"بائع الورد المتجول" مشروع لمحاربة البطالة في غزة

يبدو المارة والمتسوقين سعداء، وهم يتجمهرون حول باعة الورد المتجولين، الذين يرتدون قبعات سوداء، وقمصانًا بيضاء عليها شعار واسم مشروعهم، ويلتقطون لهم الصور عبر هواتفهم المحمولة.

على دراجات هوائية، تعلوها صناديق صغيرة زُينت بطريقة أنيقة، وبداخلها ورود مختلفة الألوان، يجوب أربعة شبان، بزيٍ موحد، أحياءً مختلفة من مدينة غزة.

هؤلاء الشبان الذين أطلقوا على مشروعهم، اسم "بائع الورد"، اختاروا من بيع الأزهار في الشوارع، مهنة لهم، حتى لا يبقوا ضمن قائمة طويلة، للشباب العاطلين عن العمل.

ولفت المشروع اهتمام وأنظار المارة في شوارع المدينة المحاصرة، للعام العاشر على التوالي، فثقافة بيع الورود واقتناءها تبقى محدودة نوعًا ما، في مجتمع يعاني الفقر والبطالة، ويسعى فيه أرباب الأسر، لتوفير قوت أطفالهم بالدرجة الأولى.

ويبدو المارة والمتسوقين سعداء، وهم يتجمهرون حول باعة الورد المتجولين، الذين يرتدون قبعات سوداء، وقمصانًا بيضاء عليها شعار واسم مشروعهم، ويلتقطون لهم الصور عبر هواتفهم المحمولة.

ويعتبر مشروع "بائع الورد المتجول"، الأول من نوعه على مستوى محافظات قطاع غزة، حسب صاحب الفكرة، الشاب ياسر الترك، حيث يقتصر بيع الأزهار على عدد من المتاجر.

ويقول الترك، (23 عامًا)، الحاصل على شهادة جامعية في المحاسبة: "راودتني فكرة بيع الورود على الدراجات الهوائية، عندما كنت أفكر بمشروع صغير أوفر من خلاله فرصة عمل لي، فالجميع يعلم شح الوظائف في القطاع".

وأضاف بائع الورد: "حدثت إخوتي وابن عمي، ووافقوا جميعًا، فكونّا فريقنا، ولدينا خطط مستقبلية بتوسعة عملنا لنطاق أكبر".

واستدرك مضيفًا: "أردنا جذب انتباه المارة من خلال بيع سلعة لم يعتادوا على شرائها من باعة متجولين، كما أننا استخدمنا الدراجات الهوائية، لأن عادة استخدام وركوب الدراجة في العمل أمر غير منتشر لدى الفلسطينيين".

وتخرج مؤسسات التعليم العالي الفلسطينية، سنويًا حوالي 30 ألف طالب وطالبة، وتبلغ نسبة العاملين منهم 20 في المئة، بينما العاطلين عن العمل، تصل إلى 75 في المئة، حسب إحصائيات رسمية.

وأشار الترك إلى أنه بدأ مشروعه الخاص بتمويل ذاتي، مما حال دون إضافة عاملين جدد إلى الفريق.

واعتمد فريق باعة الورد، الذين تتراوح أعمارهم من 15-23 عامًا، على القراءة والشبكة العنكبوتية، وسؤال أصحاب متاجر بيع الأزهار والمزارعين عن كيفية العناية بالأزهار أكبر فترة ممكنة، واعتمدوا على مواقع التواصل الاجتماعي في الترويج لأنفسهم.

ولأن الورد يريح النفس، ويعتبر أجمل الهدايا وأكثر رومانسية، اختار الترك هذه المهنة، وأراد من خلالها أن يخفف من أوجاع الناس، ويرسم البسمة على وجوههم"، كما يقول.

واستدرك: "هناك ترحاب واسع من المارة، نرى الفرح على وجوهم عندما يرون الورود، وهذا جميل، ومسؤوليتنا الاجتماعية تحتم علينا التفكير في مجتمعنا وليس في الجانب المادي فقط، فهنا أناس غاضبون، وأثقلتهم ظروف الحياة الاقتصادية والنفسية الصعبة".

وفي 22 أيار/مايو العام الماضي، أصدر البنك الدولي، بيانًا قال فيه، إنّ نسبة البطالة في قطاع غزة وصلت إلى 43 في المئة، وهي الأعلى في العالم، وأن نحو 80 في المئة من سكان القطاع يحصلون على إعانة اجتماعية، ولا يزال 40 في المئة منهم يقبعون تحت خط الفقر.

وقبل أن يقود دراجته، ويترك ناصية إحدى الطرق الرئيسة التي وقف عليها لساعة كاملة، يقول الفتى علي الترك "15 عامًا"، أن "تكون بائع ورد، شيء جميل".

وأضاف الترك: "عندما عرض ابن عمي الفكرة عليّ، وافقت لأنني أرغب دومًا باستغلال إجازتي الصيفية في شيء مفيد".

ولا توجد خيارات عديدة أمام طلبة المدارس في قطاع غزة، لاستغلال إجازتهم الصيفية، لمحدودية أماكن الترفيه، ومراكز الاهتمام بتنمية مهارات الأطفال والفتية.

ويصف الفتى إقبال الناس على شراء الأزهار منه بـ "المحدود"، مضيفًا: "ربما الوضع الاقتصادي يحول دون شرائهم للأزهار، لكن جميع من يمر عنا نرى الابتسامة على وجوههم".

ويتمنى الترك أن يتمتع سكان قطاع غزة، بجمال الأزهار التي تنتجها أرض القطاع، والمعروفة بجودتها العالية.

وكان قطاع غزة يصدر نحو 5 مليون زهرة، إلى أوروبا، قبل أن يتوقف عن ذلك عام 2014، لامتناع العديد من المزارعين عن زراعته، جراء تضرر إنتاجه بفعل الحصار، وغياب الدعم اللازم لأصحاب مزارع الورود، وفق تحسين السقا، مدير دائرة التسويق بوزارة الزراعة بغزة التي تديرها حماس.

اقرأ/ي أيضًا| الأردن: أكبر "جدارية" ضد التطبيع مع إسرائيل

التعليقات