فاطمة خضر: شاهدة على احتلال القدس

رغم مرور خمسين عاما على حرب حزيران/ يونيو، التي احتلت فيها إسرائيل مدينة القدس، إلا أن التفاصيل المرعبة لما جرى، ما تزال تتربع في ذاكرة المقدسية "فاطمة خضر".

فاطمة خضر: شاهدة على احتلال القدس

رغم مرور خمسين عاما على حرب حزيران/ يونيو، التي احتلت فيها إسرائيل مدينة القدس، إلا أن التفاصيل المرعبة لما جرى، ما تزال تتربع في ذاكرة المقدسية "فاطمة خضر".

فالفلسطينية خضر المُكناة بـ"أم أيمن"، لا تنسى تفاصيل خوف الطفلة، ابنة 10 أعوام، التي كان تعيش في أمان بمدينة القدس، وهروبها من مكان لآخر مع ذويها للاحتماء من الموت.

وكأن ما رأته قبل 50 سنة، قد حدث البارحة، تروي القصة على الرغم من الألم الذي تتذكره حينما خرجت من منزلها في حارة الشرف، إحدى حارات البلدة القديمة في القدس، والتي باتت تعرف الآن "بحارة اليهود".

تقول خضر لوكالة الأناضول " كنت في العاشرة من عمري آنذاك، لكني أتذكر جيدا، فتلك الأيام جعلتني أكبر فجأة وما عدت طفلة".

ونزحت أم أيمن، قبل موعد الحرب بأيام قليلة من حارتها الآمنة إلى مخيم شعفاط للاجئين الفلسطينيين، القريب من القدس، وإذ بنيران الحرب تشتعل، والقتال يشتد.

وتقول خضر " في ذلك الوقت لم ننتظر الموت، كان الجميع خائفاً من تكرار ما حدث أيام النكبة عام 1948، لذا هربنا من الموت عوضا عن انتظاره وتوجهنا إلى مغارات مدينة أريحا "شرق الضفة" ومكثنا هناك".

وتضيف " هذه الحرب لم تكن حرب الأيام الستة كما يقال، أنا رأيتها بأمّ عيني حرب الساعات الست، لقد رأينا المقدسيين حاملين الفؤوس لحفر الخنادق من أجل مقاومة الاحتلال والدفاع عن مدينة القدس".

ولم تلبث أن احتمت مع أهلها في مغارة تحت القصف، حتى تلقت إصابة في قدمها.

تتذكر الحادثة بحزن وتقول "كان الموت أمام عيني في كل مكان، وأصبت بقدمي جراء القصف، ونشرت إسرائيل إشاعات تفيد بأنها ستقصف الجسر الأردني حتى تدفعنا للرحيل خوفا من الموت".

وتضيف "كان هنالك شاحنات كبيرة من أجل نقل الناس إلى الجسر، حملتني زوجة عمي وذهبت بي إلى الأردن دون أمي وأخوتي، وتشردت العائلة".

وتنقلت "أم أيمن" في مخيمات اللجوء في الأردن، ونامت في الخيام بين الأفاعي والعقارب، ولحقت عائلتها بها هناك واستقروا في أحد المخيمات الأردنية.

لكن القدر أراد لخضر أن تعود لمدينتها "القدس"، بعد أن طلبها ابن عمها للزواج، بعد 8 سنوات من الحرب.

وعن ذلك تقول "كان زوجي وابن عمي، يقيم في القدس، وحينما طلبني للزواج، تمكنت من العودة للمدينة، وعشت فيها مجددا بعد ثماني سنوات من النزوح".

وتضيف "كأني كنت يتيمة وعدت إلى حضن أمي، عدت للقدس التي تربيت على حبها على الرغم من أني لا أملك بيتا لي ولأولادي فيها".

وعاشت خضر في القدس، وأنجبت سبعة من الأبناء.

لكن عائلة أم أيمن، بقيت نازحة في الأردن.

ومنذ عودتها للقدس، تشارك خضر في غالبية الفعاليات الوطنية، كالمسيرات والمظاهرات، والوقفات التضامنية مع المعتقلين الفلسطينيين.

وتقول:" لقد رأيت الحرب والبؤس واللجوء في عيني، فحب النضال وحب الوطن مزروع في قلبي وشراييني، أرضعتني أمي حب القدس وأنا أرضعته لأبنائي السبعة أيضا".

وتحرص خضر على لبس الثوب الفلسطيني التقليدي، الذي تقول إنها تطرزه بنفسها.

وتضيف:" تعلمنا تطريز الأثواب الفلسطينية، عندنا كنا لاجئين في الأردن".

وتضيف:" لقد قررت أن أدخل التطريز الفلسطيني في أي مناسبة وطنية، بدأت بتطريز الرايات والقمصان، ومفاتيح العودة، وبدأت أشارك في المعارض والحفلات الوطنية المختلفة داخل القدس وخارجها".

وتضيف:" نحن صامدون هنا، لقد أخرجونا ونحن أطفال ولن يفعلوا ذلك مجددا، فالقدس أمي ووطني وهويتي، ونحن من دون القدس لا نسوى شيئا".

التعليقات