29/01/2015 - 17:02

فقراء مابوتو ينبشون نفايات الازدهار الاقتصادي

لم تكد شاحنة النفايات تتوقف حتى انقضّ عليها جايسن (13 عاما) وصبيان آخرون وهم يصرخون ويصفرون للاستحواذ على حمولتها، ويتسلقون كومة الأكياس ويمزقونها بحثا عن كل ما يمكنهم الحصول عليه من أوراق وزجاجات وقوارير.هذه الشاحنة كانوا يترقبونها تحديد

فقراء مابوتو ينبشون نفايات الازدهار الاقتصادي

نسوة وأطفال يبحثون في شاحنة قمامة في مابوتو في 14 تشرين الأول (أكتوبر) 2014 / أ ف ب

 

تعلو بسمة عريضة على وجه 'جايسن'  فهو عثر للتو على قطعة حلوى محشوة بالكريما، لا تزال موضبة بين القمامة في شاحنة تنقل هذه النفايات إلى مكبّ هولين في وسط مابوتو عاصمة موزمبيق.

جبل النفايات هذا بحجم ثلاثة ملاعب لكرة القدم، وارتفاع ثلاثة طوابق، ويقع في قلب المدينة.  وهو يلخّص العقد المنصرم في هذا البلد الجنوب أفريقي، المُطل على المحيط الهندي، الذي سجّل خلاله نمو صاروخي لكن مع تواصل الفقر.

لم تكد شاحنة النفايات تتوقف حتى انقضّ عليها جايسن (13 عاما) وصبيان آخرون وهم يصرخون، ويصفرون للاستحواذ على حمولتها، ويتسلقون كومة الأكياس ويمزقونها بحثا عن كل ما يمكنهم الحصول عليه من أوراق وزجاجات وقوارير.

هذه الشاحنة كانوا يترقبونها تحديدا لأنها آتية من الأحياء الفخمة التي تضم بعض أجمل فنادق مابوتو.

وقد انتزع جايسن قطعة الحلوى التي كان يتنافس عليها أطفال آخرون، ليُحسّن بذلك رتابة طعام الفطور المؤلف عادة من خبز عفن.

ويُشكّل المكبّ مصدر الإزعاج الأول لسكان المنطقة، مع أسراب الذباب التي يحملها والروائح السامّة والكريهة المنبعثة منه خصوصا بعد أمطار فصل الصيف،  إلا أنه الوسيلة الوحيدة لإستمرارية جايسن ولنحو 500 شخص آخر، ولا سيّما من الأطفال والنساء وهم الفئة الأكثر هشاشة في المجتمع.

أجسامهم النحيلة المقوّسة تبدو من بعيد كالأشباح وسط محيط القمامة هذا، وذلك وسط سحاب بني اللون فيما طيور البلشون تحوم فوقهم.

وعندما يُسأل جايسن ما الاسوأ في حياته هذه التي يمضيها بنبش القمامة مع والدته، يفكر المراهق بصمت ثم يهمس قائلا 'الجوع'. 

900 طن من النفايات ينتهي بها المطاف يوميا في هذا الموقع. وقد بني في الأساس بعيدا عن مابوتو، قبل 50 عاما، من قِبَل مستعمرين برتغاليين إلا أن توسع المدينة، التي باتت تضم أكثر من مليون نسمة، جعل المكبّ في قلب العاصمة.

قبل العام 1960 كانت موزمبيق من أقل البلدان تحضرا في العالم. إلا أن عدد سكان المدن ارتفع من 4 % إلى 38 % في العام 2010 بحسب تقديرات الأمم المتحدة.

وتقع فنادق مابوتو الفخمة والمراكز التجارية الجديدة والشقق العالية الجودة على بعد كيلومترات قليلة، لكن تبدو وكأنها في عالم مواز.

وموزمبيق هي من الدول العشر التي يشهد اقتصادها أسرع نمو في العقد الاخير، قبل حتى الانعكاسات الإيجابية المرتقبة من اكتشافات الغاز الكبيرة التي سجلت في شمال البلاد. ويبلغ معدل النمو 7,5 % سنويا وهو أمر سيتواصل في العام 2014 والعام 2015 على ما يتوقع صندوق النقد الدولي.

لكن بعد أكثر من عشرين عاما على انتهاء الحرب الأهلية، لا يزال هذا البلد في المرتبة ال178 من بين 187 بلدا في تصنيف الأمم المتحدة للتنمية البشرية.

وبالنسبة لجامعي النفايات، يبقى الدليل على النمو الاقتصادي القوي في البلاد، الكمية المتزايدة من النفايات المنزلية.

ونظريا، يُمنع الأطفال من دخول مكبّ هولين لكن يستحيل طردهم عمليا.

ويقول أميريكو زاكارياس، مسؤول الموقع 'عندما بدأت العمل هنا في عام 2009 كان عدد الأطفال قليلا. إلا أن عددهم الآن يعادل عدد البالغين تقريبا'.

وبدأت تينا فيلسيانا تأتي إلى الموقع بعد وفاة زوجها. فهي أم لثلاثة أطفال، وتعيد بيع القطع البلاستيكية التي تجدها محققة 16 دولارا في الشهر، الذي يبقى أجرا ضئيلا جدا مع أن نصف سكان البلاد يعيشون بأقل من دولار في اليوم.

وتقول فيلسيانا 'أنا أعاني كثيرا، لكن من دون عمل لا أجد ما أقدمه لأطفالي.'

وسط هدير الشاحنات، يُسمع فجأة بكاء طفل رضيع من بين النفايات. فقد وضعته والدته بغلاف بلاستيكي بفقاعات على عجل، وخبأته في مكان لتتمكن من التفتيش في محتوى شاحنة النفايات الأخيرة. 

التعليقات