"سلال القصب"... حرفة تراثية مهددة بالاندثار

لم تمنع تسعون سنة مرت من عمر اللبناني حنا إبراهيم أبو زيد، وما خط وجهه ويديه من تجاعيد، من مواصلة عمله في صناعة "سلال القصب"، والحفاظ على مهنة تراثية تكاد تندثر، من قرية "كفريا" جنوبي لبناني، الشهيرة بهذه الصناعة منذ مئات السنين.

"سلال القصب"... حرفة تراثية مهددة بالاندثار

لم تمنع تسعون سنة مرت من عمر اللبناني حنا إبراهيم أبو زيد، وما خط وجهه ويديه من تجاعيد، من مواصلة عمله في صناعة 'سلال القصب'، والحفاظ على مهنة تراثية تكاد تندثر، من قرية 'كفريا' جنوبي لبناني، الشهيرة بهذه الصناعة منذ مئات السنين.

وما زال اللبناني العجوز، المولود عام 1925، صامدا مع اثنين من جيرانه في قريته قرب مدينة صيدا، يواصل صناعة 'سلال القصب'، ويواجه الصناعات البلاستيكية التي بالرغم من انتشارها الواسع إلا أنها لم تتمكن من احتلال مكانة المشغولات اليدوية العتيقة، في قلوب أولئك الذين يشتاقون لعبق الماضي الجميل.

ومحاطا بأعواد القصب، يجلس أبو زيد في باحة منزله القروي، ويشبك تلك الأعواد بعضها ببعض محولا إياها خلال ساعة واحدة، إلى سلة جميلة تفوح منها رائحة التراث اللبناني، الذي يتحسر عليه أهالي قرية كفريا، بعد أن هجرها جل سكانها من الشباب بحثا عن فرص عمل في المدن والعاصمة، تاركين وراءهم إرث أجدادهم وآبائهم.

وتستخدم 'سلال القصب' عادة، في نقل ثمار فصل الصيف، كالخضار والفواكه والحمضيات من الحقول إلى الأسواق، إلا أن استخدامها انحصر حاليا في حصاد ونقل ثمرة الإكيدنيا بعد انتشار السلال البلاستيكية، بحسب أبو زيد.

وبينما يشبك بأصابعه أعواد القصب، يقول أبو زيد، إن 'عملية صناعة السلال تبدأ بتجميع القصب، الذي ينبت عادة على ضفاف الأنهار ومجاري الينابيع، ومن ثم نقعه بالماء لفترة من الوقت، ليصبح جاهزا للشبك من قاعدة السلة، وصولا لأعلاها'.

ويستخدم أبو زيد، أثناء عمله أدوات قديمة تحمل تاريخا طويلا من العمل والتصنيع، منها المقص والمنجل والمخارز والمطرقة.

ويقول، إنه بدأ العمل في صناعة 'سلال القصب' أوائل أربعينيات القرن الماضي، في منطقة الناقورة اللبنانية المحاذية لفلسطين، حيث كان يصدر تلك السلال من قريته إلى الأراضي الفلسطينية، قبل النكبة عام 1948.

ويضيف، أن 'هذه المهنة كان يتوارثها الأجيال في قريتنا، ولكنها توقفت عند جيلنا، بعد أن اتجه أولادنا وأحفادنا للعمل في مجالات جديدة'.

وبالرغم من اندثار هذه المهنة بشكل شبه كامل، إلا أن أبو زيد يستيقظ في السابعة صباحا، ويبدأ العمل لينتج يوميا ما بين 3 إلى 4 سلال، فقد تحولت هذه المهنة إلى تسلية بالنسبة له، بعد أن كانت مصدر رزقه الأساسي.

اقرأ/ي أيضًا | 'شكيم'... تروي حضارات توالت على فلسطين

وبسبب قلة العاملين في صناعة سلال القصب، انخفض الطلب عليها بشكل كبير، خاصة بعد انتشار المنتجات البلاستيكية الشبيهة، وبحسب أبو زيد، فإن 'من يطلب السلال اليوم، هم مزارعو ثمار الإكيدنيا فقط، لأنها تتميز بالحفاظ على هذه الفاكهة سريعة التلف، بعكس السلال البلاستيكية'.

التعليقات