11/12/2014 - 21:55

في لبنان، حديقة تزهر على جبل نفايات

إلى جانب قلعتها الواقعة على واجهتها البحرية وسوقها القديم، باتت صيدا عاصمة جنوب لبنان، تعرف في العقود الأخيرة أيضا بجبل النفايات الشاهق القائم على شاطئ البحر الأبيض المتوسط، والذي سيستحيل أخيرا حديقة عامة واسعة.

 في لبنان، حديقة تزهر على جبل نفايات

إلى جانب قلعتها الواقعة على واجهتها البحرية وسوقها القديم، باتت صيدا عاصمة جنوب لبنان، تعرف في العقود الأخيرة أيضا بجبل النفايات الشاهق القائم على شاطئ البحر الأبيض المتوسط، والذي سيستحيل أخيرا حديقة عامة واسعة.

فعلى مدى عشرات السنوات، عانى سكان صيدا من الروائح الكريهة المتصاعدة من كومة النفايات الهائلة هذه التي كان ينبعث منها دخان مثير للغثيان يصل أثره أحيانا إلى جزيرة قبرص المجاورة.

وفي الصيف كانت المروحيات تتدخل أحيانا لإطفاء حرائق تنشب فيه، في حين كانت العواصف في الشتاء تحمل النفايات إلى شوارع المدينة أو إلى عرض البحر. إلا أن هذا الكابوس البيئي في طريقه إلى التلاشي بفضل مشروع طموح.

يقول رئيس بلدية صيدا، محمد السعودي، الذي سبق وتعهد بالقضاء على هذا الجبل الهائل: "تصوروا أننا انتقلنا من جبل نفايات ارتفاعه 58 مترا إلى ثمانية أمتار ونصف المتر، هي عبارة عن تلة خضراء".

ويوضح: "قبل ذلك كان جبل النفايات قرب المنازل مع سموم وروائح وأمراض سرطانية. اختفت النفايات والعمل جار على طبقة أولى سنزرعها بالعشب ومن ثم سنردم من أجل إقامة الحديقة. وقد بدأنا بجلب الأشجار".

وبدأ المشروع مع إقامة سد كاسر للأمواج حول المكب والشاطئ المحيط به، وأقدمت البلدية بعد ذلك على إقفال الموقع، فيما حولت النفايات إلى مركز جديد لفرزها جنوب صيدا.

وتدخلت عندها آليات لرفع النفايات وجزء كبير منها ركام تكدس منذ منتصف الحرب الأهلية في لبنان (1975-1990)، وقد تمت تسوية النفايات بالأرض ما سمح بردم 550 ألف متر مربع على البحر، سيحول 33 ألفا منها إلى حديقة تفتح أبوابها العام المقبل.

وقد زرع الموقع بالعشب، وسيمنع من دخول الزوار إليه خلال السنوات الثماني المقبلة حتى تتحلل النفايات المطمورة فيه. وتقوم شبكة من القساطل بنقل الغاز الناجم عن النفايات المطمورة.

ويوضح إدغار شهاب من برنامج الامم المتحدة الإنمائي الذي أشرف على الخطة، إن المشروع يقوم على "تحويل جبل العار إلى مشروع تفخر به مدينة صيدا"، إلا أن هذه الحماسة لم تطل الجميع.

فيأسف محمد السارجي، مؤسس المنظمة الأهلية "بحر لبنان"، لعدم إقرار بلدية المدينة لخطته التي كانت تقوم على تدوير الجزء الأكبر من النفايات على ثلاث سنوات بكلفة عشرة ملايين دولار، أي أقل من كلفة المشروع الحالي.

ويرى أن الخطة المعمول بها تهدف إلى ردم البحر من خلال دفع "نصف جبل النفايات" باتجاه السد الكاسر للأمواج، ويأسف أيضا لردم جزء كبير من شاطئ صيدا الرملي، ويتساءل حول المستفيدين في المستقبل من هذه الواجهة البحرية الجديدة التي قد تؤدي إلى مشروع عقاري مربح جدا.

وأبدى آدم ريد، من شركة الدراسات البريطانية "ريكاردو-ايه اي ايه" التي تعنى بالتدوير، استغرابه للكلفة المعلنة ب25 مليون دولار التي يضاف إليها 20 مليونا كلفة السد.

الا أن رئيس بلدية المدينة يؤكد أن الاختيار وقع على المشروع الأقل كلفة بين المشاريع التي تقدمت بها شركات تملك المؤهلات الضرورية.

ويشيد الكثير من سكان المدينة بالمشروع الذي تحقق "بعد سنين وسنين من الوعود" حسب ما يقول طارق حسن الفني الميكانيكي الذي يرى فيه "متنفسا لأهل المدينة والجنوب".

أما التاجر حسن ارناؤوط،  فيتمنى ألا يعرف بعد الآن موسم صيف تنتشر خلاله "الروائح الكريهة ويشتعل جبل النفايات تلقائيا فيما الرائحة تغطي المدينة".

أما رئيس البلدية، فيأمل أن تقتدي مناطق لبنانية أخرى بصيدا قائلا: "يجب أن ينظروا إلى ما فعلنا وأن يحذوا حذونا..المهمة سهلة وصحية جدا على الصعيد البيئي مع اعتماد المواصفات العالمية. نحن فخورون بالذي حصل".

التعليقات