من أجل هذا، لكن الأمر يستحق، هنا كبرت أحلامي كثيراً بت أراها ممكنة أكثر'.

إلى فلسطين ولو بعد حين

الشبان الخمسة، يتفقون على أنهم لو خيروا حقاً، لاختاروا التوجه لفلسطين، البعض منهم يخطط لذلك فعلا، نزار يسعى للحصول على جواز سفر فرنسي كي يزور فلسطين على الأقل، ويقول: 'سأذهب إلى عكا، أعرف أين هو منزل جدي هناك، ذلك أول بلد سأزوه حين أملك جواز السفر الفرنسي'.

ذات الفكرة موجودة لدى معاذ: 'سأكون فلسطينياً بعد أن أحصل على أي وثيقة سفر أوربية، سأذهب لفلسطين، سأحقق عودتي الخاصة'، وبفارغ الصبر ينتظر إياد جواز سفره الأوروبي أيضاً، ليتوجه إلى فلسطين.

حلم العودة ذاته يراها محمد أكثر قرباً من السويد، و'فلسطين هي أبعد جغرافياً من هنا، ولكن حلم العودة إليها يبدو أكثر قابلية للتحقيق، لا أقول إنه قريب، ولكن بالنسبة للوضع السابق كان مستحيلاً'.

فيما تصف نور فلسطين بالبوصلة التي لا يمكن نسيانها ولا تجاهلها، ولا تشك أبداً بأنها حين تحمل جواز السفر الألماني، فإنها ستذهب نحو فلسطين.

آلاف وصلوا رسمياً

ذكرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في تقرير لها، أن عدد اللاجئين الفلسطينيين السوريين الذي لجأوا إلى أوروبا خلال الفترة من عام 2011 حتى شهر حزيران 2015 قد بلغ (36450) لاجئًا، وذلك بناءً على إحصاءات وتقارير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. 

وأشار التقرير إلى أن معظم اللاجئين الفلسطينيين السوريين الذين وصلوا إلى أوروبا قد ركبوا 'قوارب الموت'، مجازفين بحياتهم وحياة أبنائهم، هربًا من الحرب الدائرة في سوريا ،وأودت بحياة مئات الآلاف من السوريين واللاجئين الفلسطينيين.

التعليقات