رغم عقبات أوسلو: "سبسطية" تقاوم الاحتلال بالسياحة

يسعى سكان بلدة "سبسطية"، شمالي الضفة الغربية، إلى وضعها على خارطة السياحة العالمية، باعتبارها واحدة من المواقع الأثرية المهمة، ولحمايتها من محاولات الاحتلال الإسرائيلي للسيطرة عليها.

رغم عقبات أوسلو: "سبسطية" تقاوم الاحتلال بالسياحة

يسعى سكان بلدة 'سبسطية'، شمالي الضفة الغربية، إلى وضعها على خارطة السياحة العالمية، باعتبارها واحدة من المواقع الأثرية المهمة، ولحمايتها من محاولات الاحتلال الإسرائيلي للسيطرة عليها.

وقال القائم بأعمال رئيس بلدية 'سبسطية'، معتصم عليوي، بينما كان يتابع أعمال ترميم في ساحة البازليكا، أحد معالم بلدتهم التاريخية، 'نسعى إلى إعمار البلدة، وخاصة المواقع الأثرية، وإعادتها للصورة الحقيقة”.

وأضاف 'نريد أن تكون سبسطية على خارطة السياحة العالمية، تواصلنا مع الجهات الفلسطينية الرسمية، ومع قناصل وسفراء، بهذا الخصوص'.

وتابع 'نطمح أن تستقبل بلدتنا السياح الأجانب، وحتى السياحة الداخلية، كما نسعى لبناء أكشاك سياحية وفنادق ومنتجعات لاستيعاب السياح'.

ولفت عليوي إلى أن تقسيم البلدة إلى مناطق مصنفة 'ج' و'ب'، حسب اتفاق أوسلو، الموقع بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، يشكّل عقبة هامة في تطوير الموقع الأثري.

مبينًا أن 'سلطات الاحتلال الإسرائيلية تمنعنا من العمل والترميم والتنقيب، في المناطق المصنفة 'ج'، وتسعى للسيطرة عليها'.

ووفق اتفاقية أوسلو الثانية، الموقعة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل عام 1995، تم تقسيم الضفة الغربية إلى 3 مناطق 'أ' و'ب' و 'ج'.

وتمثل المناطق 'أ' 18% من مساحة الضفة، وتسيطر عليها السلطة الفلسطينية أمنيا وإداريًا مع وجود تنسيق أمني بين السلطة والاحتلال، أما المناطق 'ب' فتمثل 21% من مساحة الضفة وتخضع لإدارة مدنية فلسطينية وأمنية إسرائيلية.

أما المناطق 'ج'، والتي تمثل 61% من مساحة الضفة فتخضع لسيطرة أمنية وإدارية إسرائيلية، ما يستلزم موافقة سلطات الاحتلال الإسرائيلي على أي مشاريع أو إجراءات فلسطينية بها.

وكشف عليوي، أن قوة عسكرية إسرائيلية اقتحمت البلدة قبل عدة أيام، وأغلقت 'الموقع الأثري لتأمين دخول سياح يهود، والذين أدّوا طقوسًا دينية، بزعم أنها أراض إسرائيلية'.

وفي أيلول/ سبتمبر المنصرم، هدمت جرافات الاحتلال مطعمًا وكشكًا لبيع الخزف، في المنطقة الأثرية، بزعم البناء بدون ترخيص، بحسب عليوي.

وتمنع السلطات الإسرائيلية الجانب الفلسطيني من ترميم وتأهيل الموقع الأثري، الواقع في القسم المصنف بالمنطقة 'ج'.

لكن بلدية 'سبسطية' استطاعت ترميم مواقع أخرى تقع داخل البلدة المسكونة المصنفة 'ب'، ورمّموا مساكن قديمة وحولت لفنادق صغيرة.

ويقع في المنطقة المصنفة 'ب' عدد من المواقع الأثرية أهمها المقبرة الرومانية، وضريح النبي يحيى ومسجده، وكاتدرائية يوحنا المعمدان، وقصر الكايد.

وفي القسم المصنف 'ج'، تقع أهم المواقع الأثرية وهي 'ساحة البازيليكا، والقصر الملكي، والبرج الهيلينستي، ومعبد أغسطس، والمسرح، وشارع الأعمدة، والملعب'.

ويشبه مسرح سبسطية إلى حد كبير مسرح مدينة جرش الأردنية.

وفي هذا السياق، يقول القائم بأعمال رئيس بلدية سبسطية، 'لماذا لا نقيم هنا مهرجانات تراثية، نعيد من خلالها الحياة للبلدة، يمكننا فعل ذلك رغم كل ممارسات الاحتلال، لكننا نحتاج للدعم الحكومي الرسمي، وهو ما نعمل عليه'.

ويعود تاريخ الموقع الأثري، بحسب وزارة السياحة الفلسطينية، إلى العصر البرونزي (3200 قبل الميلاد).

وخضعت المدينة إلى حكم الآشوريين، ثم الفارسيين، ومن ثم الروماني وحكمها الملك هيرود عام 30 قبل الميلاد، وهو من أطلق عليها اسم 'سبسطي' أي 'المبجلة' وغالبية المباني الحاضرة تعود لعهده.

وأصبحت 'سبسطية' في العهد البيزنطي مركزًا دينيًا لوجود قبر يوحنا المعمدان، النبي يحيى بن زكريا.

ويعتقد أن جسد النبي يحيى، يوجد في ضريح قرب مسجد قديم وسط البلدة، بينما دفن رأسه في العاصمة السورية، دمشق.

ورغم منع سلطات الاحتلال الإسرائيلي، أعمال الترميم في الموقع الأثري، إلا أن عمال يواصلون عملهم في تنظيف الموقع الأثري، وترميم جدران حجرية منهارة، وسط مخاوف من تدخل إسرائيلي.

ويقول عليوي، 'هناك حركة خفيفة للسياح، يوميًا يصل للموقع الأثري سياح من أوروبا ودول شرقي أسيا، ولكنها غير كافية، ولا تتناسب مع هذا الموقع الذي يعد من أهم آثار فلسطين'.

ويملك محمود غزال، صاحب محل لبيع القطع التراثية، أيضًا، مطعمًا بالقرب من ساحة البازيليكا منذ العام 1962.

ويقول غزال إن 'الحركة السياحة خفيفة جدًا، وتعتمد على مجهود خاص، نتواصل مع الشركات السياحية في القدس، وحتى في أوروبا، لجلب السياح هنا'.

ويضيف 'الجيش الإسرائيلي ومستوطنيه، بشكل مستفز، يقتحمون الموقع، يؤدون طقوسًا دينية، كأنهم يملكون الموقع، هذه أرض فلسطينية'.

ويلم غزال بأدق التفاصيل حول تاريخ الموقع، قائلاً، إن 'هناك إثباتات ودراسات تؤكد أن سبسطية تعود لزمن النبي يحيى والملك هيرود، سبسطية احتفظت باسمها على مر العصور'.

ويسكن في بلدة سبسطية، الواقعة شمالي مدينة نابلس، نحو 3500 فلسطيني.

اقرأ/ي أيضًا | أوسلو قسّمت ونسّقت: وعائلة فهيدات تعاني

التعليقات