عندما تغير الشوكولاتة حياة السجناء!

تصنف الدراسات العلمية الشوكولاتة على أنها حلوى للتلذذ، كونها مصدرا لرفع هرمون السيروتونين، الذي يعرف أيضا باسم "هرمون السعادة"، ويعمل على تنظيم مزاج الإنسان ومساعدته على الشعور بالراحة والهدوء.

عندما تغير الشوكولاتة حياة السجناء!

تصنف الدراسات العلمية الشوكولاتة على أنها حلوى للتلذذ، كونها مصدرا لرفع هرمون السيروتونين، الذي يعرف أيضا باسم "هرمون السعادة"، ويعمل على تنظيم مزاج الإنسان ومساعدته على الشعور بالراحة والهدوء.

وفي أماكن كالسجون، مأوى المجرمين والمنحرفين عن قوانين المجتمع، حافظت الشوكولاتة على صفاتها السيكولوجية وخصائصها الطبيعة، مادةً محفزة على تحسن المزاج والسلوك، لغناها أيضا بمادة الكافيين.

وقطعة واحدة من الشوكولاتة الداكنة (28.4 غراما) تحتوي على 12 ميليغراما من الكافيين المنبه للجهاز العصبي المركزي في الجسم بشكل مؤقت، ما يجدد النشاط لدى الشخص.

وفي التقرير الآتي، نرصد عدة وقائع حقيقية أثرت فيها الشوكولاتة على حياة السجناء.

إمبراطور مشروب الشوكولاتة

قبل 10 سنوات، كان الأمريكي برنارد مادوف (78 عاما)، يتعامل مع أكبر البنوك السويسرية، باعتباره رئيس بورصة "برنارد مادوف" الاستثمارية العملاقة، التي أسست عام 1960.

لكن بعد اعتقاله عام 2008 لتورطه في أكبر عملية نصب استثمارية بلغت قيمتها 65 مليار دولار أمريكي، تحول "مادوف" إلى مسحوق الشوكولاته السويسري في بناء ثروته وإمبراطوريتها الجديدة، ولكن هذه المرة من وراء قضبان السجن.

مستفيدا من سنوات سجنه بتهمة النصب والتي حددت عام 2009 بـ 150 عاما، ومستغلا حب السجناء للشوكولاتة، قرر "مادوف" تطبيق "ميوله التجارية" لتحقيق أقصى استفادة، بجعل مسحوق شراب الشوكولاتة الساخن سلعته الجديدة في السجن.

وفق موقع "ماركت ووتش" الأمريكي المعني بالشؤون الاقتصادية، يتعامل "مادوف" حصرا بمسحوق "سويس ميس" الأمريكي لمشروب الشوكولاتة الساخنة.

ويشتري مادوف المسحوق من مخزن السجن، حيث حصل على وظيفة فيه، في فبراير / شباط من العام الماضي، ثم يبيعه للسجناء بعد إضافة المكسب.

ويضيف "ماركت ووتش" في كانون الثاني/ يناير 2017، أن "مادوف يشتري جميع عبوات المشروب من مخزن السجن حتى لا يصبح هناك سبيل للسجناء إلا بشراء مسحوق الشوكولاته منه بسعره الجديد الذي يحدده".

ويبيع "مادوف" مشروب الشوكولاتة الساخن المضاف إليه حلوى المارشميلو بـ 20 سنتا، فيما يصل سعر المشروب الخالي من السكر إلى 35 سنتا.

حلوى الحرية

في سجن "بوستو أرسيزيو" على بعد كيلومترات من مدينة ميلانو الإيطالية، يُصنع أحد أشهر أنوع الشيكولاتة العالمية، وهي "دولشي ليبيرتا" وبالعربية "حلوى الحرية".

منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2010، استخدمت شركة "دولشي ليبيرتا" الخاصة، المجمع الرياضي لسجن "بوستو أرسيزو" ليكون مصنعها، واستعانت بالسجناء عاملين في إطار برنامج مجتمعي لتأهيل أصحاب الجرائم الخطيرة، وفق ما أفادت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية في نيسان/ أبريل الماضي.

ومنذ افتتاح مصنع "دولشي ليبيرتا"، تم تدريب 85 سجينا على فن الطبخ والضيافة، فيما تم توظيف 25 آخرين بدوام كامل داخل المصنع، يحصل كل منهم على راتب شهري يراوح بين 450 يورو (541.3 دولارا أمريكيا) و600 يورو (721.7 دولارا أمريكيا).

ويضم سجن "بوستة أرسيزو" 420 سجينا، يتم اختيار 25 فقط للعمل في مصنع الشوكولاتة، وذلك يحدد وفقا لسلوك السجين.

ونقل موقع "شوكو بلوغ" المتخصص في أخبار حلوى الشوكولاتة، عن مدير السجن (لم يسمه)، أن "من الفوائد الرئيسية للعمل في المصنع هو تأثيره على السلوك".

ويشير إلى أنه "حال إعطاء السجين فرصة العمل في مصنع الشوكولاتة، يصبح أمرا لا يريد التخلي عنه، ومن ثم يحاول دائما البقاء بعيدا عن المتاعب".

ويساهم عاملو مصنع شوكولاتة "دولشي ليبيرتا" من السجناء في إنتاج نحو ألف كيلوغرام يوميا من المخبوزات وحلوى الشوكولاتة، التي يتم بيعها في مختلف متاجر إيطاليا، وعبر المتاجر الإلكترونية.

معجنات عالمية

يقول زائرو سجن "دو بالازي" في مدينة بادوا الإيطالية (شمال)، إن "رائحة الحلوى والمخبوزات هي السمة الأساسية للسجن"، منذ نقل شركة "غيوتو للمعجنات" إحدى أشهر شركات المخبوزات والحلوى في إيطاليا مصنعها إليه عام 2005.

ومنذ ذلك الحين، يساهم السجناء في صناعة منتجات "غيوتو"، أشهرها الشوكولاتة، وكعك بانيتون الإيطالي التقليدي، الذي يتم توزيع نحو 70 ألف قطعة منه سنويا، خلال احتفالات عيد الميلاد في إيطاليا.

وتوزع "غيوتو" منتجاتها في 200 متجر في إيطاليا، كما حصلت على عدد من الجوائز العالمية، بينها جائزة "أكاديمية الطبخ الإيطالية" (دينو فيلاني) عام 2010، بحسب ما أعلنت الشركة على موقعها الإلكتروني.

وتعرف "غيوتو" عن نفسها على موقعها قائلة "على مدار أكثر من 10 سنوات، انخرطت معجنات غيوتو في تدريب السجناء على فن الخبز، لاقتناعها بأن منحهم فرصة ممارسة التجارة الحقيقية، وصنع منتجات ذات جودة عالية، يوفر لهم فرصة قوية للبدء من جديد".

سلاح حارق

فيما تعد الشوكولاتة مصدرا لسعادة الكثيرين، إلا أنها قد تتحول إلى سلاح حارق حال قرر مقتنيها استخدامها في هذا الشأن.

ويحذر خبراء من تواجد حلوى الشوكولاتة وسط السجناء خوفا من أن يستخدمها السجين ضد زملائه، بعد إذابتها فوق الأطباق الساخنة، بحسب موقع "إنمات سورفيفر" المعني بحياة السجناء.

وتؤدي الشوكولاتة السائلة إلى حروق ضخمة، كونها تحتاج إلى درجة حرارة عالية من أجل الذوبان، تقدر بما يراوح بين 115 فهرنهايت (46 درجة مئوية) و120 فهرنهايت (48.89) حال كانت داكنة ولا تحتوي على الحليب، بحسب التقارير المختصة في فنون الطبخ.

التعليقات