السياح يقلقون الأوروبيين: أعيدوا لنا مدننا

في أوروبا، تعالت الأصوات القلقة من تفق الشياح الكثيف على بعض المدن في مختلف الدول الأوروبية ومن بينها أكبر الوجهات السياحية، وطالوا بتنظيم السياحة وتحديد معايير وضوابط للحفاظ على المدن، خاصة بعد هجر أهلها الأصليين لها.

السياح يقلقون الأوروبيين: أعيدوا لنا مدننا

24 مليون سائح سنويًا في البندقية بغيطاليا (أ.ف.ب)

في أوروبا، تعالت الأصوات القلقة من تفق الشياح الكثيف على بعض المدن في مختلف الدول الأوروبية ومن بينها أكبر الوجهات السياحية، وطالوا بتنظيم السياحة وتحديد معايير وضوابط للحفاظ على المدن، خاصة بعد هجر أهلها الأصليين لها.

ومن قنوات الماء في البندقية الرومانسية الى أسوار دوبرفنيك، مرورا بجزيرة سكاي، بات بعض السكان ينظرون بقلق إلى السياح على رغم العائدات المالية التي يؤمنونها.

في حي بارسيلونيتا الساحلي في برشلونة الإسبانية، يحتج الناس منذ سنوات على الازعاج الناجم عن حالات السكر والعلاقات الغرامية في الشارع وأخيرا حمل ارتفاع الإيجارات البعض منهم على المغادرة.

وكتب محتجون على لافتات خلال تظاهرة على الشاطئ المكتظ عادة بالسياح: "لا نريد صيفا آخر شبيها بهذا، ولا نريد سياحا في مبانينا"، و"لا أهلا ولا سهلا".

هذه التحركات التي وصفتها الصحافة بأنها "معادية للسياح" تتردد اصداؤها في إسبانيا، ثالث وجهة سياحية في العالم تدفق عليها المصطافون نظرا لعدم الاستقرار في تونس ومصر وتركيا.

وعمدت منظمة من اليسار المتطرف إلى إيقاف حافلة للسياح في برشلونة مطلع الشهر الجاري، ورشت زجاجها الأمامي بالطلاء، ونظمت في بالما دي مايوركا وجزر الباليار، تظاهرتين رفعت خلالهما مشاعل الدخان، ولافتة كتبت عليها "السياحة تقتل مايوركا".

وحدد هذا الأرخبيل السياحي بامتياز لتوه بـ623 ألفا عدد المساكن السياحية وينوي أيضا خفضها قليلا في السنوات المقبلة إلى 500 ألف.

وقال أرتورو مونفيرر (67 عاما)، أحد سكان بالما، إن "السياحة هي أساس الاقتصاد والعمل وكل شيء، لكن لا بد من تنظيمها".

طفرة سياحية

وأعلن رئيس الحكومة الإسبانية، ماريانو راخوي، في الفترة الأخيرة أنه "لم يتبادر إلى ذهني يوما أني سأضطر إلى الدفاع عن القطاع السياحي الإسباني" الذي يؤمن 11% من ثروة البلاد.

وأكد الأمين العام للمنظمة العالمية للسياحة ومقرها مدريد، طالب رفاعي، أن "السياحة ليست العدو".

وتوضح هذه المنظمة، التابعة للأمم المتحدة، أن واحدة من كل عشر وظائف في العالم، على صلة بالقطاع السياحي، الذي يشكل 10% من إجمالي الناتج الداخلي العالمي.

ولكن من 1995 إلى 2016، ارتفع عدد المسافرين الدوليين من 525 مليونا إلى أكثر من 1،2 مليار بفضل الشركات الجوية منخفضة التكلفة والزائرين من الأسواق الناشئة في الصين والهند وبلدان الخليج على سبيل المثال.

لكن الأمر تجاوز طاقة احتمال بعض الوجهات السياحية على ما يبدو.

وهذا ما ينطبق على مدينة دوبرفنيك الحصينة في كرواتيا، التي ما تزال تشهد تدفق أفواج الواصلين إليها منذ تصوير مشاهد من مسلسل "غايم أوف ثرونز" (لعبة العروش) التلفزيوني فيها.

وأعربت الموظفة في القطاع الفندقي، آنا بيلوسيفيتش، عن أسفها بالقول "إذا ما أردت أحيانا دخول المدينة القديمة، يتعين عليك الوقوف في الصف طوال ساعة وسط حرارة تبلغ 40 درجة مئوية".

وثبتت سلطات "لؤلؤة الأدرياتيكي" كاميرات على أبواب الحصن لضبط تدفق الزائرين، وترغب في الحد من توقف القوارب السياحية.

وعلى الضفة الأخرى للبحر الأدرياتيكي، تريد البندقية الإيطالية التي يبلغ عدد سكانها 265 ألف نسمة، وتستقبل 24 مليون سائح سنويا، اعتماد نظام حجوزات لزيارة ساحة القديس مرقس في ساعات الذروة. وفرضت غرامات تبلغ قيمتها 500 يورو على كل من يقوم بنزهة برية أو يغطس في البحيرة.

وفي فلورنسا، ترش السلطات الشوارع بالماء حول كاتدرائية سانتا كروس حتى لا يتأخر السياح فيها.

مشكلة كبيرة

ومن الحلول المطروحة، يقترح مؤسس موقع سكيفت للمعلومات السياحية، رأفت علي، توجيه الزائرين إلى خارج وسط المدن.

لكن ذلك مدد المشكلة إلى أحياء كانت حتى الآن تعد سكنية، بسبب ازدياد المواقع المخصصة للإيجارات الموسمية مثل موقع "إير بي إن بي".

وفي لشبونة، أدى تكاثر الشقق السياحية إلى ارتفاع كبير في أسعار السكن في حي ألفاما القديم.

وفي تصريح لوكالة فرانس برس، قالت ماريا دو لورد بينيرو، رئيسة هيئة التراث والسكان في ألفاما، "من الصعب اليوم في ألفاما العثور على بيت للإيجار بأقل من ألف يورو في الشهر، وهذا مبلغ كبير لبرتغالي غالبا ما يكون راتبه أدنى من هذا المبلغ".

وحتى في جزيرة سكاي الإسكتلندية، التي تزخر بالمناظر الخلابة، تنصرف السلطات إلى معالجة الاختناقات المرورية ومظاهر الضرر البيئي الذي ينجم عن الازدحام.

وأكد طالب رفاعي أن "الحل سهل، هو أن نقول لا سياحة بعد اليوم، لكن هذا الأمر بالغ الخطورة". وأضاف أن "الذين يقولون اليوم لم نعد نريد السياح سيكونون أول من يبكي عندما يخسرونهم".

وهذا ما حصل في تركيا التي تراجعت عائداتها الناجمة من السياحة بنسبة 30% في 2016 بعد أن شهدت اعتداءات وانقلابا فاشلا.

ومددت تركيا عطلة عيد الأضحى من ستة إلى عشرة أيام من أجل تنشيط السياحة الداخلية.

وقال رفعت علي ساخرا "كثير من السياحة مشكلة كبيرة. ولكن الأسوأ عندما لا يأتي أحد".

 

التعليقات