لبنان: إقبال كبير على مكاتب الهجرة

شرع مواطنون لبنانيون بالحلم في الهجرة، مع بدء الحراك الشعبي ضد الطبقة السياسية، قبل أشهر، آملين في بناء مستقبلهم، لكن الحلم بدأ بالتبعثر بعدما تسارع الانهيار الاقتصادي.

لبنان: إقبال كبير على مكاتب الهجرة

من مظاهرات البارحة في لبنان (أ ب)

شرع مواطنون لبنانيون بالحلم في الهجرة، مع بدء الحراك الشعبي ضد الطبقة السياسية، قبل أشهر، آملين في بناء مستقبلهم، لكن الحلم بدأ بالتبعثر بعدما تسارع الانهيار الاقتصادي.

وبعد المظاهرات التي عمت كافة الأراضي اللبنانية منذ 17 تشرين الثاني/ أكتوبر رافعين الصوت ضد طبقة حاكمة يتهمونها بالفساد، ملأ طلاب وشبان، مؤخرًا، طلبات الهجرة للعمل أو إكمال تعليمهم في الخارج.

وقدرت مؤسسة "الدولة للمعلومات" اللبنانية للأبحاث والإحصاءات، أن عدد اللبنانيين وصل الذين غادروا البلاد من دون عودة في العام 2019 إلى 61,924 مقارنة بـ41,766 في العام السابق، أي وتبلغ نسبة الزيادة 42 في المئة.

وبلغ معدل البحث عن كلمة "هجرة" في لبنان بين شهري تشرين الثاني/ نوفمبر وكانون الأول/ ديسمبر، ولم يعد محامون يعملون في ملفات الهجرة يمتلكون أوقات فراغ، إذ تنهال عليهم طلبات الراغبين بالذهاب إلى كندا أو أستراليا أو غيرها.

والأمهات اللواتي هتفنّ يومًا متهمين الطبقة السياسية بدفع أولادهم إلى الهجرة، باتوا يحضرنّ أنفسهنّ لوداعهم، في بلد يشهد انهيارًا اقتصاديًا متسارعًا، الذي يُعد الأسوأ منذ الحرب الأهلية (1975-1990)، ويذكر أنه لا حلول واضحة في الأفق، سوى وعود حكومة جديدة وضعت الأزمة على سلم "أولوياتها".

وقال المصور السينمائي، يوسف نصار، البالغ عمره 29 عامًا، والذي يحمل الجنسية الكندية، إنه "سأذهب من دون رجعة"، بعدما حجز تذكرة سفره إلى كندا، مضيفًا أنه "لا شيء يجري بشكل جيد في هذا البلد لكي أبقى فيه".

واعتاد نصّار على كسب ما يكفيه من المال لتصويره حملات لشركات أزياء أو إعلانات أو غيرها، لكنه ومنذ أشهر لم يعمل سوى مرة واحدة، ولا يزال ينتظر الحصول على أتعاب بقيمة 25 ألف دولار من سبع زبائن، بينهم نائب في البرلمان، إلا أنهم لا يتمكنون من سدادها.

ويواجه لبنان شحًا في السيولة مع ارتفاع مستمر في أسعار المواد الأساسية وفرض المصارف إجراءات مشددة على العمليات النقدية وسحب الدولار، كما وتضاعفت نسبة التضخم بين شهري تشرين الأول/ أكتوبر وتشرين الثاني/ نوفمبر، وفق تقرير بنك بلوم للاستثمار، بالتزامن مع خسارة الليرة اللبنانية نحو ثلث قيمتها أمام الدولار في السوق الموازية.

وتُهدد الأزمة اللبنانيين في وظائفهم ولقمة عيشهم، وقد أغلقت العديد من المتاجر والشركات أبوابها، وتلقت وزارة العمل عشرات الطلبات بالصرف الجماعي، ما يؤدي حكمًا إلى ارتفاع نسبة البطالة.

ويعيش ثلث اللبنانيين تحت خط الفقر، بينما يبلغ معدل البطالة ثلاثين في المئة في صفوف الشباب، ويحذر البنك الدولي من ارتفاع هذين المعدلين نتيجة الانهيار الحالي.

وقال أحد المحامين اللبنانيين، إن "الطلب على الهجرة ارتفع بنسبة 75 في المئة"، مشيرًا إلى أنه يعمل حاليًا على 25 طلبًا، غالبيتهم إلى كندا، مضيفًا "جميعهم يغادرون بسبب الوضعين الاقتصادي والسياسي، وغالبية زبائن المحامي هم من الشبان المتعلمين وأصحاب الاختصاص، منهم من يعمل في الصيدلة أو في تكنولوجيا المعلومات أو الشؤون المالية.

وتحول لبنان على وقع اقتصاد متهالك وأزمات سياسية متتالية، على مر السنوات إلى بلد مورد للمهاجرين. وتشير تقديرات إلى أن عددهم يساوي أكثر من ضعف عدد سكان البلاد الذي يقدر بأكثر من أربعة ملايين نسمة.

وقالت مواطنة لبنانية في هذا الصدد، التي حلمت بالهجرة منذ طفولتها إن"حين بدأت الثورة شعرت للمرة الأولى في حياتي بالانتماء، شعرت وللمرة الأولى أن العلم اللبناني يعني لي كثيرًا.

التعليقات