تسخين قشور الكاكاو: كيف يمكن أن تساعد في مكافحة التغيّر المناخيّ؟

تتزايد المشاريع المتعلّقة بإنتاج الفحم الحيويّ في مختلف أنحاء أوروبا. وبحسب اتّحاد إنتاج الفحم الحيويّ، يفترض أن يتضاعف الإنتاج تقريبًا إلى 90 ألف طنّ هذه السنة مقارنة بالعام 2022.

تسخين قشور الكاكاو: كيف يمكن أن تساعد في مكافحة التغيّر المناخيّ؟

(Getty)

أشارت الهيئة الحكوميّة الدوليّة المعنيّة بالتغيّر المناخيّ التابعة للأمم المتّحدة إلى أنّ الفحم الحيويّ يمكن استخدامه لالتقاط 2,6 مليار من أصل 40 مليار طنّ من ثاني أكسيد الكربون الّذي ينتجه البشر سنويًّا.

وتنتج هذه المادّة الّتي يطلق عليها اسم "الفحم الحيويّ" (بايوشار) من خلال تسخين قشور الكاكاو على 600 درجة مئويّة داخل غرفة خالية من الأكسجين.

وتقوم العمليّة بحبس غازات الدفيئة فيما يمكن استخدام المنتج النهائيّ كسماد أو لإنتاج الخرسانة "الصديقة للبيئة".

وتتزايد المشاريع المتعلّقة بإنتاج الفحم الحيويّ في مختلف أنحاء أوروبا. وبحسب اتّحاد إنتاج الفحم الحيويّ، يفترض أن يتضاعف الإنتاج تقريبًا إلى 90 ألف طنّ هذه السنة مقارنة بالعام 2022.

وفي حين ما زال مجال تصنيع الفحم الحيويّ ناشئًا، توفّر هذه التقنيّة طريقة مبتكرة لإزالة الكربون من الغلاف الجوّيّ، بحسب الخبراء. إلّا أنّ توسيع نطاق استخدام هذه المادّة ما زال ينطوي على تحدّيات.

ويقول الرئيس التنفيذيّ لشركة "سيركلر كاربون" بيك ستينلوند من مصنع إنتاج الفحم الحيويّ في هامبورغ "نحن نعكس دورة الكربون".

يتسلّم المصنع الّذي يعدّ من أكبر المصانع في أوروبا، قشور الكاكاو المستعملة من مصنع شوكولاتة مجاور عبر شبكة من الأنابيب الرماديّة. ويحبس الفحم الحيويّ ثاني أكسيد الكربون الموجود في القشور، في عمليّة يمكن استخدامها لأيّ نبتة أخرى. ولو أتلفت قشور الكاكاو على ما تجري العادة، لنجم من عمليّة تحلّلها انبعاث الكربون في الغلاف الجوّيّ. لكن بدل ذلك، يحبس الكربون في الفحم الحيويّ لقرون عدّة، بحسب عالم البيئة في معهد أوني لا سال في فرنسا دافيد أوبن. ويقول إنّ طنًّا واحدًا من الفحم الحيويّ، يخزّن "ما يعادل 2,5 إلى ثلاثة أطنان من ثاني أكسيد الكربون".

وسبق للسكّان الأصليّين في الأميركيّتين أن استخدموا الفحم الحيويّ كسماد قبل إعادة اكتشافه في القرن العشرين من قبل علماء كانوا يبحثون عن أراض خصبة في حوض الأمازون. ويساهم تركيب المادّة المذهل الشبيه بالإسفنج في زيادة إنتاج المحاصيل عن طريق زيادة امتصاص التربة للماء والمغذّيات.

والمصنع في هامبورغ محاط برائحة الشوكولا ودافئ نتيجة الحرارة المنبعثة من الأنابيب. ويوضع المنتج النهائيّ داخل أكياس بيضاء لبيعها للمزارعين المحلّيّين على شكل حبيبات.

ويعرب المزارع سيلفيو شميت (45 عامًا) الّذي ينتج البطاطا قرب بريمن غرب هامبورغ عن أمله في أن يساعد الفحم الحيويّ على "توفير مزيد من العناصر الغذائيّة والمياه" لتربة أرضه الرمليّة.

وينجم عن عمليّة الإنتاج المسمّاة بالتحلّل الحراريّ، كمّيّة معيّنة من الغاز الحيويّ يعاد بيعها إلى مصنع مجاور. وفي الإجمال، ينتج المصنع سنويًّا 3500 طنّ من الفحم الحيويّ و"ما يصل إلى 20 ميغاواط في الساعة" من الغاز، من خلال عشرة آلاف طنّ من قشور الكاكاو.

إلّا أنّ طريقة الإنتاج ما زال من الصعب رفعها إلى المستوى الّذي ترغب فيه الهيئة الحكوميّة الدوليّة المعنيّة بالتغيّر المناخيّ.

ويقول أوبن "لضمان أن يخزّن النظام كمّيّة كربون أكثر ممّا ينتج، ينبغي إنجاز كلّ شيء محلّيًّا مع التنقّل لمسافات قصيرة أو حتّى عدم التنقّل، وإلّا فلا جدوى من كلّ العمليّة".

ولا تتكيّف مختلف أنواع التربة جيّدًا مع الفحم الحيويّ. ويشير أوبن إلى أنّ السماد "ينطوي على فاعليّة أكبر في المناخات الاستوائيّة" في حين أنّ الموادّ الخامّ لإنتاجه ليست متوفّرة في كلّ المناطق.

ويلفت إلى أنّ التكلفة قد تكون باهظة إذ تبلغ "نحو 1070 دولارًا للطنّ الواحد، وهو سعر مرتفع للمزارعين".

وللاستفادة بشكل أفضل من المسحوق الأسود، يشدّد أوبن على ضرورة التوصّل إلى استخدامات أخرى له، كالاستعانة به في قطاع البناء مثلًا لإنتاج خرسانة "صديقة للبيئة".

وبهدف تحقيق أرباح، توصّلت الشركة المنتجة للفحم الحيويّ إلى فكرة تتمثّل ببيع شهادات كربون للشركات الّتي تسعى إلى تحقيق توازن في انبعاثات الكربون لديها من خلال إنتاج كمّيّة معيّنة من الفحم الحيويّ.

ومع إدراج الفحم الحيويّ في نظام شهادات الكربون الأوروبّيّة شديدة التنظيم، "يشهد القطاع نموًّا مطردًا"، بحسب ستينلوند. وتتطلّع شركته إلى فتح ثلاثة مواقع جديدة لإنتاج كمّيّات إضافيّة من الفحم الحيويّ خلال الأشهر المقبلة.

التعليقات