شاب غزيّ يربّي حديقة حيوان للعلاج والتثقيف

من يدخل منزل الشاب الفلسطيني رشيد عنبر في قطاع غزة، يرى مشهدًا غير مألوف أبدا، إذ تحلق في غرفة الضيافة الببغاوات الإفريقية والهندية، فيما تزحف أفعى بين المقاعد، ويعتلي ضفدع أخضر ظهر سلحفاة وإلى جوارهما قنفذ نائم.

شاب غزيّ يربّي حديقة حيوان للعلاج والتثقيف

(الأناضول)

من يدخل منزل الشاب الفلسطيني رشيد عنبر في قطاع غزة، يرى مشهدًا غير مألوف أبدا، إذ تحلق في غرفة الضيافة الببغاوات الإفريقية والهندية، فيما تزحف أفعى بين المقاعد، ويعتلي ضفدع أخضر ظهر سلحفاة وإلى جوارهما قنفذ نائم.

ويعتقد الداخل إليه لوهلة أنه أخطأ العنوان، وأنه دخل حديقة حيوانات، قبل أن يكتشف أن رشيد ذو الـ33 عاما، قد حوّل منزله إلى مكان يجمع فيه تلك الكائنات المختلفة.

ويربي رشيد هذه الحيوانات وغيرها الكثير من الأنواع، في مبادرة أطلقها، مؤخرا، تحت اسم "صديقي الحيوان"؛ لتعليم الأطفال الرفق بالحيوانات، وتعريفهم بأصنافها، وكيفية التعامل معها ورعايتها.

ولا يهتم عنبر فقط في الحيوانات الحية، بل يملك أيضا أنواعا نادرة من الحيوانات، قام بتحنيطها بعد موتها لتكون بمثابة وسيلة تعليمية للأطفال، بينها بوم، وقرد إفريقي، وقنفذ، وخفاش، وورل صحراوي، وطائر الطنان، وحرباء.

وحين مد رشيد يده لإخراج مجموعة من الأفاعي غير السامة من صندوق بلاستيكي، قال "أطلقت مبادرة صديقي الحيوان في محاولة لتعزيز ثقافة الرفق بالحيوانات في غزة".

ويقول الشاب الفلسطيني إنه يهوى تربية الحيوانات، والطيور مذ كان عمره 8 سنوات، ويؤمن جيدا بتأثيرها الإيجابي على الأطفال، وقدرتها على امتصاص الطاقة السلبية ومشاعر الاكتئاب وتقويم سلوكهم.

ويتواجد في شقة عنبر نحو 50 حيوانا وطيرا، من بينها ببغاوات وعصافير وأفاعي، وأنواعا مختلفة من الحرباء وديدان وكلاب وقنفذ وقرد وسلحفاة وضفادع سامة وأخرى غير سامة، وقطط وسنجاب وهامستر.

وأضاف عنبر أنه وجود الحيوانات في منزله يمنحه جانبا جماليا يريح النفس، إضافة لقدرتها على تنمية النمو العاطفي والإدراكي لدى أطفاله، وتعليمهم تحمل المسؤولية والثقة بالنفس من خلال اهتمامهم بهذه الحيوانات وإطعامها.

ويقوم عنبر بجولات بحيواناته وطيوره على المدارس ورياض الأطفال، في غزة، بالتنسيق مع إداراتها، ليعيش الطلبة مع هذه الحيوانات يوما كاملا.

وقال: "يستطيع الأطفال كسر حاجز الخوف من الحيوانات عبر الاحتكاك بها، كما يتعزز لديهم مفهوم الرفق بالحيوان، ويتعلموا الكثير عن أنواعها وأصنافها وكيف تعيش وعلى ماذا تتغذى وموطنها الأصلي".

ومن خلال هذه الهواية، اكتشف عنبر تأثيرا إيجابيا كبيرا للحيوانات على الأطفال من مرضى التوحّد، حيث نجح في دمج هؤلاء الأطفال مع محيطهم بالمدارس أو رياض الأطفال، من خلال اللعب المشترك مع الحيوانات. 

وأفاد أن مرضى التوحد استجابوا بشكل كبير للحيوانات والطيور، وبدؤوا باللعب معها والحديث معها.

ويملك عنبر حيوانات باتت نادرة في القطاع، بسبب قلة الأراضي الزراعية وزيادة الكثافة السكانية، منها الورل الصحراوي والخفاش والقنفذ وبعض أنواع الأفاعي، لكنها ماتت فحنطها بنفسه، ويستخدمها حاليا لتعليم الأطفال على الأنواع المنقرضة والمهددة بالانقراض، بغزة، وفلسطين وإلى ضرورة الحفاظ عليها.

واكتسب الشاب الغزاوي معلوماته عن التحنيط من خلال الإنترنت، وقراءة الكتب المتخصصة في هذا المجال، إضافة لتواصله مع أشخاص محترفين خارج فلسطين. 

وأضاف أن التحنيط يتم بطريقتين؛ الأولى عبر سلخ جلد الحيوان الميت عن باقي أجزاء الجسم من الداخل، ودهنه بمادة اسمها "البوراكس" وتزويده بجسر من الأسلاك المعدنية من الداخل، وحشوه بعدة مواد تمنحه الشكل الأصلي للحيوان. 

وأما الطريقة الثانية للتحنيط، فتتم عبر حقن الحيوان بمادة "الفورمالين" المعروفة على أنها تحفظ الأنسجة من التحلل. 

ومهارات عنبر العالية في تربية الحيوانات، وخبرته الواسعة دفعته لتعلم كيفية تشخيص أمراضها وعلاجها. 

وقال عنبر بهذا الخصوص "من واقع تربيتي للحيوانات واجهت العديد من الأمراض وكنت في البداية أتوجه للطبيب البيطري، ولكن بعد سنوات أصبح لدي خبرة جيدة في هذا الجانب، وأصبحت أعالج الحيوانات بنفسي باستخدام الأدوية البشرية والبيطرية". 

وتابع "نجحت في إجراء عمليات جراحية، واستئصال أورام لعدد من الحيوانات والطيور والزواحف، وساعدني في ذلك معرفتي بتشريحها أعضائها من الداخل فعندما يموت الحيوان لدي أقوم بتشريحه ومحاولة معرفة سبب وفاته". 

ويتمنى عنبر أن يجد دعما لمبادرته، ذلك أن تربية الحيوانات وعلاجها وإطعامها تكلفه مبالغ مالية باهظة، بسبب عددها الكبير وأنواعها المتعددة. 

وعبّر عن طموحه لأن يؤسس متحفا متنقلا للحيوانات المحنطة المنقرضة والمهددة بالانقراض. 

التعليقات