10/11/2010 - 00:25

«اخوَةٌ في السّلاح: قصّةُ تنظيمِ القاعدةِ والجهاديينَ العرب»

يقدم الصحافي اللبناني كميل الطويل في كتابه «إخوة في السلاح»، تاريخا تفصيليا لتنظيم القاعدة بدءا من نشأته عام 1988، ونهاية بنظرة عامة حول فروع «القاعدة» في المنطقة في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول). ويستعين الطويل بالروايات واللقاءات لرصد تطور تلك الشبكة الرخوة من الجهاديين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مع تركيز خاص على تأثير الحركة في الجزائر ومصر وليبيا.

«اخوَةٌ في السّلاح: قصّةُ تنظيمِ القاعدةِ والجهاديينَ العرب»

 

في تلك الترجمة الانجليزية المكثفة لكتاب كميل الطويل الصادر أساسا باللغة العربية، يرصد الكاتب اللبناني التاريخ الحديث لحركات الجهاد. وهو يستخدم «ورطة الروس» في أفغانستان في الثمانينات كنقطة البدء لإلقاء الضوء على الانتصارات السياسية والعسكرية التي تلتها في المنطقة، وهو ما يوضح إلى حد كبير التحولات الآيديولوجية والقتال اللذين حدثا في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

ويرصد كتاب «إخوة في السلاح» قصة انضمام أعضاء محددين إلى تلك الجماعات، وتكوينهم للاتصالات الإقليمية وحصولهم على التدريبات العسكرية، وتجوالهم في العالم لإتمام واجبهم الجهادي سواء باستقطاب أعضاء جدد في لندن أو الهروب إلى أراض أجنبية مثل الصين، بحثا عن ملجأ آمن.

وهو يكشف، على نحو خاص، الصداقات والروابط العسكرية والعائلية والالتزام الثقافي صوب الدين والحفاظ على الولاءات التي ساهمت في تكوين تلك التحالفات غير المستقرة. وينتقل الطويل بين حركات إسلامية منفصلة من بلدان مختلفة وهو ما يجعل من الصعب على القارئ الذي يفتقر إلى المعلومات الأساسية حول تلك المنطقة واللاعبين الأساسيين بها والأحداث السياسية الأخيرة أن يتابعه. وفي ذلك السياق، يصبح شرح الاختصارات الذي قدمه الطويل في الصفحة السابعة مرجعا ضروريا، حيث يشير عبره لخصائص الجماعات المختلفة.

جور تاريخي، ومحاكمات سرية، وولاءات متغيرة، ساهمت جميعا في تشكيل ديناميكيات الحركات الجهادية العربية، وهي الصورة التي أجاد الطويل في رسمها من خلال المزج بين كثير من الروايات. فعلى سبيل المثال، أوضح الطويل العلاقة المضطربة بين المجاهدين العرب والأفغان عبر قصة تروي محاولة أعضاء جماعة مسلحة خلع أحد كبار القادة من خلال محاكمته غيابيا بزعم سلوكه العلماني. وفي مرحلة لاحقة من الكتاب، يرصد الطويل المنطق خلف قرارات زعماء الجماعة، ويفترض تكتيكات محددة ويضع تفسيرات مهمة لأفعال أسامة بن لادن والحركات الإقليمية في بداية الألفية الثالثة.

وعلى الرغم من أنه كان يشير باستمرار إلى الصلات بالحركات في الجزائر ومصر وليبيا، فإن التركيز الأساسي كان على تنظيم القاعدة، وهي الجماعة ذات الشبكة شديدة التعقيد التي تقع في مركز حرب الولايات المتحدة الأميركية على الإرهاب. وعلى الرغم من أن الحرب ضد روسيا عملت على توحيد حركات الجهاد، فإن جهود توحيد تلك الحركات في أعقاب الحرب الباردة باءت بالفشل، نظرا لأن القادة قد اختاروا التركيز على أجنداتهم الوطنية والأعداء الأقرب.

ويربط الطويل تشكيل الآيديولوجيا الجهادية لتنظيم القاعدة مباشرة بآيديولوجيا حركة الجهاد المصرية التي أدانت الحكومات العربية التي لا تحكم بالشريعة الإسلامية وغيرها من الحركات التي رفضت الانضمام إلى الجهاد. وقد عملت منشورات حركة الجهاد المصرية كنصوص أساسية في معسكرات تدريب تنظيم القاعدة. في أواخر التسعينيات، كانت حملة بن لادن لتركيز الجهاد على العدو البعيد، أو الولايات المتحدة، تتخذ جذورا لها وتعمل على خلق جبهة متحدة. سوف يتحد تنظيم الجهاد المصري وتنظيم القاعدة لاحقا في يونيو (حزيران) 2001، وقبل عدة أشهر من هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول).

وسرعان ما أوضح الطويل أن التغير في الآيديولوجيا من الجهاد الدفاعي، الذي حمت عبره الحركات الإسلامية أراضيها من الغزاة، إلى الهجومي، الذي سعت من خلاله وراء الأعداء، لم يلق إعجاب كافة الجهاديين في المنطقة؛ فقد شعر البعض أن بن لادن قد أفسد الآيديولوجيا، وبالتالي عرقل أجنداتهم الوطنية التي تسعى للحصول على التأييد تحت الشعارات الدينية. وعلى الرغم من ذلك اتهم الطويل زعماء الولايات المتحدة بالتبسيط المخل في تعريفهم للجهاديين ووضعهم جميعا في فئة واحدة، وهو ما لم يسفر سوى عن إغضابهم ودفعهم للتوحد ضد الولايات المتحدة.

وبالإضافة إلى ذلك، تحدث «إخوة في السلاح» حول عمق معلومات الاستخبارات الأميركية حول بن لادن وتنظيم القاعدة وكيف أهملت الولايات المتحدة فرصتين للقبض عليه والتعامل مع المخاطر المتنامية التي مثلتها حركته في أواخر التسعينيات. ويوازي الطويل بوضوح بين الحرب على الإرهاب والوجود الروسي في أفغانستان في الثمانينيات موضحا أن التمرد الإشكالي في العراق منح تنظيم القاعدة «المتنفس الذي كانوا بحاجة إليه لكي يتوحدوا مرة أخرى».

ومن ثم، في عام 2003، أصبح تنظيم القاعدة فضفاضا حيث أصبحت الحركات الجهادية تستغل اسم التنظيم دون الخضوع لأي إدارة مركزية. ويقدم الطويل تفاصيل جديدة حول الصراع بين أبو مصعب الزرقاوي من تنظيم القاعدة في العراق والشخصيات الأساسية في تنظيم القاعدة نظرا لاختلافهم حول تكتيكات الزرقاوي الإقصائية والقهرية.

ويكتسب الكتاب زخما في نهايته عندما يتجه صوب الأحداث الدرامية التي أدت إلى هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول). حيث يصطحب القارئ في جولة مكوكية حول فروع تنظيم القاعدة الموجود في شبه الجزيرة العربية، والعراق، والجزائر، وليبيا.

ومع ذلك، فإن الاستنتاج - الذي يأتي في صفحة واحدة - يفتقر إلى عنصر الترابط؛ حيث يبدو الصحافي اللبناني، الذي وهب جانبا كبيرا من حياته للبحث في تلك القضايا وفي إيجاد مصادر لمعلوماته، مترددا في وضع خلاصة خبرته في استنتاج نهائي. وفي ظل التعقيدات المعروفة للتكتيكات الغربية لمواجهة التمرد في العراق والمشكلات المستمرة مع حركة طالبان أفغانستان، كان من المتوقع أن يتخذ الكاتب موقفا أكثر تحديدا حول كيفية تطوير العمليات المناهضة للمسلحين.

وربما يكون الافتقار للتحليل قد جاء في إطار محاولات الطويل تقديم رواية صحافية موضوعية للأحداث، أو ربما كان ذلك في إطار جهوده للسماح للقارئ بتكوين رأيه الخاص. وفي كلتا الحالتين، يترك الكتاب القارئ بفهم أعمق لتنظيم القاعدة الغامض، ولكن مع كثير من الأسئلة غير المجابة حول الاتجاه المستقبلي للحركات الجهادية العربية.

التعليقات