مغارة "شيموني": محطة العبيد من كينيا إلى زنجبار

لا تزال قرية "شيموني" الكينية التي كانت أحد مراكز التجميع لملايين الأشخاص من قبل تجار العبيد على مدى 400 عام في شرق أفريقيا، تحمل آثار الحقبة التي امتدت من 1492 إلى النصف الثاني من القرن التاسع عشر.

مغارة

(الأناضول)

لا تزال قرية "شيموني" الكينية التي كانت أحد مراكز التجميع لملايين الأشخاص من قبل تجار العبيد على مدى 400 عام في شرق أفريقيا، تحمل آثار الحقبة التي امتدت من 1492 إلى النصف الثاني من القرن التاسع عشر.

وتأخذ القرية المذكورة التي تقع في إقليم كوالي الساحلي، اسمها، من مغارة "شيموني" التي تعني باللغة السويحلية "حفرة، ثقب"، حيث كان يوضع العبيد فيها للتجارة بهم وبيعهم في مناطق مختلفة من العالم.

وقال أحد موظفي متحف العبيد بشيموني، عثمان ميونغو، إنه تم إرسال الآلاف ولربما الملايين من الكينيين الأبرياء من قبل الغرب والبرتغاليين والبريطانيين عبيدا لكل أصقاع العالم.

وأضاف أن قوات الاستعمار في كينيا قاموا باحتجاز الأشخاص الذين جمعوهم من المناطق الداخلية في البلاد بالمغارة المذكورة.

وأشار ميونغو إلى أنه كان يوضع في المغارة الصغيرة ما بين 600 إلى 1000 شخص وكانوا يظلون هناك على مدى أسابيع، ليتم نقلهم فيما بعد إلى أسواق العبيد في زنجبار بتنزانيا من أجل بيعهم هناك.

ولفت إلى أن بعض العبيد كانوا يموتون بسبب المرض، وأن من يموت منهم كانت أجسادهم ترمى في البحر، مشيرا إلى أن من كان يحاول منهم الفرار كان يعلق بالأغلال على أبواب المغارة وكان يبقى هناك لأيام دون طعام ولا ماء، كي يكون عبرة للآخرين.

وأوضح أن العبيد كانوا يقومون بأعمال حفر في المغارة عبر أعواد خشبية للحصول على ماء ليشربوا منه ويبقوا على قيد الحياة.

وأكد أنه لا تزال الأغلال من السلاسل التي كانت تستخدم لتعليق العبيد داخل المغارة.

وأفاد بأن المغارة التي كانت شاهدة على آلام الأفريقيين في تلك الفترة، يقطنها الآن الخفافيش فقط، ويزورها السياح المحليون والأجانب.

وفي سياق متصل، كانت قرية شيموني هي أول مركز لاستضافة كبار موظفي شركة شرق أفريقيا البريطانية التي ساهمت في استعمار أفريقيا، وكذلك احتضنت أول سجن للمستعمرين.

يشار إلى أن إقليمي ماليندي ومومباسا، كان يوجد فيهما أيضا مراكز لتجميع العبيد إلى جانب كوالي.

ويقول المؤرخون إنه تم استعباد ما بين 12 مليون إلى 60 مليون شخص في أفريقيا خلال الفترة الممتدة من 1492 إلى منتصف القرن التاسع عشر.

وكان حوالي 30% من العبيد يموتون خلال ترحيلهم عبر السفن إلى مناطق عديدة أبرزها البرازيل وأميركا الوسطى، حيث كانت الرحلة تستغرق حوالي شهرين، فيما كان يتم استخدام من يستطيع منهم البقاء على قيد الحياة بمزارع قصب السكر والقطن والقهوة والتبغ.

وكان تجار العبيد يفضلون في بادئ الأمر من القرويين القوي القادر على تحمل أعباء العمل لفترات طويلة، إلا أنهم قرروا لاحقا ضم الأطفال والنساء إلى قوائمهم لسهولة القبض عليهم ولكونهم لا يشغلون مساحات كبيرة في السفن خلال عملية الترحيل.

من جهته، قال المرشد السياحي في مدينة مومباسا راشد زهران (42 عاما)، إن تجار العبيد كانوا يتعاونون مع رؤساء القبائل في المنطقة.

وأضاف أن المنطقة كانت فيها صراعات قبلية، وأن رئيس القبيلة التي تنتصر على الأخرى كان يقوم بجمع من يأسره من بقية القبائل ومن ثم يرسلهم لأسواق زنجبار من أجل بيعهم للغرب والبرتغاليين والبريطانيين.

وأشار زهران إلى أن البريطانيين قاموا بحظر العبودية في كينيا من أجل مصالحهم عام 1873 بعد أن استفادوا منها بما يكفي.

وتابع: "البريطانيون قرروا إنهاء العبودية عقب الثورة الصناعية في أوروبا وانخفاض الحاجة للعبيد. هدفوا إلى نشر المسيحية في تلك الفترة التي كان الناس ينظرون فيها إلى العبودية على أنها إجراء شيطاني".

ونوه بأنه يتم تدريس تاريخ الاستعمار في المدارس الكينية، وأن الأشخاص القادمين من داخل البلاد وخارجها يحزنون كثيرا خلال زيارتهم للمغارة واستماعهم لما جرى فيها، ويبدؤون بعدها بالتحقق من التاريخ.

التعليقات