17/12/2010 - 03:36

مشروعٌ هندسيّ للحفاظ على أكبر مساحة فسيفساء بالعالم في أريحا

لجأت كلّ من منظمة اليونسكو والسلطة الفلسطينية، إلى يسعى المهندس السويسري بيتر زومثور، وذلك بغية إنقاذ أكبر فسيفساء في الشّرق الأوسط، لا بل في العالم، بين أنقاض قصر هشام، أحد الرّوائع الأمويّة التي تعود إلى القرن الثامن الميلاديّ، والّذي تقع بالقرب من أريحا.

مشروعٌ هندسيّ للحفاظ على أكبر مساحة فسيفساء بالعالم في أريحا

لجأت كلّ من منظمة اليونسكو والسلطة الفلسطينية، إلى يسعى المهندس السويسري بيتر زومثور، وذلك بغية إنقاذ أكبر فسيفساء في الشّرق الأوسط، لا بل في العالم، بين أنقاض قصر هشام، أحد الرّوائع الأمويّة التي تعود إلى القرن الثامن الميلاديّ، والّذي تقع بالقرب من أريحا.

وكان بيتر زومثور، الحائز جائزة "بريتزكر 2009"، والتي تعادل جائزة نوبل للهندسة، قد قدّم مؤخرًا للدول المانحة مشروعه المسمّى بـ "بيت الفسيفساء"، وذلك بهدف العمل على تعزيز هذا الموقع الأثريّ الذي يعتبر واحدًا من المواقع الأكثر غنى في فلسطين شمالي واحة أريحا.

وبدأ زومثور، البالغ من العمر 67 عاما، والذذي يصف نفسه بـ "المهندس المؤلّف"، بالعمل على فكرته في العام 2006، هادفًا إلى "إعادة خلق جو الموقع الأصلي حتى يجعله مكانا رمزيا لأريحا"، واحدة من أقدم مدن العالم، والتي مضى على قيامها 10 آلاف عام.

ويفضّل زومثور الّذي اكتسب شهرته نتيجة أعماله التي تناولت مبانٍ دينيّة وثقافيّة، التحدث عن "إعادة إعمار عاطفيّة" لقصر هاشم، بدلا من استخدام كلمة "الترميم".

اكتشف القصر عام 1873، وتقع مبانيه على مساحة 60 هكتارًا

وكان موقع قصر هشام الذي شيّد زمن الدّولة الأمويّة قد اكتشف عام 1873، وقد قام بعمليّات التّنقيب الأولى عالم الآثار البريطانيّ، روبرت دبليو هاملتون، في الثّلاثينات، أي خلال الانتداب البريطاني على فلسطين.

ويعتبر قصر هشام قصرًا شتويًّי نموذجيًّا للهندسة الاسلامية في بداياتها، ويتألف من مسكن بطبقات عدة، وبفناء مع قناطر، ومسجد، ونافورة مياه، وحمامات على الطراز الروماني، وتمتدّ مبانيه على مساحة 60 هكتارًا في خربة المفجر، غربيّ غور الأردن، وعلى انخفاض يبلغ 260 مترًا عن مستوى سطح البحر.

ولطالما نسب هذا القصر إلى عاشر خلفاء السلالة الأمويّة الحاكمة، هشام بن عبد الملك (724 – 743 لكن البعض يرى أنّ ابن أخيه وخلفه الوليد بن يزيد بن عبد الملك، هو الذي شيّده في الفترة الممتدة بين العامين 743 و744، وقد اتّخذه مسكنًا له.

هذا ولم تنته أعمال بناء القصر، إذ دمّرته هزّة أرضيّة ضربت المنطقة حوالي العام 749.

القصر مرشّح ليكون ضمن قائمة التّراث العالميّ الانسانيّ

وتؤكد لويز هاكسثاوزن، مديرة مكتب منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" في رام الله، أنّ "الموقع الأثريّ لقصر هشام يشكل أولوية لليونسكو، وهو مؤهل كي يدرج في قائمة التّراث العالميّ للانسانية."

ويذيع صيت الموقع نظرًا لكثرة الفسيفساء التي يضمها، ففيه "شجرة الحياة" الشّهيرة، وتحتها غزالان يرعيان العشب، في حين يفترس أسد غزالا ثالثا، وذلك يفسّر على أنّه رمز للسّلم والحرب.

وفي ردهة الحمّام الكبير، وعلى مساحة 850 مترا مربعا، نجد فسيفساء أرضيّة، وهي أفضل تلك المجموعات الفسيفسائيّة التي تمت المحافظة عليها في الشرق الأوسط، كما أنها ولا شك الأكبر في العالم بحسب الخبراء، واليوم تغطّي رسوماتها الهندسية طبقة من الرّمال بهدف حمايتها.

"بيت الفسيفساء": مخطّط السويسريّ زومثور لحماية فسيفساء القصر

ولوقاية البلاط الملوّن من الشّمس والأمطار والرّياح الرمليّة، بالإضافة إلى إعادة خلق مساحة هندسيّة، صمّم بيتر زومثور هيكلاً خشبيًّا أطلق عليه اسم "بيت الفسيفساء".

وفي التّصميم تصور زومثور عريشًا مؤلفا من عارضات خشبيّة أرز لبنان، يسند على 16 دعامة من الخرسانة الّتي ما زالت صامدة منذ تاريخ تشييد القصر.

وهذا الملجأ الذي يبلغ ارتفاعه 18 مترا، والذي يخفف وزنه شيئا فشيئا كلّما تقدّم المشروع، سوف يغطّى بقماشٍ أبيض، فيتيح دخول الضّوء الطبيعيّ، كما يحرص على تأمين التّهوئة.

في الداخل، سوف تخصّص جسورٌ للمشاة تعلو 3.5 مترًا عن الأرض، وذلك حتى لا يفسد الزّائرون قطع الرخام، أمّا في الخارج، فيعيد جيل كليمان، مهندس المناظر الطبيعيّة الفرنسيّ، إعادة تصميم حديقتين.

وتتراوح الكلفة العامّة للورشة، ما بين 10 و15 مليون دولار، تؤمن أربعة منها خلال العامين المقبلين بحسب اليونسكو.

ومن المتوقّع أن تنطلق ورشة البناء الفعليّة في العام 2013، ويعتبر هذا المشروع الاستثمار الثقافيّ الأكثر أهميّة حتى يومنا هذا في الأراضي المحتلّة، بحسب وزارة السياحة والآثار الفلسطينية.

ولعل إحدى فوائد "بيت الفسيفساء"، تكمن في أنه قد يشكّل "نموذجا" لكيفيّة المحافظة على مواقع أثرية أخرى.

التعليقات