30/04/2015 - 21:19

الزراعة بالمياه مالحة لمواجهة الجوع في العالم

هذا المشروع الذي ينسف النظريات الزراعية الحالية التي تؤكد أن الزراعات لا تنمو في المياه المالحة، يمكن أن يشكل حلا لمشكلة تملح الأراضي التي تهدد الأمن الغذائي لملايين الأشخاص

الزراعة بالمياه مالحة لمواجهة الجوع في العالم

حقل اختبار لزراعة البطاطا في جزيرة تكسل شمال هولندا

حقل صغير في جزيرة تكسل شمال هولندا يشهد باستمرار هبوب رياح عنيفة مصدرها بحر وادن قد يقدم حلا لمشكلة الجوع في العالم، هو عبارة عن محاصيل بطاطا تنمو في المياه المالحة.

هذا المشروع الذي ينسف النظريات الزراعية الحالية التي تؤكد أن الزراعات لا تنمو في المياه المالحة، يمكن أن يشكل حلا لمشكلة تملح الأراضي التي تهدد الأمن الغذائي لملايين الأشخاص.

فبين الماعز والسدود في جزيرة تكسل، يزرع مارك فان ريسيلبيرغي حوالى ثلاثين نوعا من البطاطا.

ويوضح هذا المزارع البالغ 60 عاما لوكالة فرانس برس "أننا نوزع سبعة تركيزات من المياه على حقل تجريبي، من المياه العذبة إلى مياه البحر"، مضيفا "نتخلى عن المحاصيل غير الصالحة ونحلل ما يعيش منها".

وليست البطاطا وحدها في هذا المشروع، إذ أن مارك وفريقه يدرسون بدعم من جامعة أمستردام إمكانية زرع الجزر والفراولة والبصل وأنواع أخرى من الخضار والفواكه في المياه المالحة.

وفي هذه "المزرعة للبطاطا المملحة"، بدأت التجارب مطلع العام 2006 مع فكرة رئيسية عامة للمشروع تكمن في مساعدة الأشخاص الذين يعانون سوء التغذية في العالم.

وفي المكان، يعمد أعضاء الفريق الصغير المؤلف من باحثين ومزارعين وعمال زراعيين إلى إجراء تجارب من دون مختبر ولا كائنات معدلة وراثيا على كل النباتات المتوافرة لديهم لمعرفة ما إذا كانت ستعيش في بيئة شديدة الملوحة.

وثمة ما يقارب خمسة آلاف نوع مختلف من البطاطا، رابع أكثر النباتات زراعة في العالم، بحسب منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو).

ويؤكد فان ريسيلبيرغي "أننا نختبر فقط أنواعا لم تحصل في السابق أي تجارب عليها. لا نسعى إلى معرفة لماذا تموت أو تعيش".

ويضيف هذا المزارع "نلاحظ أن أنواعا عاشت قبل مئات أو آلاف السنوات قرب البحر تتجاوب مع الملح بشكل أفضل من غيرها".

وفي حين تجرى بحوث عدة لزيادة إنتاج بعض أنواع النباتات، يجري فريق تكسل رهانا معاكسا: النجاح في زراعة نباتات على أراض كانت تعتبر غير مواتية أو غير صالحة بتاتا للإستخدام.

ويقول هذا المزارع الستيني "في هولندا، نعرف كل شيء عن المياه ونعرف امورا كثيرة عن الزراعة، لكننا خائفون جدا من البحر لأننا حتى عشر سنوات خلت لم نكن قد تحلينا بالشجاعة المطلوبة لتجربة زرع نباتات بالإستعانة بمياه البحر".

وظاهرة تملح الأرض هي تراكم للأملاح ناجم عن نقص أو سوء في ري الأراضي الزراعية.

وتؤدي هذه الظاهرة إلى تقليص المساحات الزراعية في العالم بواقع ألفي هكتار يوميا بحسب معهد جامعة الأمم المتحدة للمياه والبيئة والصحة.

وأكثر المناطق المعنية بهذه الظاهرة هي أحواض النهر الأصفر في الصين والفرات في سوريا والعراق والسند في باكستان.

وقد أرسل فريق تكسل إلى هذه المناطق آلاف نباتات البطاطا، في مشروع "تكلل بالنجاح" على حد تعبير هذا الفريق الذي يعتزم توسيع نطاق عمله العام المقبل.

وقد تكون البطاطا المالحة نقطة تحول في حياة آلاف المزارعين في المنطقة كما أنها قد تساعد على المدى البعيد آلاف الأشخاص الذين يعيشون في مناطق شديدة الملوحة بحسب الفريق.

وقد زرعت البطاطا بداية في البيرو من ثم جرى إدخالها إلى القارة الأوروبية على يد المستعمرين الأسبان في القرن السادس عشر، لتلقى رواجا كبيرا في أوروبا خصوصا لمساعدة السكان على الصمود في وجه المجاعات المزمنة في تلك الحقبة. وقد عاشت بلدان عدة تبعية اقتصادية لهذا الصنف من الزراعات لدرجة أن اكثر من مليون شخص توفوا في شمال غرب أوروبا في أواسط القرن التاسع عشر بعد كارثة أتت على كامل محاصيل البطاطا خصوصا في إيرلندا.

وتقدر اليوم منظمة فاو عدد الأشخاص الذين يعانون سوء تغذية في العالم بحوالي 800 مليون شخص كما أن ظاهرة التملح تهدد 10 % من المحاصيل الزراعية العالمية.

ولناحية الطعم، يؤكد فريق تكسل أن البطاطا المزروعة بالمياه المالحة حلوة المذاق إذ أن النبتة تنتج كميات أكبر من السكر للتكيف مع ملوحة البيئة التي تزرع فيها.

كذلك لا تحمل هذه النباتات أي خطر في زيادة استهلاك الأشخاص للملح جراء هذه النباتات لأن الملح يبقى محفوظا داخل أوراقها.

وطلبت بلدان عدة بينها مصر وبنغلادش والهند التعاون مع هذا الفريق للإستفادة من هذا المشروع.

التعليقات