مجزرة وقتل واضطهاد... وتفوق دراسي

انتهى ماراثون الثانوية العامة في مصر والعالم العربي قبل أيام من الذكرى السنوية الثالثة لفض اعتصامي رابعة العدوية، والنهضة لأنصار محمد مرسي، أول رئيس مدني مصري منتخب ديمقراطيًا، لتسجل النتائج لحظات نجاح خرجت من رحم المعاناة

مجزرة وقتل واضطهاد... وتفوق دراسي

(الأناضول)

انتهى ماراثون الثانوية العامة في مصر والعالم العربي قبل أيام من الذكرى السنوية الثالثة لفض اعتصامي "رابعة العدوية"، و"النهضة" لأنصار محمد مرسي، أول رئيس مدني مصري منتخب ديمقراطيًا، لتسجل النتائج لحظات نجاح خرجت من رحم المعاناة، عندما تصدرت أسماء أبناء سجناء معارضين أومن قتل ذويهم في الاحتجاجات، قوائم المتفوقين في تلك المرحلة التعليمية المفصلية في حياة الطلاب والمؤهلة للالتحاق بالجامعة.

وأظهرت نتائج الثانوية العامة للعام الجاري والتي أُعلنت نهاية الشهر الماضي، تمكن عدد ليس بالقليل من الطلاب المعتقلين أو أبناء السجناء المعارضين أو من ذوي القتلى في الاحتجاجات على يد أجهزة الأمن المصرية، على درجات مرتفعة لم تكن متوقعة في ظل الظروف التي يعانونها، سواء داخل السجون، أو بسبب فقدان المعيل في الأسرة برحيله أو سجنه.

الطالبة المصرية أميرة عراقي، الحاصلة على المركز الأول مكرر على مستوى الجمهورية وابنة السجين السياسي والقيادي البارز في جماعة الإخوان المسلمين "إبراهيم العراقي"، لم تكن وحدها الطالبة المتفوقة من أبناء السجناء المعارضين والقتلى في مصر، إذ نافسها العشرات من المتفوقين الذين احتفت بهم صفحات التواصل الاجتماعي ووسائل إعلام معارضة، وذلك لما حققوه من تفوق رغم الظروف الاستثنائية التي يمرون بها.

ومن هؤلاء المتفوقين، الطالبة "أسماء شلبي" ابنة المعتقل والقيادي في جماعة الإخوان المسلمين "وليد شلبي" والصادر بحقه حكم أولي بالإعدام في القضية المعروفة إعلاميا بـ"غرفة عمليات رابعة" (من القضايا التي يتهم فيها عناصر معارضة بارتكاب أعمال عنف)، والتي تمكنت من الحصول على نسبة 98.65% لتأتي في ترتيب الأوائل على مدرستها وتلتحق بكلية الطب جامعة الزقازيق (شمال).

وتحكي الطالبة التي التحقت بأعلى كلية في مصر معاناتها للأناضول، قائلة: "كنت أحمل كتبي المدرسية أثناء زيارتي إلى والدي، إذ كنا نقضي اليوم بطوله في طابور الزيارة (في محبسه) على أمل رؤيته لصعوبة الزيارات في سجن العقرب شديد الحراسة (جنوبي القاهرة)، لكنه كان يوصيني أثناء الزيارات بالتركيز في دراستي ولذلك اجتهدت حتى أرسم بسمة على وجهه”.

وموجهة رسالة إلى السلطات المصرية التي تصنف جماعة الإخوان المسلمين بـ"الإرهابية"، قالت أسماء: "على من يتهمنا بالإرهاب أن يعلم أن الإرهابي لا ينجح ولا يتفوق”.

ظروف أسماء لا تختلف كثيرا عن نظيرتها رفيدة صبري، ابنة السجين المعارض صبري الدليل، والمحكوم عليه بالمؤبد (25 عاما) في قضية أحداث ملوي بمحافظة المنيا، وسط مصر(قضية يتهم فيها عناصر معارضة بارتكاب أعمال عنف)، التي حصلت على نسبة درجات 99.4%، وكذلك الطالبة نهلة الزناتي، ابنة الطبيب المعتقل محمد الزناتي، وأخت أحمد الزناتي (أحد قتلى فض اعتصام رابعة)، التي حصلت على مجموع 97.8%، بينما حصل الطالب "عبدالرحمن سعيد لطفي "على 99.6 % على الرغم من وجود والده في السجن منذ أكثر من عام، وتعرضه هو نفسه للاحتجاز لمدة شهر ونصف.

التفوق لم يكن من نصيب أبناء السجناء فقط، حيث تمكن عدد من الطلاب القابعين خلف القضبان من تحقيق نتائج متقدمة على الرغم من قضائهم العام الدراسي بأكمله وهم يقبعون في السجون، من بينهم الطلاب شهاب كامل الحاصل على 96.7 %، وأسامة عامر الحاصل على 91% وكلاهما معتقل منذ أكثر من 30 شهرًا بتهم التحريض على العنف، فيما حل الطالب عمر سويدان المعتقل منذ 25 شهرًا في المركز الـ 11 على مدرسته.

أما يحيي عياش، فهو أيضا حالة استثنائية، حيث أدى امتحانات الثانوية العامة في دولة السودان، والتي خرج إليها بعد صدور حكم عليه بالسجن 10 سنوات من قبل القضاء العسكري بعد صدور أحكام بحقه في أعمال عنف، وتمكن من تحقيق المركز الأول على مستوى الجمهورية السودانية للأجانب.

وفي حديث للأناضول، قال عياش: "فوجئت باتهامي من قبل السلطات المصرية في قضية عسكرية، فاضطررت للخروج من مصر على أمل الرجوع لأداء امتحانات الثانوية العامة، ولكن صدر ضدي حكمًا بالسجن 10 سنوات فقررت استكمال دراستي في السودان”.

وأضاف عياش: "حصلت على المستوى الأول على مستوى الجمهورية السودانية بين الأجانب رغم مرور عام دراسي كامل بعيدًا عن أسرتي وفي ظروف معيشية صعبة، لكني كنت عقدت العزم على ذلك لإيصال رسالة مفادها أننا لا نستحق هذه الأحكام الباطلة وأننا متفوقون، ولأهدي نجاحي لأسرتي التي كانت تعيش ظروفًا صعبة بعد خروجي من مصر”.

ولا يوجد رقم محدد للطلاب المتفوقين من أبناء السجناء المعارضين أو ذوي القتلى في الاحتجاجات، غير أن صفحات تابعة لنشطاء ووسائل إعلام معارضة قالت إنهم بالعشرات وأسهبت في ذكر عدد من أسمائهم والتواصل معهم.

وفي 14 آب/أغسطس 2013 فضت قوات من الجيش والشرطة بالقوة اعتصامين لأنصار "مرسي" في ميداني "رابعة العدوية" (شرقي القاهرة) و"النهضة" (غربها)؛ ما أسفر عن سقوط 632 قتيلا منهم ثمانية شرطيين، حسب "المجلس القومي لحقوق الإنسان" في مصر (حكومي)، في الوقت الذي قالت منظمات حقوقية محلية ودولية (غير رسمية) إن أعداد الضحايا تجاوزت الألف قتيل.

وبعد الإطاحة بمرسي في 3 تموز/يوليو 2013، اعتبرت السلطات المصرية "جماعة الإخوان المسلمين، التي ينتمي لها الرئيس السابق "إرهابية"، وسط رفض من الجماعة لهذا التوصيف الذي تعتبره "تنكيلًا بها وتصفية لحسابات سياسية"، ومنذ هذا التاريخ تشن السلطات حملة ملاحقات أمنية في صفوف الجماعة ومؤيديها بدعوى ارتكاب أعمال عنف وتحيلهم للقضاء بهذه التهمة، وهو ما يتم نفيه باستمرار.

وفيما يقول معارضون ومنظمات حقوقية دولية إن السلطات الأمنية المصرية تحتجز في عدد من سجونها ومقراتها الشُرطية، آلاف المعارضين السياسيين وأن عددًا منهم توفوا نتيجة "الإهمال الطبي"، تنفي السلطات وفي بيانات رسمية وجود أي معتقل سياسي لديها، مؤكدة أن السجناء متهمون أو صادر ضدهم أحكامًا في قضايا جنائية، وأنها تتعامل مع السجناء وفق قوانين حقوق الإنسان.

اقرأ/ي أيضًا| في ذكرى "رابعة": مظاهرات محدودة وصخب بمواقع التواصل

ولا يعرف تحديدا عدد السجناء المعارضين في السجون المصرية عقب الإطاحة بمرسي، غير أن تصريحات صادرة عن جماعة الإخوان المسلمين وحقوقيين محليين قدرته بما لا يقل عن 40 ألف، وهو عدد لم يتسن للأناضول التأكد من مصداقيته من مصادر مستقلة في ظل عدم صدور بيانات رسمية من السلطات المصرية حول أعداد الأشخاص الذين يقبعون في سجونها.

التعليقات