01/06/2016 - 09:08

الجهاز المناعي: الغضب يضعفه والضحك يقويه

ويعتقد الباحثون أن هرمون التستوستيرون يقوم بتحويل الإفرازات المناعية للجسم مثل هرمون التوتر تماماً، وبإمكانه أن يعود بالنفع على الجهاز المناعي بشكل عام، وبالتالي كلما ارتفعت مُعدلات التستوستيرون بين الذكور المتنافسين على الأنثى في فترة ال

الجهاز المناعي: الغضب يضعفه والضحك يقويه

يوجد داخل كل شخص آلية حماية مُذهلة تُسمى جهاز المناعة، وهو مُصمّم ليقف حائلاً ومانعاً ضد الملايين من البكتيريا والجراثيم والفيروسات والسموم والطفيليات التي تغزو الجسم، ويتعرّف الجهاز المناعي على الأجسام الغريبة والتي تمر بين أنسجة الجسم السليمة، ويتفاعَل معها في غضون ساعات لوقف انتشارها داخل الجسم، في حال توقّف أو ضعف الجهاز المناعي لأيّ سبب يكون الباب مفتوحاً على مصراعيه أمام الكائنات الضارة لتفكيك الجسم تماماً، ويؤكد أطباء على وجود رابط بين جهاز المناعة والتوتر (حالة من الضغط النفسي المزمن يتولّد عنه أعراض جسدية ونفسية مُتعدّدة).

ويقول د. فيريوس دايار أخصائي شئون المناعة بجامعة روكفلر بولاية نيويورك: إن التوتر لا يمكن أن يكون السبب في إصابة البشرية بالأمراض المتعدّدة، حتى وإن كان وراء إضعاف جهاز المناعة لدى البشر، وتابع: التوتر أو الضغوط النفسية والجسدية والإرهاق والتعب تُعتبر مراحل هامة في الحياة ويمر بها كل شخص، وبالتالي ليس من المنطقي في كل مرة يكون فيها أحد الأعضاء تحت ضغط أو إرهاق يقوم التوتر بإضعاف جهاز المناعة حتى تنتهي المشكلات، نظراً لأن التركيبة الفسيولوجية للجسد مُصمّمة على الإرادة وتحمّل المشاق.

ويوضح، التوتر يؤدي إلى انخفاض مُعدلات كرات الدم البيضاء، وبالتالي إضعاف جهاز المناعة، وحين تنتهي فترة الضغط النفسي أو التوتر يعود إفراز الخلايا إلى طبيعته، سواء بالضحك أو النشوة الجسدية والنفسية.

ومن جانبه، يفسر د. روبرت سابولسكي عالم الأجناس البشرية بجامعة ستانفورد، في كتابه بعنوان “لماذا لا يصاب الحمار الوحشي بالقرحة؟”، قائلاً: لأن الحمار الوحشي يفرز هرمونات قليلة من التوتر وقت الغضب لمواجهة أيّ خطر مُحتمل، مثل اقتراب حيوان مُفترس أو غير ذلك من الأخطار، ويضيف: أن التوتر لا يمكن أن يكون المسبب للأمراض البشرية، وإلا لكانت حمير الوحش تُصاب بقرحة المعدة، حيث يوجد رابط بين التوتر والضغط العصبي في إصابة الشخص بالقرحة.

وفي دراسات أجرتها جامعة هارفارد الأمريكية على عدد من حيوانات عالم الثدييات البرية، تبيّن أن الذكور أكثر إصابة بالأمراض المعوية، في حين لا تصاب الإناث بمثل تلك الحالات، والفكرة السائدة هنا كانت أن الذكور يدفعون ثمن “ذكوريتهم” من خلال إفرازهم هرمونات “كبح المناعة”، والتي يتسبّب فيها فائض إفراز التستوستيرون عند التعرّض لمواقف ضاغطة.

ويعتقد الباحثون أن هرمون التستوستيرون يقوم بتحويل الإفرازات المناعية للجسم مثل هرمون التوتر تماماً، وبإمكانه أن يعود بالنفع على الجهاز المناعي بشكل عام، وبالتالي كلما ارتفعت مُعدلات التستوستيرون بين الذكور المتنافسين على الأنثى في فترة التزاوج، فإنه يحث الجهاز المناعي على مُضاعفة النشوة والفرح، وهو ما ينطبق على الذكور من البشر.

وبالنسبة للذكور من الطيور، فإن نسبة الهرمون الذكوري ترتفع بشكل ملحوظ أثناء موسم التزاوج، إلا أنه من غير السهل جمع الدلائل على تسبّب التستوستيرون في تلك الفترة في المزيد من المشادات بين ذكور الطيور، بسبب استحالة أخذ عينات الدم والبول لفحصها، ويقول سابولسكي: إنها بالفعل نظرية جديرة بالاهتمام، بينما يقول عدد آخر من الخبراء: إن التستوستيرون ما هو إلا جزء من صورة أكثر شمولية، حيث إن فوائد الهرمونات لا تزال غير محصورة.

ويوضح د. إستر ستينبرج رئيس قسم الأعصاب والمناعة بالمركز الوطني للصحة العقلية في الماريلاند بالولايات المتحدة، أن جهاز المناعة يتفاعَل مع الهرمونات كافة ومنها الإستروجين والتستوستيرون الثيروييد والإنسولين، وبالتالي فإن هذه الهرمونات تقوم بتغيير ردة فعله تجاه العناصر الغريبة والبكتيريا.

ويضيف: قد لا يكون التستوستيرون مسئولاً سوى عن المزيد من الطاقة والاندفاع عند الإحساس بالخطر أو الغضب، الأمر الذي يزيد بالتالي من إفراز هرمون التوتر فيؤدي إلى إعادة توزيع المناعة، ويوضح أن بعض الدراسات أشارت إلى أن الفئران التي تم حقنها بالتستوستيرون أو الكورتيكوستيرون، تزداد قُدرتها على مُقاومة أمراض الجلد البكتيرية وأشهرها البكتيريا المقاومة للمُضادات الحيوية.

ومن جانبه، يقول د. مصطفى الشرقاوي استشاري أمراض الحساسية والمناعة: إن جهاز المناعة يعمَل على مدار الساعة بآلاف الطرق المختلفة، دون أن يلاحظ الشخص كيفية عمله ضد الأجسام الغريبة التي تدخل الجسم، وتابع: عندما يفشل نظام المناعة في مواجهة جسم غريب يشعر الشخص بأعراض مريضة – على سبيل المثال – طريقة عمل جهاز المناعة ضد فيروس الإنفلونزا يختلف تماماً عن طريقة عمله في حال اختراق شظية من الخشب داخل الجسم، أيضاً يُقاوم جهاز المناعة الالتهابات بطرق مُختلفة، ويؤكد أن الشخص يستنشق يومياً الآلاف من الجراثيم (البكتيريا والفيروسات) التي تطفو في الهواء، ويتعامَل الجهاز المناعي معها دون مُشكلة، ولكن في حال فشل الجهاز في وقف الجراثيم فإنه يكون دليلاً على ضعفه، وبالتالي لابد من معرفة الأزمة والمشكلة لإعادة تقوية الجهاز ليقوم بدوره المطلوب في حماية الجسم من المخاطر الخارجية.

وفي سياق مُتصل، يشير د. خالد الزقم استشاري أمراض الحساسية والمناعة، إلى أن الضغط النفسي والعصبي يؤثر على كفاءة وقوة الجهاز المناعي، نظراً لأن الشخص يكون في حالة نفسية تستدعي التعامُل معها بشكل مُناسب حتى يستعيد الجسم عافيته وقوته، وتابع: يوجد ربط بين عمل الجهاز المناعي وبعض الأمراض البشرية – على سبيل المثال – الأشخاص المصابون بالحساسية تكون دليلاً على أن جهاز المناعة يكون مُبالغاً في إفراز المحفزات التي تواجه أعراض الحساسية، أو أن بعض المحفزات التي يفرزها لا تستجيب على الإطلاق، أيضاً مرض السكري يكون سببه أن الجهاز المناعي يُهاجم بشكل غير عشوائي الخلايا داخل البنكرياس، ما يؤدي إلى تدميرها أو تقليل أدائها، وبالتالي يُصاب الشخص بمرض السكري، ويؤكد أن زراعة الأعضاء تُعتبر أصعب بكثير مما ينبغي لأن الجهاز المناعي في كثير من الأحيان يرفض العضو المزروع.

اقرأ/ي أيضًا| التوتر المزمن يغير بنية الدماغ المسؤولة عن العواطف

ويُشدّد على أهمية اتباع نظام غذائي مُناسب لتعويض نقص الفيتامينات والمعادن داخل الجسم، حتى يؤدي الجهاز المناعي دوره بشكل مُناسب، لاسيما وأن تدهور أو ضعف الجهاز يؤدي إلى خلل في الجسم، ويكون عُرضة للإصابة بالكثير من الأمراض.

التعليقات