07/08/2015 - 10:37

في انتظار مشروع "الأهرامات الجديدة"

في 9 يناير/كانون الثاني عام 1997، أعلن الرئيس المصري المخلوع، حسني مبارك، تدشين مشروع توشكى لاستصلاح واستزراع 540 ألف فدان حول منخفضات توشكى، جنوب مصر، فخرجت جريدة الأهرام القومية المصرية، في اليوم التالي بمانشيت رئيسي دلتا جديدة.. تحم

في انتظار مشروع

في 9 يناير/كانون الثاني عام 1997، أعلن الرئيس المصري المخلوع، حسني مبارك، تدشين "مشروع توشكى" لاستصلاح واستزراع 540 ألف فدان حول منخفضات توشكى، جنوب مصر، فخرجت جريدة الأهرام القومية المصرية، في اليوم التالي بمانشيت رئيسي "دلتا جديدة.. تحمل الخير لمصر المستقبل".

مشروع توشكى والذي من المقرر الانتهاء منه في حلول عام 2017، تعرض مراراً وتكراراً لهجوم حاد من مجلس الشعب المصري. حيث اتّهم الأخير، نظام الرئيس المصري المخلوع بسرقة ونهب أموال الشعب المصري. وكان مثالاً على ذلك ما حدث، في أبريل/نيسان 2006، عندما اتهم عدد من نواب المعارضة في مجلس الشعب المصري، الحكومة، بإهدار المال العام، وإنفاق المليارات على المشروع من دون عائد.

المشروع فاشل بشهادة الجهاز المركزي للمحاسبات. إذ كشف تقرير للجهاز عن السنة المالية 2010، تحت بند "سري جداً"، أن سبب فشل المشروع هو إهدار 6 مليارات جنيه على مدى 14 عاماً من دون عائد.

وقد ألقى مشروع توشكى، ظلالَه على مشروع تفريعة قناة السويس الجديدة. وطريقة تعامل صحيفة "الأهرام" مع المشروع، ألقت بظلها، أيضاً، على تعاطي الإعلام المصري في الوقت الراهن مع مشروع التفريعة الجديدة، وكأن التاريخ يعيد نفسه. والمشروعان، الدلتا الجديدة، والتفريعة الجديدة، ألقيا ظلالَهما على تصريحات رئيس الحكومة المصرية الحالي، إبراهيم محلب، الذي قال: "انتظروا المشروع الأكبر والأضخم بعد افتتاح قناة السويس"، مما دفع بعضهم ساخراً، لتصور أن الحكومة المصرية تنوي تدشين مشروع "الأهرامات الجديدة".

    اقرأ أيضا: السيسي يدشن “تفريعة” قناة السويس وسط انتقادات

وعلى منوال التهكم والسخرية، وجد رواد مواقع التواصل الاجتماعي ضالتهم في التعبير عن واقع يعيد قراءة التاريخ نصاً؛ فعلق أحدهم: "كان بيقولك دلتا جديدة.. آفة حارتنا النسيان". وعلق آخر "كلهم ينقلون مصر نقلات حضارية، لكن الغريب استمرارها في النزول في القاع.. هي بتتوه منهم ولا إيه". وعلق ثالث: "الراجل بيقولك دلتا جديدة، ومستكتين عالسيسي حتة قناة"، وتعليق رابع "من توشكى لتفريعة السيسي.. بيع الوهم مستمر والنهب والفساد مستمر".

وكانت معظم الصحف المصرية، قد أفردت صفحاتها لتمجيد مشروع "قناة السويس الجديدة"، قاصدين التفريعة، بما في ذلك جريدة القاهرة الثقافية التي أفردت معظم صفحاتها للمشروع الجديد، دون أن تخصص ولو مقالا نقدياً واحداً للمشروع.

الأمر ذاته طبقته معظم القنوات الفضائية المصرية، وقنوات الراديو، التي بدأت الحديث عن إنجازات المشروع، منذ يوم السبت الماضي، على أن تستمر في حمد المشروع والثناء عليه وتدعيمه بالأغاني الوطنية على مدار الساعة، حتى نهاية الأسبوع، أي بعد التدشين الرسمي للتفريعة.

وحده الإعلام الغربي الذي غرد بعيداً عن تمجيد المشروع، وأفرد تقارير مفصلة عن الجدوى الاقتصادية للمشروع. فصحيفة الإندبندنت البريطانية، خصصت تقريراً عن جدوى المشروع الاقتصادية، بعنوان "قناة السويس الجديدة هدية مصر للعالم.. لكن هل هناك حاجة فعلية لها".

وأشار التقرير إلى أن الحكومة المصرية قدمت تقديرات شديدة التفاؤل لعائدات المشروع؛ إلا أن التقرير أضاف "المشروع سيضاعف حجم حركة العبور في قناة السويس، لكن الحركة فيها أصلاً ليست بهذا الحجم حالياً، حيث إن حجم التجارة العالمية والأوروبية بشكل خاص في تراجع منذ عام 2005".

والتقرير الذي طرح سؤال "ما الجدوى من هذا المشروع الذي تقول، إن الحكومة المصرية تسوقه على أنه مشروع ضخم"، أشار إلى أن الحكومة المصرية قدمت تقديرات شديدة التفاؤل لعائدات المشروع، بحيث يزيد من عائدات قناة السويس السنوية أكثر من الضعف بحلول عام 2023 ليرفعها من نحو 3.2 مليارات جنيه استرليني، حالياً، إلى نحو 8.5 مليارات جنيه استرليني.

أوضح التقرير أن الجدوى من المشروع قد لا تكون بهذا الحجم في الواقع، حيث تعتمد حركة الملاحة في قناة السويس على مرور حاويات النفط والغاز المسيل من الشرق الأقصى والشرق الأوسط باتجاه أوروبا.

وقالت الصحافية التي أعدت التقرير، روث مايكلسون، إن المسؤولين في الحكومة المصرية عندما سئلوا، خلال جولة في المشروع نظموها، الأسبوع الماضي، لبعض الشخصيات الاقتصادية عن مصدر هذه التقديرات لعائدات المشروع لاذوا بالصمت ولم يقدموا إجابة، لكن الفريق، مهاب مميش، قال، إنها تقديرات اقتصاديين عالميين فقط. وأضاف التقرير "هناك مخاوف أمنية، حالياً، من المرور في قناة السويس، حيث ينشط تنظيم الدولة الإسلامية في شبه جزيرة سيناء".

التعليقات