غزّة: انتعاش حذر لزراعة الورود عشيّة رأس السّنة

بعد سنوات من تراجعها بفعل انهيار الاقتصاد في قطاع غزّة أمام الحصار المستمرّ من قبل الاحتلال الإسرائيلي للعام الـ13، يبدو أنّ تجارة الورود تشهد هذا العام انتعاشًا خجولًا، في ظلّ اقتراب نهاية السّنة الميلاديّة ومناسبات رأس السّنة، وفق ما قاله المزارع

غزّة: انتعاش حذر لزراعة الورود عشيّة رأس السّنة

حجازي أثناء قطفه الورود (الأناضول)

بعد سنوات من تراجعها بفعل انهيار الاقتصاد في قطاع غزّة أمام الحصار المستمرّ من قبل الاحتلال الإسرائيلي للعام الـ13، يبدو أنّ تجارة الورود تشهد هذا العام انتعاشًا خجولًا، في ظلّ اقتراب نهاية السّنة الميلاديّة ومناسبات رأس السّنة، وفق ما قاله المزارع الفلسطيني غازي حجازي، صاحب حقل ورود في مدينة رفح جنوبي القطاع.

وعلى الرّغم من انشغال حجازي (62 عامًا)، مع ابنه محمد، وعامل آخر بتجهيز مئات ورود الجوري بألوانها الزاهية لتجار وأصحاب محال في القطاع، إلا أنه لم يبدُ سعيدا لخشيته من عدم بيع جميع الكمية التي أنتجتها دفيئاته الزراعية، وبيّن أنّ هذه الورود "قد تعود تلك الكميات تالفة، أو تبقى ذابلة في محلات الباعة بالقطاع، كما حدث معي عدة مرات، جراء تقلب الظروف المعيشية والاقتصادية للناس، الأمر الذي أفقدهم القدرة على شراء الورد الطبيعي، والاستعاضة عنه بالصناعي، زهيد الثمن".

وأوضح حجازي في حديث مع وكالة أنباء "الأناضول" أن هذه الدفيئات هي الوحيدة المخصصة لزراعة الورود بأنواعها المختلفة في مدينة رفح، إذ يمتلك المزارع الفلسطيني نحو ثمانية دونمات (الدونم يعادل ألف متر مربع)، مزروعة بأصناف من الورود التي تباع في الأسواق المحلية فقط، ومن أصناف هذه الزهور، يذكر حجازي الجوري بأنواعه، وقفصنيت وسيناتوس وخرسيوت والقرنفل، مشيرًا إلى أن مساحة الأراضي التي كان يزرعها بالورود، قدّرت قبل نحو 6 سنوات بحوالي 40 دونما.

قطف الورد الجوري بغزة (الأناضول)

وكان يعمل لدى حجازي، داخل الأرض نحو 50 عاملا، لكن بعد انحسار المساحات المزروعة بالزهور، تم تقليص العدد إلى عامل أو اثنين فقط.

وقال حجازي إن هذه الورود كانت تجوب برائحتها وجمالها السوق الأوروبية بأسعار جيدة بالنسبة إلى مزارعي غزة، مضيفًا أنّ "الإجراءات الإسرائيلية وتشديد القيود على معبر كرم أبو سالم (المنفذ التجاري الوحيد)، تسبب بتلف الكميات التي كان يتم تصديرها، وصارت تصل السوق الأوروبية خاصة هولندا تالفة، فيما كنا نحن المزارعين نتكبّد الخسائر الناجمة عن تلف الزهور".

ولذلك، عزف حجازي، وعدد من المزارعين، خاصة بعد عام 2014، عن زراعة الورود وتوجّهوا نحو زراعة الخضروات، إلّا أنّه وعلى الرّغم من هذا فإنّه ما زال متمسكا بزراعة الزهور، بأنواع وكميات محددة، تصلح للبيع في الأسواق المحلية بغزة.

وقال المزارع الفلسطيني إنّه "بعد عام 2007 عزفنا عن الزراعة عدة أشهر، بسبب الحصار الإسرائيلي، لكن دعما هولنديا دفعنا للاستمرار حتى عام 2014، وتوقفنا حتى يومنا هذا". وبسبب قلة شراء الورود بغزة، فإن حجازي توجه نحو ترتيب عملية زراعة الورود، بحيث ينضج صنف واحد أو صنفان فقط من الزهور في آن واحد، وليس جميع الأنواع.

(الأناضول)

سعر الورود

ممسكًا بيده كمية من ورود الجوري ذات الألوان المختلفة، الأصفر والأحمر والأبيض، أوضح حجازي أن أسعار الزهور ترتفع بشكل بسيط جدا مع حلول رأس السنة، وأشار المزارع الفلسطيني إلى أن حركة بيع الزهور تزداد بشكل ملحوظ في ذلك الوقت، فيما تزيد الكميات المنتجة يوميا.

وبيّن حجازي أن "وردة الجوري في الأيام التي لا تتزامن مع مناسبات يصل سعرها إلى شيكل واحد (الدولار يعادل 3.49 شواقل)، لكن الوردة الواحدة تباع مع حلول رأس السنة بحوالي شيكل ونصف، أما زهر القفصنيت، فلا يزيد ثمنه اليوم عن (3 دولارات)، لباقة الورد الواحدة، فيما كان يتجاوز في السابق ما قيمته (5 ـ 6 دولارات)".

وعبّر حجازي عن آماله باتساع مساحة الأرض المزروعة بالزهور كما كان في السابق، الأمر الذي من شأنه أن يفتح أبوابا جديدة لمصدر دخل المزارعين والعاملين.

وزارة الزراعة

ونقلت وكالة أنباء "الأناضول" عن المتحدث باسم وزارة الزراعة في غزة، أدهم البسيوني، قوله إن القطاع كان يضم مئات الدونمات من الورود والزهور، فيما لم يتبق اليوم غير 10 دونمات تقريبا، تتركز في مدينتي خانيونس ورفح (جنوب)، لعزوف المزارعين عن الزراعة منذ سنوات.

وعزا البسيوني ذلك إلى الحصار الإسرائيلي وتبعاته على أوضاع الناس، وإغلاق المعابر، والمشاكل التسويقية خارجيا ومحليا، وعدم ضمان التصدير، وارتفاع تكاليف الزراعة مقابل عدم وجود عائد، مشيرًا إلى أنّ "تلك الأسباب مجتمعة كبّدت المزارعين خسائر فادحة، فاضطروا إلى تجريف الدفيئات التي يزرع بها الورد، واستبدلوها بمحاصيل أخرى".

التعليقات