مختبرات صينيّة تسابق الزمن لتطوير لقاح لكورونا... لـ"تحسين صورتها"

حشدت الصين قدراتها وسرّعت اختبارات، في إطار السباق العالمي للعثور على لقاح لفيروس كورونا المستجد. بالمقابل، تقع مسؤوليّة أمام مختبراتها في الوقت ذاته، مهمّة تحسين صورتها التي شوّهتها فضائح صحية في الماضي.

مختبرات صينيّة تسابق الزمن لتطوير لقاح لكورونا... لـ

مختبر طبي صيني في ووهان (أ ب)

حشدت الصين قدراتها وسرّعت اختبارات، في إطار السباق العالمي للعثور على لقاح لفيروس كورونا المستجد. بالمقابل، تقع على عاتق مختبراتها في الوقت ذاته، مهمّة تحسين صورتها التي شوّهتها فضائح صحية في الماضي.

وسارعت الصين لتطوير لقاح بعد ستة شهور على ظهور أولى الإصابات في مدينة ووهان، بينما تشارك في عدد من نحو عشرة اختبارات سريرية تجري حاليًا حول العالم.

وسجّل الباحثون نتائج أولية واعدة من الاختبارات على البشر والقردة بينما تأمل السلطات بأن تكون أولى الجرعات جاهزة للعامة هذه السنة.

وتعد "الأكاديمية العسكرية للعلوم الطبية" من بين الجهات التي تعمل على تطوير لقاح بالاشتراك مع شركة لتصنيع الأدوية.

وأذنت الصين بالقيام بإجراءات سريعة تسمح بإجراء المراحل التي تسبق التجارب السريرية في الوقت ذاته بدلًا من واحدة تلو الأخرى.

لكن عميد كلية علوم الصيدلة من جامعة "تسينغهوا" في بكين، دينغ شينغ حذّر من استخدام "أساليب غير تقليديّة".

وقال لصحيفة الشعب التابعة للحزب الشيوعي الحاكم "إنني أتفهم انتظار الناس بشغف للقاح. لكن من وجهة نظر عملية، لا يمكننا خفض معاييرنا حتى في الطوارئ".

وشكّك دينغ في قرار السماح بإجراء الاختبارات السريرية في المرحلتين الأولى والثانية في الوقت ذاته، ما يسمح للمختبرات بتجنّب الحاجة للحصول على إذن قبل الانتقال من مرحلة إلى أخرى.

فحوصات فيروس كورونا (أ ب)

بالمقابل، أشار الباحث من "تحالف ابتكارات التأهّب الوبائي"، نيك جاكسون، إلى أن الصين ليست الدولة الوحيدة التي تقوم بذلك.

وقال جاكسون (والذي تموّل منظمّته الأبحاث المرتبطة باللقاحات)، إنه "تجري العديد من المنظمات حول العالم تجارب متكيفة تسمح بالانتقال من دراسات المرحلة الأولى إلى الثانية بشكل سريع". وتابع "هذا النهج ضروري نظرًا للحاجة الملحّة للقاحات".

وقالت شركة تصنيع أدوية تدعى "سينوفارم" إن لقاحاتها قد تكون جاهزة للاستخدام العام بحلول نهاية العام أو مطلع 2021. ويأمل رئيس المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بأن يكون اللقاح جاهزا بحلول أيلول/ سبتمبر للفئات الأهم على غرار العاملين في مجال الصحة.

لكن سيكون على الصين كذلك إقناع العامة بأن أي لقاح تنتجه آمن نظرًا إلى فضائح الأدوية الملوّثة والفساد التي طالت قطاع صناعة الأدوية لديها في السنوات الأخيرة.

ودفعت سمعة القطاع بعض الأهالي في الصين للسعي للحصول على لقاحات مصنوعة خارج البلاد لأطفالهم. ولعل اسم شركة "تشانشون تشانشينغ للتكنولوجيا الحيوية" ارتبط بواحدة من أكبر تلك الفضائح بعدما فبركت سجّلات للقاح للبشر ضد "داء الكلب" ليتم فرض غرامة قياسية عليها بلغت 1.3 تريليون دولار عام 2018.

وأنتجت الشركة ذاتها كذلك لقاحًا للديفتيريا والكزاز والسعال الديكي (دي بي تي) تناوله أكثر من 200 ألف طفل وتسبب بالشلل في بعض الحالات. وتورطت إحدى الشركات المنخرطة حاليًا في البحث عن لقاح ضد فيروس كورونا المستجد في الفضيحة.

وأنتج معهد ووهان للمنتجات البيولوجية الواقع في المدينة التي ظهر فيها كورونا المستجد أواخر العام الماضي 400 ألف جرعة من لقاح "دي بي تي" ولم تكن متوافقة مع المعايير، بحسب جهات تنظيمية. وردّت الحكومة عبر فرض قانون يشدد الإشراف ويمنع وصول جرعات غير صالحة للاستخدام إلى السوق.

بكين (أ ب)

وقال الرئيس الأميركي لمعهد المناعة الجينية الطبي في شينزين، والذي يعمل كذلك على تطوير لقاح لكورونا المستجد، لونغ-جي تشانغ إن "الحكومة حذرة للغاية في مراجعة تطبيقات اللقاحات".

لكن وسائل الإعلام الصينية سجّلت حالات أخرى خلال العام الماضي، من قبيل إعطاء لقاحات زائفة في مستشفى في جنوبيّ البلاد وتقديم جرعات لمرض مختلف لأطفال في مقاطعة خبي، شماليّ البلاد.

لكن، قال خبير في الصحة العالمية في مجلس العلاقات الدولية في الولايات المتحدة، يانزونغ هوانغ إن "هذا لا يعني أن (الصين) لا تملك القدرة على إنتاج لقاح آمن وفعّال لكوفيد-19".

وأشار إلى أنه بات لدى الصين حاليًا قوانين أكثر تشددًا ولقاحات تعترف بها منظمة الصحة العالمية والمزيد من الأموال المستثمرة في البحث والتنمية. وفي استعراض للثقة، تم حقن موظفين رفيعين في "سينوفارم" بلقاح لكورونا المستجد تطوره الشركة حاليًا.

وقال هوانغ "إنني أعتقد أن آخر شيء تريده الحكومة الصينية هو توزيع لقاح غير صالح". مضيفًا أنه "يمكنك تخيّل كيف ستضر أي أنباء عن ردود فعل معاكسة شديدة مرتبطة بلقاح صيني بشرعية النظام وسمعته الدولية".

التعليقات