مصر .. حرائق كتبت التاريخ

تُعدّ الحرائق من أكثر الحوادث التي كبدت مصر خسائر مالية فادحة، ناهيك عن أن هناك خسائر لا يمكن تعويضها، من كنوز وآثار لا تُقدّر بثمن، حيث يكمن خطر الحريق في أنه يأتي فجأة مثله مثل باقي الكوارث التي تصيب العالم،

مصر .. حرائق كتبت التاريخ

حريق 1952

“القاهرة تحترق”.. هكذا يعبر الكثير من سكان منطقة القاهرة بعد توالي عمليات الحريق في المنطقة بدءا من منطقة العتبة والرويعي التي شهدت خسائر كبيرة للسكان والعاملين بالمنطقة، والتي تُقدّر بملايين الجنيهات، وحتى الآن لم تعرف الأسباب التي أدت إلى هذا الحريق الذي نشب في حوالي 8 عمائر، وعندما ننتهي من هذا الحريق الذي أثر على الكثير خاصة سكان المنطقة يأتي بعدها حريق منطقة الغورية الذي نشب بعدد من محلات الأقمشة بالمنطقة.

وتُعدّ الحرائق من أكثر الحوادث التي كبدت مصر خسائر مالية فادحة، ناهيك عن أن هناك خسائر لا يمكن تعويضها، من كنوز وآثار لا تُقدّر بثمن، حيث يكمن خطر الحريق في أنه يأتي فجأة مثله مثل باقي الكوارث التي تصيب العالم، مثل: الفيضانات والانفجارات النووية والأعاصير والبراكين، وغيرها من الكوارث التي تصيب البلاد.

وعلى مدار التاريخ مرت القاهرة بعدد من الحرائق، نشير إلى أهم وأشهر تلك الحرائق التي أصابت القاهرة خلال تاريخها.

حريق 1952

يُعتبر من أبشع الحوادث التي تعرضت لها مدينة القاهرة خلال القرن العشرين، وأكثر صفحات تاريخها غموضا، وأشدها تأثيرا في مجريات الأحداث، حدث ذلك في يناير على يد مجهولين وكانت من ضمن نتائجه استقالة وزارة الوفد التي كانت تتمتّع بشعبية وجماهيرية عارمة، وقيام مجموعة من الضباط الأحرار بقيادة جمال عبدالناصر بقلب نظام الحكم، وإبعاد الملك فاروق عن الحكم في 23 يوليو وقيام الثورة، وظل فاعل هذه الجريمة مجهولا حتى الآن، لكن هناك من وجّه الاتهام إلى الملك فاروق والإنجليز، وهناك آخرون ممن ألقوا التهمة على أحمد حسين رئيس الحزب الاشتراكي وجماعة الإخوان المسلمين، لكن لم تشير تحقيقات النيابة إلى المتسبب في هذا الحريق الضخم، وقد التهم هذا الحريق نحو 700 محل وسينما وكازينو وفندق ومكتب ونادي في شوارع وميادين وسط المدينة، كما أدى إلى تشريد عدة آلاف من العاملين في المنشآت التي أصابها الحريق.

حريق تشرين الأول/أكتوبر 1971

في هذه المرة لم ينل الحريق المباني والعمارات فقط لكنه أصاب إحدى الأماكن التراثية الموجودة في القاهرة، حيث احترقت دار الأوبرا المصرية القديمة، والتي كانت تُعرف باسم الخديوية بالكامل في أكتوبر عام 1971، ولم يتبق منها سوى تمثالي “الرخاء” و”نهضة الفنون”، وهما من عمل الفنان محمد حسن، وظلت القاهرة بدون دار للأوبرا قرابة العقدين من الزمن، إلا أن تم افتتاحها مرة أخرى عام 1988، وقد تم بناء جراج متعدد الطوابق للسيارات مكان الأوبرا القديمة، مما هدم شكل الأوبرا المميز، ولكن ظل الميدان الذي كانت الأوبرا تطل عليه يحتفظ باسمه القديم (ميدان الأوبرا)، ومنذ ذلك التاريخ وإلى اليوم لا يزال سبب الحريق مجهولا، رغم إرجاعه إلى ماس كهربائي.

حريق أيلول/سبتمبر 2005

نشب هذا الحريق هذه المرة في قصر الثقافة بمدينة بني سويف، وذلك بعد انتهاء عرض مسرحي، ولم يستطع رجال الحماية المدنية وقتها السيطرة على الحريق، حيث استمر لحوالي ساعتين من الزمن منذ اندلاعه، وتفحمت جثث عدد من المبدعين، ولقي عدد آخر حتفه دهسا بعد انتشار الزعر بين سكان المنطقة والموجودين في محيط الحادث.

وقد أوضح تقرير لجنة تقصي الحقائق الصادر عن جماعة 5 سبتمبر، أن السبب وراء الحادث هو سقوط شمعة من ضمن ديكور العرض أدت إلى حدوث 3 انفجارات وحريق المسرح بالكامل، وصدر حكم المحكمة بمعاقبة كل من مصطفى علوي، المسؤول عن قصور الثقافة حينها، و7 آخرين بالحبس 10 سنوات مع الشغل، وكفالة 10 آلاف جنيه لكل متهم عن أربعة اتهامات.

حريق آب/أغسطس 2008

هذا الحريق نشب في مجلس شورى النواب، وامتد إلى مبنى الضرائب المجاور له، وقد دفعت الحماية المدنية بمروحيات تابعة للقوات المسلحة بالمشاركة مع هيئة الإطفاء للسيطرة على الحريق وإخماده، وكانت من ضمن الخسائر الملحقة أن أسفر الحادث عن سقوط ضحايا من رجال الإطفاء وإصابة العشرات الآخرين، بالإضافة إلى انهيار مبنى كان يُعدّ من الأماكن الأثرية، حيث تمّ بناؤه في عام 1866، وقد شهدت قاعاته التاريخية محاكمة الزعيم أحمد عرابي ومولد دستور ‏1923.

لحق بهذا العام وفي شهر سبتمبر تحديدا حريق آخر في صالة العرض بالمسرح القومي، حيث بدأ الحريق من الدور الثاني بجوار غرفة المخازن والديكورات، وامتد ليشمل بقية أجزاء المسرح وتسبّب في انهيار قبة المسرح، مخلفا وراءه عدد من الضحايا، وقيل إن ماسا كهربائيا كان السبب وراء وقوع الحادث.

حريق كانون الثاني/يناير 2011

نشب هذا الحريق يوم 28 يناير أثناء جمعة الغضب، وطالت النيران وقتها مقر الحزب الوطني، وظلت النيران مشتعلة به لمدة 36 ساعة حتى تفحّم المبنى بالكامل ولم يتبق منه شيء.

وفي 5 مارس من نفس العام الذي اندلعت به ثورة يناير شن متظاهرون سلسلة من الهجمات ضد مباني مباحث أمن الدولة التابعة لوزارة الداخلية، في محاولة منهم للحصول على ملفات ومستندات تدين الجهاز، وتسبّبت هذه الهجمات في تدمير وحرق المباني في عدد كبير من المحافظات، وفي 16 ديسمبر احترق المجمع العلمي نتيجة اشتباكات بين قوات الجيش والمتظاهرين المعتصمين بشارع مجلس الشعب أثناء أحداث مجلس الوزراء، وأسفر الحريق عن احتراق المبنى بالكامل، وتآكل المخططات والكتب والوثائق التاريخية النادرة، التي كانت توثق تاريخ مصر الممتد عبر العصور.

حريق آذار/مارس 2015

شب هذا الحريق الهائل بقاعة المؤتمرات الدولية بمدينة نصر، والتي تعد من أكبر المراكز في مصر، وهي قاعة مجهزة كاملة لعقد المؤتمرات المحلية والعالمية، وقد أسفر الحريق عن سقوط جزء كبير من السقف الخاص بقاعة خفرع الرئيسية، وأصيب 16 شخصا على الأقل، وشهد محيط الحريق تصاعدا كبيرا للأدخنة، وتمّ الاستعانة بطائرات الجيش مع الحماية المدنية.

اقرأ/ي أيضًا| لا مزيد من الحقن المميتة المستخدمة بأحكام الإعدام

وفي أغسطس من نفس العام شب حريق بالمكاتب الإدارية بالطابقين السادس والسابع داخل سنترال الأوبرا، وتمّ الاستعانة بأكثر من 25 سيارة إطفاء، وتمّ السيطرة على الحريق بعد 5 ساعات.

التعليقات