معاناة غزة تتواصل بالذكرى الرابعة لـ"العصف المأكول"

يصادف اليوم السبت السابع من تموز/ يوليو، الذكرى السنوية الرابعة للعدوان العسكري الذي شنه الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة صيف 2014، والذي أطلقها عليها الاحتلال "الجرف الصامد"، فيما أطلقت كتائب القسام عليها اسم "العصف المأكول".

معاناة غزة تتواصل بالذكرى الرابعة لـ

استمر العدوان، لمدة يوما 51 أوقعت خلاله آلاف الضحايا.(أرشيف)

يصادف اليوم السبت السابع من تموز/ يوليو، الذكرى السنوية الرابعة للعدوان العسكري الذي شنه الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة صيف 2014، والذي أطلقها عليها الاحتلال "الجرف الصامد"، فيما أطلقت كتائب القسام عليها اسم "العصف المأكول"، وسرايا القدس أسمتها عملية "البنيان المرصوص"، والذي وصف بالأكثر عداونية وشراسة على مدار 51 يوما.

وسبق العدوان العسكري قصف متبادل بين قوات الاحتلال والمقاومة الفلسطينية في غزة إثر تفجر الأوضاع في الضفة الغربية المحتلة بعد خطف مستوطنين الطفل المقدسي محمد أبو خضير في القدس المحتلة يوم 2 تموز 2014 وتعذيبه وحرقه.

وبدأ الهجوم العسكري للاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة بعد الساعة الواحدة من فجر يوم 7 تموز 2014، باستهداف منزل المواطن الفلسطيني محمد العبادلة في بلدة القرارة جنوبي القطاع، وقد نفذت طائرات الاحتلال في هذا اليوم عدة غارات على القطاع، إلى أن جرى الإعلان عن الهجوم العسكري رسميا منتصف ليل اليوم التالي 8 تموز.

واستمر العدوان، لمدة يوما 51 أوقعت خلاله آلاف الضحايا، ودمرت عشرات آلاف المنازل والمنشآت العامة والممتلكات الخاصة، وارتكبت خلاله انتهاكات جسيمة ومنظمة لقواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان ترقى لمستوى جرائم الحرب، في ظل صمت المجتمع الدولي تجاه التزاماته القانونية والأخلاقية.

وتأتي الذكرى الرابعة لهذا العدوان في وقت لا يزال فيه القطاع يعاني من أوضاع اقتصادية وإنسانية كارثية، لم يسبق لها مثيل خلال العقود الأخيرة، بفعل استمرار الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ ما يزيد عن 11 عاما، وبطء عملية إعادة إعمار ما دمره الاحتلال خلال عدوان 2014.

وازدادت الأوضاع سوءا بعد إعادة قوات الاحتلال اعتقال عشرات من محرري صفقة "شاليط"، ونواب في المجلس التشريعي الفلسطيني من حركة حماس.

وأعقبت تلك الاعتقالات اندلاع احتجاجاتٌ في القدس والأراضي المحتلة والداخل، واشتدت بعد دهس مستوطن إسرائيلي عاملين فلسطينيين قرب حيفا.

في اليوم الأول من العدوان استدعى جيش الاحتلال 40 ألفا من قوات الاحتياط، وارتكب مجزرة مروعة في مدينة خان يونس بالقطاع راح ضحيتها 11 شهيدا و28 جريحا فلسطينيا، ثم توالت المجازر بحق عدة عائلات، وقصفت المباني والمساجد والأبراج السكنية والبنية التحتية في غارات جوية مكثفة.

ووفقا لتوثيق مركز الميزان لحقوق الإنسان، قتلت قوات الاحتلال خلال عدوانها (2219) من الفلسطينيين، من بينهم (556) طفل، و(299) امرأة، فيما بلغ عدد الجرحى الأطفال الذين تم رصدهم (2647) والجريحات من النساء (1442).

كما هدمت ودمرت سلطات الاحتلال، حسب إحصائيات المركز، (31981) منزلا وبناية سكنية متعددة الطبقات، من بينه (8381) دمرت كليا ومن بين المدمرة كليا (1718) بناية سكنية (تتكون الواحدة منها من أكثر من وحدة سكنية)، كما بلغ عدد المهجرين قسريا جراء هدم منازلهم بشكل كلى (60623) من بينهم (30842) طفل، و(16526) سيدة، وتجدر الإشارة إلى أن عمليات الرصد والتوثيق لم تشمل المنشآت والمساكن التي تعرضت لأضرار طفيفة وهي تعد بعشرات الآلاف.

وأجبرت قوات الاحتلال 520 ألف من سكان القطاع أغلبيتهم من النساء والأطفال على الهرب من منازلهم دون توفير سبل خروج آمنة من مناطقهم، ودون توفر مراكز إيواء آمنة تتوفر فيها الحدود الدنيا لحفظ الكرامة الإنسانية المتأصلة، ما تسبب في معاناة بالغة لكل سكان القطاع. وقد أسهمت الهجمات العشوائية واستهداف مراكز الإيواء والمنشآت وطواقم المهمات الطبية والإنسانية في بث مزيد من الرعب والترويع في نفوس الآمنين، وساهم في إيقاع مزيد من القتلى في صفوف المهجرين قسرياً وطواقم المهمات الإنسانية والصحافيين.

وأبدت الفصائل الفلسطينية مقاومة شرسة على مدى أيام العدوان، وردت بقصف مستوطنات إسرائيلية متاخمة للقطاع، قبل أن يتوسع قصفها ليطال عشرات المدن داخل إسرائيل.

وارتكبت قوات الاحتلال خلال عدوانها انتهاكات جسيمة ومنظمة لقواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان ترقى لمستوى جرائم الحرب، في ظل صمت المجتمع الدولي تجاه التزاماته القانونية والأخلاقية، كما أظهرت الفصائل قدرة قتالية وتطوير لآلياتها في المقاومة بشكل لم يتوقعه الاحتلال الذي لجأ إلى "القبة الحديدية" في التصدي لصواريخ المقاومة الفلسطينية، وأعلن عن تدمير عدد منها.

وأجبرت قوات الاحتلال 520 ألف من سكان القطاع أغلبيتهم من النساء والأطفال على الهرب من منازلهم دون توفير سبل خروج آمنة من مناطقهم، ودون توفر مراكز إيواء آمنة تتوفر فيها الحدود الدنيا لحفظ الكرامة الإنسانية المتأصلة، ما تسبب في معاناة بالغة لكل سكان القطاع. وقد أسهمت الهجمات العشوائية واستهداف مراكز الإيواء والمنشآت وطواقم المهمات الطبية والإنسانية في بث مزيد من الرعب والترويع في نفوس الآمنين، وساهم في إيقاع مزيد من القتلى في صفوف المهجرين قسرياً وطواقم المهمات الإنسانية والصحافيين.

وخلص تقرير للجنة تقصي الحقائق حول العدوان الإسرائيلي، نشر نهاية حزيران/ يونيو 2015 وعرف بتقرير "ديفيس"، إلى أن العدوان الإسرائيلي على غزة "يرقى إلى جرائم الحرب"، وأن 142 عائلة على الأقل فقدت ثلاثة أفراد أو أكثر في الهجوم على المباني السكنية أثناء الحرب، حيث شنت "إسرائيل" أكثر من ستة آلاف غارة جوية، وأطلقت نحو 50 ألف قذيفة مدفعية.

ومساء الإثنين 14 نشرت وسائل الإعلام نص المبادرة المصرية التي توقفت الحرب على أساسها بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، وقد وضعت مصر على حماس التي أصرت على فتح معبر رفح ورفع الحصار عن غزة شروطا من بينها تولي أمن السلطة الفلسطينية في رام الله شؤون معبر رفح عند فتحه، وألا يكون مفتوحا طوال الوقت.

وأدان عدد كبير من الدول مهاجمة إسرائيل لقطاع غزة، كما أعلنت دول تأييدها لها وأدانت الرد الصاروخي الفلسطيني عليها. ومن مؤيدي إسرائيل ألمانيا، حيث أعلنت أن من حق إسرائيل "الدفاع عن نفسها"، بينما أدانت دول أخرى اللجوء إلى العنف أيا كان مصدره.

بعد توقف الحرب وفي 12 تشرين الأول/ أكتوبر عقد مؤتمر لإعادة إعمار غزة في القاهرة برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي ومشاركة خمسين منظمة وحكومة.

وتعهدت الدول المشاركة بتقديم 5.4 مليارات دولار للفلسطينيين، نصفها لإعادة إعمار القطاع الذي لحق به دمار واسع.

لم تمحو الأعوام الأربعة الماضية الآثار المدمرة للعدوان على غزة، فالآلاف من الأسر ما تزال مهجرة عن منازلها التي دمرت، ويعيشون في بيوت مستأجرة وفي ظل أوضاع إنسانية صعبة.

وبحسب وزارة الأشغال العامة والإسكان الفلسطينية، فإن (5500) أسرة ما تزال مهجرة عن منازلها المدمرة وتنتظر إعادة إعمارها، كما زاد استهداف المصانع والمنشآت والمحلات التجارية والتي لم يؤهل عدد كبير منها حتى اليوم، ما أدى إلى تفاقم الأوضاع المعيشية لسكان القطاع المتدهورة أصلًا نتيجة الحروب السابقة، والحصار الخانق.

 

التعليقات