السمكري النابلسي يحافظ على حرفة الأجداد

وسط شارع النصر يقف متكئا على جدار محله العتيق يطالع المارة من الناس قبل أن يعود لعمله الذي يواظب عليه منذ نصف قرن أو يزيد. يمتهن السمكرة وهي صيانة الأدوات وتعديلها، فن واحتراف قبل أن تكون مهنة النابلسي محيي الدين حشحوش التي يعتاش

السمكري النابلسي يحافظ على حرفة الأجداد

وسط شارع النصر يقف متكئا على جدار محله العتيق يطالع المارة من الناس قبل أن يعود لعمله الذي يواظب عليه منذ نصف قرن أو يزيد. يمتهن السمكرة وهي صيانة الأدوات وتعديلها، فن واحتراف قبل أن تكون مهنة النابلسي محيي الدين حشحوش التي يعتاش منها الآن وعاش منها قبل ذلك على يد والده محرم حشحوش.

فتح حشوش محله وبدت بوابير (مواقد) الكاز معلقة بكل زاوية في المحل ولجانبها كان يركن مصابيح (اللوكسات) الكاز والغاز في صورة تعكس طبيعة عمله في السمكرة واحترافه به.

ودأب حشحوش على مهنته في تصليح البوابير خاصة واللوكسات والغازات وسخانات الكهرباء إضافة لأنابيب الأراجيل النحاسية منذ سنوات طويلة وهو الآن يتسيَّد عمله ومهنته حتى بات يُوصف بأنه آخر معاقل السماكرة في المدينة على قلتهم أصلًا.

أشعل حشحوش أنبوب الغاز للبدء بتسخين كاوي اللحام الذي يشبه المطرقة الحديدية، أتركه وقتًا حتى يسخن ثم بدأ بحكه بمادة اللحام الخاصة المصنعة من القصدير ليباشر بعدها بعملية اللحام لأحدى قوائم البابور التي سقطت منه، وبينما هو كذلك لا تكف أعين المارين من التوقف للمشاهدة بينما يتابعه جيرانه من أمام محالهم التجارية.

وقال الرجل وهو يواصل عمله إن عليه أن ينجز تصليح أحد البوابير لأحد الزبائن قبل أن يعود ليأخذه، فقد وضعه عنده منذ مدة وعليه أن يسلمه له، لكنه ورغم ذلك ينشغل باستلام بوابير وأدوات أخرى لتصليحها، علاوة عن زبائن يبحثون عن قطع لتلك البوابير لا يجدونها إلا لديه لا سيما إبرة البابور وجلدته المطاطية.

أحد أولئك المواطنين كان براء غالب جرادات من مدينة جنين شمالي الضفة الغربية، استغل يوم عطلة لديه بسبب الشتاء وجاء إلى محل حشحوش طلب إحدى قطع البابور، يقول لـ"عرب 48" إنه لا يزال يستخدم بابور الكاز ويستخدم مصباح الكاز أيضًا، وأن هذا تراث يحافظ عليه كما كان يفعل أباه وجده من قبل.

يحكي الرجل أنه كان لديهم اثنين من البوابير أحدها للاستحمام والثاني لإعداد الطعام وأنه الآن لا يزال يحتفظ بها ويعتبرها تقليدًا لا بد من حمايته عليها.

والبوابير تتفرّع لأنواع ونُمَر (أحجام) كما هو معروف، ولها أشكال أيضًا واستخدامات مختلفة ومن الناس من يسميها "بريموس" بلهجات الفلسطينيين المختلفة.

يتكدس الزبائن كل يسأل عن حاجته وغرضه في محل حشحوش، فالشتاء يعد وقت الذروة وحاجة البابور والمصباح لتسخين المياه والإنارة.

تراث مهم

أما ناصر الخراز فكان يقف يود رؤية صديقه حشحوش والاطمئنان على وضعه الصحي، اقتطعنا جزء من وقته ليحدثنا عن عمل صديقه، يقول ناصر لموقع "عرب48" إنه لا يزال يذكر في طفولته كيف كان يبتعثه جده ونساء الحارة لتصليح البابور، وكان يجزلون عليه العطايا والهدايا من الحلوى والسكاكر ليلبي طلبهم.

ويروي الخراز، أن محل حشحوش يعد أقدم محال السمكرة بالمدينة وآخر معاقلها حتى الآن، وأن الأولى أمام الجهات المسؤولة لا سيما وزارة السياحة والآثار الحفاظ عليه وعلى مهنته ومنعها من الانقراض بتوفير كل الأسباب الممكنة لذلك وهو ذات الأمل الذي يرجوه حشحوش لدعم هذه المهنة.

التعليقات