كلاب الشوارع في مصر.. بين التصدير والإخصاء والتسميم

أثارت قضية التعامل مع الكلاب الضالة في مصر جدلًا لافتًا في ساحات التواصل الاجتماعي وجلسات البرلمان، للمرة الثانية خلال خمسة أشهر، وذلك في ظل تصاعد وقائع العض، ودعوات لتصدير الكلاب وأخرى لإخصائها، التي يقابلها رفض حقوقي.

كلاب الشوارع في مصر.. بين التصدير والإخصاء والتسميم

توضيحية (فيسبوك)

أثارت قضية التعامل مع الكلاب الضالة في مصر جدلًا لافتًا في ساحات التواصل الاجتماعي وجلسات البرلمان، للمرة الثانية خلال خمسة أشهر، وذلك في ظل تصاعد وقائع العض، ودعوات لتصدير الكلاب وأخرى لإخصائها، التي يقابلها رفض حقوقي.

وناقش البرلمان المصري، الشهر الجاري، هذه الظاهرة، بعد أن تسببت كل الحلول المطروحة للقضاء عليها في جدل واسع بين المصريين وجمعيات الرفق بالحيوان.

ويذكر أن المناقشات قد عادت بعد حالات عقر أثارت اهتماما كبيرا في وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، خاصة أن الضحايا هم أطفال كادت تفتك بهم كلاب في الشارع.

وأصدرت دار الإفتاء المصرية وذلك مع تصاعد ظاهرة اعتداء الكلاب على الناس، مؤخرا، فتوى تبيح قتل الكلاب الضالة، بشرط تهديدها لأمن المجتمع وسلامة المواطنين، وألا يكون القتل سلوكا عاما يتسلط فيه الإنسان على تلك الحيوانات.

وتم تسجيل 482.40 ألف حالة عض في العام 2018، مقارنة بـ423 ألف في 2017، إضافة إلى 32 حالة سعار، في 2018، مقارنة بـ65 حالة، عام 2017، وفق إحصاءات رسمية.

ونرصد في هذا الإطار أبرز محطات قضية الكلاب الضالة في مصر، التي أثارت جدلا خلال الأشهر الخمس الماضية:

بدأت أزمة الكلاب تأخذ منحى جماهيريا وإعلاميا، في أيلول/ سبتمبر 2018، إثر تداول مقطع مصور على مواقع التواصل، لشاب في منطقة بولاق الدكرور غربي القاهرة يمسك كلبا شرسا ويستوقف شخصا، لترويعه وإذلاله والسخرية منه، أمام عدد من المارة.

وبعد هذه الحادثة بشهر، سادت حالة من الذعر بين أهالي إحدى قرى محافظة الغربية، بعد أن عض كلب ضال 13 شخصا، بينهم أطفال، وجرى تحويلهم إلى مستشفى للعلاج.

وتناول مجلس النواب في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بعد تلك الواقعتين، ظاهرة الكلاب الضالة.

وتحدثت وكيل لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان، مارغريت عازر، خلال الجلسة، عن الاستفادة من الكلاب الضالة بتصديرها إلى دول تأكلها، مثل كوريا الجنوبية.

وقالت إن الكلاب الضالة في مصر لها أضرار كثيرة، إذ تؤذي وتهاجم المارة في الشوارع.

لكن مقترح التصدير نقاشا واسعا، إذ اعتبره نواب خطوة جيدة تحقق عائدا ماديا، بينما اعترض حقوقيون ووزارة الزراعة، التابعة لها الهيئة العامة للخدمات البيطرية.

رفض حقوقي

وانتقدت الناشطة في مجال حقوق الحيوان منى خليل، مقترح التصدير،وقالت إن المواطنين في كوريا الجنوبية يأكلون الكلاب "بشكل غير إنساني، باقتطاع أجزاء من جسدها وهي على قيد الحياة، ويتم حرقها".

واستنكرت خليل، في تصريحات صحفية، قتل الكلاب الضالة في الشوارع باستخدام السم.

وتصدرت حادثة مهاجمة طفل شرقي القاهرة مواقع التواصل ووسائل الإعلام، في نهاية شباط/ فبراير الماضي إذ هاجمه كلبان؛ ما أصابه بجروح وعضات في أنحاء جسده؛ إثر سحله على الأرض.

وقررت النيابة العامة التحفظ على الكلبين، واستضاف وزير العدل المصري، محمد حسام، الطفل ووالده، عقب ما أشيع عن أن صاحب الكلب يعمل قاضٍ.

وعقدت اللجنة جلسة للحوار المجتمعي، ناقشت فيها تفاقم ظاهرة انتشار الحيوانات الضالة، لإيجاد حلول تتوافق مع رأي فقهاء الدين والقانون والمعايير الدولية المعتمدة من منظمة الصحة العالمية.

وقال رئيس اللجنة، أحمد السجيني، إنه لن يتم إغفال التوازن البيئي خلال البحث عن حلول تلتزم بها الحكومة.

وعرضت اللجنة، خلال الجلسة، صورا لمواطنين، أغلبهم أطفال، عضتهم كلاب، ما تسبب في وجود عاهات مستديمة.

وقال وزير الزراعة، عز الدين أبو ستيت، خلال الجلسة البرلمانية إنه يوجد في مصر حاليا نحو 15 مليون كلب ضال، بخلاف كلاب أليفة يربيها مواطنون في منازلهم.

وقال إنه توجد آلاف الحالات لمواطنين عضتهم كلاب، لكن تلك الحوادث لم تظهر للرأي العام.

وانتقد الوزير المصري دور جمعيات ومنظمات الرفق بالحيوان بقوله: "نعاني من الضجيج بلا طحين، من قبل بعض الجمعيات، ونحتاج إلى إسهام حقيقي، الكل يحمل الحكومة المسؤولية، نعم نتحمل المسؤولية، ولكن الإمكانات محدودة للغاية، ونتصرف بجهودنا وفق الإمكانات المتاحة".

العقوبة القانونية

وشدد وزير الزراعة المصري على حتمية المواجهة عبر التشريع القانوني، وتعديل بعض أحكام القوانين المنظمة لمثل تلك القضية.

وقال رئيس محكمة استئناف القاهرة خالد محجوب إن قانون العقوبات يعاقب بالغرامة والحبس مدة لا تقل عن سنتين كل من قام باستعراض القوة ضد شخص باصطحاب حيوان يثير الذعر، بقصد الترويع أو إلحاق أذى مادي أو معنوي، أو الإضرار بممتلكاته أو سلب ماله أو الحصول على منفعة، أو التأثير في إرادته لفرض السطوة عليه.

واختتم الاجتماع الأخير للبرلمان بضرورة تشكيل لجنة حكومية، تضم ممثلين عن وزارات الزراعة، والتنمية المحلية، والصحة، والداخلية، والبيئة، وجمعيات حقوق الحيوان، لمواجهة خطر الكلاب الضالة، وإصدار رؤية تنفيذية موحدة، خلال 45 يوما، لتطبيقها على أرض الواقع.

الإخصاء

وعقد البرلمان، في 12 آذار/ مارس الجاري، جلسة عامة للرد على طلبات إحاطة عن دور الطب البيطري في مواجهة ظاهرة كلاب الشوارع.

قال الوزير أبو ستيت، خلال الجلسة، إن عمليات إخصاء الكلاب مكلفة جدا، خاصة مع مراعاة مبدأ الرأفة بالحيوان، حيث نحتاج إلى استخدام "البنج" (المخدر)، وبالتالي تكلفة ذلك مع كل كلب تبلغ نحو 500 جنيه أي أكثر من 28 دولارا.

كما وأضاف أن ميزانية الخدمات البيطرية ضعيفة للغاية، إذ تبلغ حوالي 25 مليون جنيه (1.4 مليون دولار)، بينما طلبت الوزارة قرابة 650 مليون (حوالي 37 مليون دولار).

التعليقات