العقم القسري في جنوب أفريقيا... أداة طبيّة لقمع النساء

تعرّضن العديد من النساء في جنوب أفريقيا لعمليات تعقيم قسرية في البلاد بين العامين 2002 و2015 خلال وجودهن في المستشفيات العامّة في البلاد لإنجاب أطفالهن.

العقم القسري في جنوب أفريقيا... أداة طبيّة لقمع النساء

(piqsels)

تعرّضن العديد من النساء في جنوب أفريقيا لعمليات تعقيم قسرية في البلاد بين العامين 2002 و2015 خلال وجودهن في المستشفيات العامّة في البلاد لإنجاب أطفالهن.

وتعرضّت بونجيكيل مسيبي لعقم قسري، واحدة من نساء جنوب إفريقيا قبل أربع سنوات، ووصفت حالتها عندما علمت بذلك "كأن الأرض اهتزت من تحت قدميها".

وعلمت مسيبي سبب عدم قدرتها على إنجاب طفل ثانٍ؛ عدم وجود رحم لديها. بالمُقابل هي أم لفتاة في الخامسة عشرة.

وتتذكّر الوالدة البالغة من العمر 32 عامًا وهي تحاول كبح دموعها "لم أفهم ما كان يقوله الطبيب. كيف حصل ذلك؟ لدي ابنة وهذا يعني أنه كان لديّ رحم"، واستنزفت بونجيكيل مسيبي كلّ طاقاتها الجسدية والنفسية لفهم ما لا يمكن تصوّره.

وقادتها التحقيقات الشخصية إلى مستشفى "كريس هاني باراغواناث"، وهي مؤسّسة عامّة في جوهانسبرغ حيث أنجبت طفلتها في العام 2005، وأوضح لها الطبيب النسائي في العام 2016 أن رحمها أزيل عقب الولادة.

وتعدّ مسيبي واحدة من أصل 48 امرأة كن ضحايا العقم القسري بين العامين 2002 و2015 في جنوب إفريقيا وفقًا لتحقيق نشر في نهاية شباط/ فبراير الماضي.

وتدين لجنة المساواة بين الجنسين في جنوب إفريقيا في التحقيق، حيث أن "المعاملة القاسية والوحشية واللاإنسانية والمهينة" التي تعرّضت لها نساء، وجميعهن ذات بشرة سوداء، عند وضع أطفالهن خلال الولادات القيصرية في المستشفيات العامّة في البلاد".

ويُذكر في أحد التقارير الطبيّة أن غالبية النساء مصابات بفيروس نقص المناعة البشرية، وتعقّب مسيبي في مقابلة إن "موظّفي الصحّة استفادوا من الموقف، ولعبوا دور الله"، عبر تحديد من يمكن أن يعيش ومن يجب أن يموت بشكلٍ عنصريّ. مُشيرة إلى "أنهم اعتقدوا بإمكانيّة القيام بكلّ ما يرغبون به في ذروة ضعفنا وعدم قدرتنا على الحركة".

وأخبرها الطبيب النسائي في العام 2016، بأنها خضعت لعملية تعقيم قسرية لإنقاذ حياتها، وهو ما تشكّك فيه مسيبي، وتُشير أن القوانين في جنوب إفريقيا تحظر التعقيم القسري، علمًا أن الأطباء ليسوا في حاجة إلى موافقة المريضة عندما تكون حياتها في خطر.

وفي معظم الحالات التي عاينتها لجنة المساواة بين الجنسين في جنوب إفريقيا، تقول رئيسة اللجنة تمارا ماثيبولا، إن العاملين في مجال الصحّة شرحوا للمريضات أن العمليات كانت ضرورية "لأنكن مصابات بفيروس نقص المناعة البشرية والسل، ولأننا كنا نعتقد أن لديكن الكثير من الأطفال...انظرن إلى أنفسكن، أنتن فقيرات ولم يكن بإمكاننا السماح لكن بالاستمرار في الانجاب"، وتابعت ماثيبولا "لكن هذه الحجج لم تكن الأسباب الفعلية لربط قناة رحم نساء أو نزعه بالكامل". في الواقع، تعرّضت الكثير من النساء للتهديد بعدم إعطائهن العلاج إذا لم يوقّعن المستندات التي تجيز إجراء عملية التعقيم، فيما أجبرت أخريات على التوقيع في لحظات معاناتهن من "الألم الشديد" وفقاً للّجنة.

وقرّرت المرأة الشابة، مسيبي إلقاء الضوء على هذه المشكلة وانخرطت في معركة طويلة، إذ كتبت رسائل إلى السلطات الصحّية والسياسيين ونظّمت احتجاجات عدة. ولم يكن هناك أي موافقة موقّعة منها عندما نُزع رحمها في العام 2005.

وتقول مسيبي التي تعيش في ضواحي جوهانسبرغ إن "السلطات تفتقر إلى الرحمة، إنها بلا إحساس، يتصرف الأطباء كما لو أنهم أزالوا ظفرًا وسينمو مجددا". وتُضيف أنه "لا يمكنني الجلوس وتقبّل انتزاع رحمي من دون معرفة السبب. لديّ شعور بأنني ناقصة".

ووافقت وزارة الصحة على مقابلة صاحبات الشكوى وهو ما قدّم القليل من العزاء للضحايا. بعد نشر تقرير لجنة المساواة بين الجنسين، وتتحفظ الوزارة عن التحدث حول هذه القضية الحسّاسة، وتقول الناطقة باسم الوزارة لوازي مانزي "أننا ننتظر ردّاً من لجنة المساواة بين الجنسين لإصدار بيان مشترك".

وتكافح النساء اللواتي خسرن جزءًا من أجسادهن في حياتهن الخاصة. وتقول تمارا ماثيبولا إن بعضهن "تعرّضن للهجر من قبل أزواجهن لأنهن لم يعدن صالحات الإنجاب"، وانفصلت بونجيكيل عن زوجها بعد فترة قصيرة من اكتشاف العقم، وقالت "كان يريد المزيد من الأطفال وهو ما لا أستطيع تحقيقه".

التعليقات