المسجد ومؤذنه... "قصة عشق" بغوطة دمشق!

لم يمنعه أزيز الطائرات التي تحوم فوق مدينته ولا أصوات القذائف التي تتهاوي بين الحين والآخر من رفع الآذان، ولم تشغله هموم الحياة عن خدمة مسجده، غير عابئ بأسرة تشتاق إليه بعد أن كرس معظم وقته للمكان.

المسجد ومؤذنه... "قصة عشق" بغوطة دمشق!

لم يمنعه أزيز الطائرات التي تحوم فوق مدينته ولا أصوات القذائف التي تتهاوي بين الحين والآخر من رفع الآذان، ولم تشغله هموم الحياة عن خدمة مسجده، غير عابئ بأسرة تشتاق إليه بعد أن كرس معظم وقته في مكان يعتبره 'هو الأغلى من كل شيء وأي شيء في حياته'.

هكذا ترتسم قصة عشق يعيشها خليل حلاوة، مع مسجد مدينة كفر بطنا، في ريف دمشق، حيث أمضى في رفع الآذان به وخدمته أكثر من 20 عاما.

'هذا المسجد أغلى من جسدي، وعندما تم قصفه قبل عامين من قبل طائرات نظام بشار الأسد، سقط منه عمود، أحسست أن جزء من جسدي انفصل عنه و لم تعد الدنيا تتسع لهمي'، كلمات قالها حلاوة وعيناه تذرف دمعًا عبر بها عن مدى تعلقه بهذا المسجد التاريخي، الذي حمل نفس اسم المدينة السورية المحاصرة من قبل النظام، منذ أكثر من 3 أعوام.

ويقضي المؤذن البالغ من العمر 47 عامًا معظم وقته في المسجد، ويصدح صوته في الآذان في أوقات الصلوات الخمسة، حتى بات صوته أحد أبرز معالم المدينة.

ويتنقل حلاوة، المكنى بـ'أبو أحمد'، في أرجاء المسجد طوال اليوم، ويهتم بكل تفاصيله، من تنظيف إلى ترتيب إلى سقاية النباتات، ويستمع بهذا العمل إلى أبعد حد، فوفق قوله 'خدمة هذا المسجد هو حلم اعتراه منذ الصغر'.

ويتمتع أبو أحمد بصوت جميل، فهو إلى جانب الآذان يقوم بالإنشاد الديني في المناسبات الدينية التي تقام في المسجد.

ويعد مسجد 'كفر بطنا'، أكبر مساجد مدينة التي تحمل نفس الاسم، كما أنه من أقدم المساجد في الغوطة الشرقية، ويعود تاريخه إلى ألف عام، ويتميز بطريقة بنائه بالهندسة المعمارية القديمة.

يروي حلاوة حكايته مع المسجد قائلا، إنه 'يقضي فيه معظم وقته ومن أجل ذلك يتلقى انتقادات حتى من زوجته وأولاده، إلا أنه في كل مرة يجيب عليهم مرددا 'هذا المسجد أغلى لدي منكم'.

وأكد حلاوة على إصراره على مواصلة عمله في المسجد كمؤذن وخدمته حتى آخر نفس من حياته، بالرغم من خطر القصف وحالة الحصار التي تعيشها مدينته.

وأشار إلى أن عمليات الترميم التي شهدها المسجد تمت كلها على نفقة الفقراء، الذي تبرع كل منهم بما يستطيع، ما أضفى عليه روحانية كبيرة، لافتا إلى أن المصلين كثيرًا ما يقولون له إنهم يشعرون براحة وطمأنينة كبيرة في هذا المسجد بالذات.

ويروي حلاوة تاريخ المسجد، الذي سبق أن شهد معارك بين الثوار والاحتلال الفرنسي لسورية، في عشرينيات القرن الماضي، ما أدى إلى احتراق أجزاء منه، لافتًا إلى أنهم وجدوا آثار للحريق متبقية حتى الآن خلال إحدى عمليات الترميم للمسجد التي قاموا فيها مؤخرًا.

وأوضح حلاوة أن المسجد تعرض للقصف عام 2014، وسقطت أحد أعمدته، كما أن محيطه كذلك تعرض للقصف بعدها بعام، أثناء صلاة العصر، ما أدى إلى أضرار طفيفة فيه دون أن يصاب المصلين بأذى، معتبرًا أن 'ما من أحد يقصف المساجد إلا نظام همجي كنظام الأسد'، وفق قوله.

اقرأ/ي أيضًا | بدء رحلة بحث عن قطار اختفى بالعهد النازي

و'كفر بطنا' أحد أهم مدن غوطة دمشق الشرقية التي تسيطر عليها المعارضة والمحاصرة من قبل النظام منذ 3 سنوات، وتشهد المنطقة قصف متواصل من قوات النظام وطائراته، تسبب بمقتل وجرح عشرات الآلاف من سكانها، وتعتمد المنطقة في تأمين احتياجاتها بشكل أساسي على التهريب عبر الأنفاق.

التعليقات