30/01/2015 - 20:00

فنان عراقي يحول الأحذية البالية والنفايات "وجوها" لتنظيم الدولة الإسلامية

في منزله الكائن في شرق بغداد، الذي أصبح مشغلا ينجز فيه أعماله، يجلس عقيل خريف على سجادة حمراء اللون، تحيط به جدران علقت عليها وجوه سوداء صنعت من أحذية بالية ونفايات لتجسيد "بشاعة" تنظيم الدولة الإسلامية كما يقول.

فنان عراقي يحول الأحذية البالية والنفايات

في منزله الكائن في شرق بغداد، الذي أصبح مشغلا ينجز فيه أعماله، يجلس عقيل خريف على سجادة حمراء اللون، تحيط به جدران علقت عليها وجوه سوداء صنعت من أحذية بالية ونفايات لتجسيد 'بشاعة' تنظيم الدولة الإسلامية كما يقول.

واختار هذا الفنان العراقي، البالغ من العمر 35 عاما، النعال لصنع هذه 'الوجوه' التي تجسد عناصر التنظيم الذي قتل وهجر مئات الآلاف في العراق وسوريا منذ منتصف حزيران (يونيو). وهو يستخدم الأشرطة لصنع الشعر، والسحابات لصنع الأسنان، وقطعا معدنية صغيرة للعيون.

ويقول خريف 'أردت تصوير مدى إجرام وبشاعة وقبح أعمال عناصر التنظيم، والتعبير عن وجه من أوجه نقمة العراقيين ضد الإرهاب'.

وهو يستذكر القول الشعبي العراقي 'وجه الكندرة' أو الحذاء المستخدم للإشارة إلى الأشخاص القبيحين، مؤكدا أن هذا 'ما أريد أن أقوله'.

ويضيف خريف 'فكرت كيف أصنع داعش (الإسم الذي يعرف به التنظيم). صحيح أنه مجرد حذاء، لكن فلسفة العمل هو أن الحذاء كلما استخدمته ازداد تشوها'.

وتبدو 'الوجوه' على قدر كبير من القباحة والقذارة، وأقرب إلى أشكال مرعبة تثير الخوف لدى الناظرين اليها. وتعمد خريف القيام بذلك ليعكس من خلال الوجوه الصادمة، النظرة القاتمة إلى التنظيم الذي يسيطر على مناطق واسعة في العراق منذ هجومه الكاسح في حزيران (يونيو).

ويقول 'تنظر إلى الأعمال فتراها مصنوعة من بقايا نفايات وأحذية بالية، لكنها تظهر عقليتهم المريضة وتعطشهم للدماء'.

ويتعمد الفنان، وهو أستاذ جامعي في الهندسة المعمارية، تشويه الوجوه التي ينجزها، فبعضها بعين واحدة لأن التنظيم يرى الأمور من منظاره الخاص 'وليس كما نرى نحن الحق بعينين إثنتين'، على حد قوله. وهناك قطع أخرى تضم ثقبا كبيرا لتجسيد الفم والحلق، ما يعكس 'الصراخ الذي أرعب كل العالم'.

وأدى هجوم التنظيم إلى تهجير مئات الآلاف من مناطق إقامتهم في العراق. كما قتل الآلاف غيرهم أكانوا من أفراد الشرطة والجيش أو السكان الذين رفضوا الخضوع لسلطته. كما قتل التنظيم الآلاف في سوريا، حيث يسيطر على مناطق واسعة في الشمال والشرق.

ويقول خريف 'عندما أنجز العمل الفني استحضر النازحين، واحاول أن أظهره (التنظيم) بأبشع شكل لأواسي الناس الذين تركوا بيوتهم، ولأقول لهم <ليس فقط الجندي معكم>'. وتخوض القوات العراقية معارك لاستعادة المناطق التي يسيطر عليها الجهاديون.

تبلورت فكرة الأعمال لدى خريف بعد نحو أسبوع من سيطرة التنظيم على الموصل (شمال العراق) في العاشر من حزيران (يونيو). وهي أول المناطق التي سقطت بأيدي التنظيم المتطرف الذي تمدد جنوبا وغربا، واقترب في حينه من العاصمة بغداد.

ويشير إلى أنه حاول 'تجسيد هذا الحدث في عمل فني.. رأيت أن لا عمل يوازي هذا الأمر من بقايا الأحذية'، مضيفا 'أعرف أني بهذا العمل لن أخرجهم من بلدي، لكني على يقين أنهم سيحرجون به'.

ويعتمد خريف على الشارع لجمع 'مواد' أعماله حيث ينتقي النفايات بنفسه ويبتاع بقايا الأحذية من محال صغيرة في الأسواق الشعبية. ورغم 'الاستهزاء' الذي يواجه به احيانا من الناس، إلا أن ذلك لا يثنيه عن محاولة إيصال أفكاره إليهم.

ويقول 'أعمل في الشارع، أريد أن تعرف الناس هذا الفن، أريد الناس أن تتوعى ... من يرى هذا العمل يدرك أن النفايات ليست مضرة، ونستطيع استخدامها في أشياء مفيدة'.

ويعكف خريف حاليا على إنجاز جدارية خشبية مساحتها أكثر من ثلاثة أمتار مربعة، ومقسمة إلى 24 جزءا متساويا يضم كل منها 'وجها' مصنوعا من الأحذية. وعلى الرغم  من أن هذه الجدارية مستوحاة من 'داعش' كتنظيم، إلا أنه يريد لها أن تعكس معاني إضافية.

ويوضح أن 'الجدارية تمثل الدواعش الذين يعيشون بيننا وليس الإرهابيين فقط ... من السخف القول أن هؤلاء داعش فقط، فالمصطلح ينطبق على الفاسدين داخل المؤسسات'.

ويؤكد أن 'الداعشي' بالنسبة إليه هو 'كل إنسان لا يحب بلده ولا يحب الخير، ويؤمن بالموت، ويرفض الآخر ولديه استعداد لأن يقتلك عندما تختلف معه'.

ورغم تجسيده بشكل ساخر عناصر تنظيم عرف عنه قيامه بقتل كل من يخالفه الرأي بطريقة وحشية، إلا أن خريف مصمم على المضي قدما.

ويقول إن 'الموت في كل مكان وأنا لست أهم من الذي يدافع عن بلده ويحمل السلاح ويذهب لمواجهة العدو وجها لوجه، بالعكس، من منطلقي أنا أتضامن وإياه، وإذا مت فلست أهم منه'.

ويتابع 'إذا أتى الموت نتقبله بكل رحابة صدر. أقله أن أموت مؤمنا بقضية حقيقية'. 

التعليقات