كهف إرونغو في الغابون يسلّط الضوء على تاريخ مجهول

قد تساهم بعض العظام البشرية التي اكتُشِفت داخل كهف وسط غابة غابونية كثيفة، بإلقاء الضوء على قصاصة من تاريخ أفريقيا الوسطى الذي لا يزال غير معروف جدًا.  

كهف إرونغو في الغابون يسلّط الضوء على تاريخ مجهول

توضيحية (pixabay)

قد تساهم بعض العظام البشرية التي اكتُشِفت داخل كهف وسط غابة غابونية كثيفة، بإلقاء الضوء على قصاصة من تاريخ أفريقيا الوسطى الذي لا يزال غير معروف جدًا.

وفي نهاية العام 2018 عثر عالم الآثار ريشار أوليسلي في جنوبي الغابون على هذا الكهف الذي ضم هياكل عظمية وقطعًا عائدة للقرون الوسطى.

وبعد عملية نزول على حبل طوله 25 مترًا للوصول إلى قاع الكهف، لم يكتشف العالم الماس أو الذهب بل كنزا فعليا للباحثين.

فقد عثر في كهف إيرونغو على حوالى 30 هيكلًا عظميًا وأكثر من 500 قطعة معدنية غالبيتها من الحديد مثل السكاكين والفؤوس والسهام والأساور والقلادات و39 سنًا مثقوبًا عائدة لفهود وضبعات وهي منثورة على ثلاثة مستويات.

وبعد عام على هذا الاكتشاف بدأ الباحث الفرنسي يدرس هذه الآثار. فقد وصل فريق من خبراء علم الإناسة الحيوية لدراسة هذه العظام التي تثير الحماسة والأمل في الأوساط العلمية في هذا الجزء من القارة.

ويقول اوليسلي الذي يرئس مهمة تمولها الوكالة الوطنية للمتنزهات الوطنية وإدارة البيئة والتنمية المستدامة في مجموعة "اولام" السنغافورية الناشطة جدا في الغابون في مجال زيت شجر النخيل، "إنه اكتشاف فريد من نوعه في إفريقيا لأن البقايا البشرية شبه غائبة فيها".

وقال من مكتبه في ليبرفيل المليء بآثار محلية "هذا الكهف سيساعدنا على معرفة المزيد عن شعوب أفريقيا الوسطى غير المعروفة بشكل واسع في التاريخ".

وأشار جوفري سوليو عالم الآثار في معهد البحث من أجل التنمية "في أفريقيا جنوبي الصحراء نسبة الحموضة في التربة مرتفعة جدا وكل الموارد الحيوانية أو البشرية تتحلل بسرعة كبيرة. العثور على بقايا كهذه استثنائي جدا".

توضيحية (pixabay)

وسمح تأريخ بالكربون المشع لحوالى عشرة عظام ورك بإرجاع هذه البقايا البشرية إلى القرن الرابع عشر.

ويرتدي هذا الاكتشاف أهمية كبرى لأن آثار الماضي نادرة جدًا في هذه المنطقة لأن الحفريات الأثرية أتت متأخرة ولا تزال لا تحظى بالتمويل الكافي.

وتعود المصادر الأولى المكتوبة في الغابون إلى وصول الأوروبيين الذين أدركوا سواحلها نهاية القرن الخامس عشر. لكن المستكشفين لم يغوصوا في أراضيها المغطاة بكاملها تقريبا بغابة مهيبة وخطرة إلا في القرن التاسع عشر.

أما المصادر الشفوية من تاريخ العشائر التي تتناقلها العائلات من جيل إلى جيل في القرى، "فلم تكن تسمح بالعودة إلا لقرن أو قرنين إلى الوراء" على ما يقول لوي بيروا وهو عالم إناسة فرنسي دون التقاليد الشفوية لجزء كبير من البلاد في نهاية الستينات.

في البلدات المحيطة بإيرونغو طرح الباحثون أسئلة كثيرة على القدامى. لكن أحدا لم يكن على علم بوجود هذا الكهف ولا فكرة لديهم حول هوية الرجال والنساء فيها.

وأرسلت أضراس إلى مختبر في فرنسا لإجراء تحليل الحمض النووي. ويمكن للباحثين الاعتماد أيضا على قاعدة حمض نووي متينة للبيانات اللعابية للسكان في كل إفريقيا الوسطى جمعها علماء لغة "لمقارنة البيانات وإيجاد ورثة هذه الهياكل العظمية" على ما يأمل أوليسلي.

ويعكف عالما إناسة حيوية متخصصان بأمراض العظام في قاع الكهف على استخراج معلومات من هذه العظام. ويقول اوليسلي "سنعرف المزيد عن الحمية الغذائية لهؤلاء الأشخاص والأمراض التي قد يكونون أصيبوا بها خلال حياتهم".

وكشف كهف إيرونغو إرثا شبه فريد من نوعه. فباستثناء كومة من العظام البشرية التي نبشت في الستينات في بنين سيتي في جنوب نيجيريا، يشكل الاكتشاف الوحيد الذي دفن فيه أشخاص يكتشف في هذه المنطقة من العالم.

وتعود العظام في بنين ستيتي وإيرونغو إلى القرن الرابع عشر الذي انهارت خلاله الكثير من الحضارات الأفريقية على ما يفيد مؤرخون عدة. وفي الوقت عينه كان مرض الطاعون يجتاح آسيا وأوروبا.

فهل يكون هذا المرض ضرب القارة الأفريقية أيضًا؟، وقد يجد اكتشاف ريشار اوليسلي جوابا لهذه الفرضية. ويوضح سوليو "في بنين سيتي تلف الحمض النووي أما عظام إرونغو فهي لا تزال في وضع ممتاز".

التعليقات