12/12/2020 - 11:58

تعزيز صمود عرب النقب بالتوجه للسياحة البدوية

يستمر التضييق على أهالي القرى العربية مسلوبة الاعتراف بالنقب في جميع جوانب الحياة. تهدف السلطات الإسرائيلية عبر ملاحقة العرب بهدم البيوت وتدمير المحاصيل الزراعية وفرض الغرامات المالية الباهظة، إلى دفعهم للرحيل عن قراهم بحكم الواقع الحياتي الصعب

تعزيز صمود عرب النقب بالتوجه للسياحة البدوية

("عرب ٤٨")

يستمر التضييق على أهالي القرى العربية مسلوبة الاعتراف بالنقب في جميع جوانب الحياة. تهدف السلطات الإسرائيلية عبر ملاحقة العرب بهدم البيوت وتدمير المحاصيل الزراعية وفرض الغرامات المالية الباهظة، إلى دفعهم للرحيل عن قراهم بحكم الواقع الحياتي الصعب، فيما تحتاج معركة الصمود والبقاء إلى نفس طويل.

وفي ظل هذه الظروف القاسية، يجتهد عرب النقب بالعمل على توفير معظم الخدمات الحياتية الخاصة بهم، بأنفسهم. الكهرباء يتم توليدها بالطاقات الشمسية ويصل ثمن منظومة الألواح الشمسية إلى أكثر من 20 ألف شيكل، وتكلف الأعطال فيها الكثير كذلك؛ وبالنسبة لتحصيل المياه، يدفع أهالي القرى مسلوبة الاعتراف ثلاثة أضعاف سعر الماء في القرى المخططة، ويضطرون لمد القرى بشبكة مياه على نفقتهم الخاصة، ويعملون على تعبيد الطرق وتوفير كل الخدمات الحياتية اللازمة. كل هذه الأعباء تضاف إلى التضييق السلطوي العنصري على عرب النقب، الأمر الذي يضاعف الأزمة الحياتية للمجتمع الذي يصنف 60% منه بأنهم تحت خط الفقر، حسب الأرقام الرسمية الصادرة عن الحكومة الإسرائيلية.

موسى ابو قرينات

وبسبب الأوضاع المعيشية القاسية وفي ظل انعدام فرص العمل في القرى نفسها، يضطر أهالي القرى مسلوبة الاعتراف للعمل ساعات طويلة في أعمال صعبة وبعدية تدفعهم إلى الخروج من قُراهم لساعات وأيام، الأمر الذي تستغله السلطات الإسرائيلية لتنفيذ عمليات الهدم، حيث تُنفذ معظمها في ساعات النهار وخلال ساعات العمل التقليدية، في الوقت الذي تخلو فيه القرى من رجالها، ليكون الأطفال والشيوخ وربات المنازل فقط .

وفي الأعوام الأخيرة، تطور مفهوم اقتصادي جديد في النقب وخاصة في القرى مسلوبة الاعتراف، وهو فكرة "السياحة الصحراوية - الاستضافة البدوية"، على غرار تجربة مناطق بدوية أخرى في العالم العربي مثل سيناء ووادي رم في الأردن. يستخدم أهالي النقب معرفتهم بالصحراء وفكرة الاستضافة البدوية المشهورة، لكسب رزقهم وتعريف الناس بقضية القرى مسلوبة الاعتراف.

المضافات السياحية.. مرافق اجتماعية وثقافية

تمنع السلطات الإسرائيلية عرب النقب من افتتاح محطات استضافة سياحية، رغم تشجيعها لليهود لتقديم الطلبات ودعمها للمزارع الفردية الإسرائيلية في النقب. وفي حين تتواجد مئات المزارع الفردية اليهودية على مئات آلاف الدونمات من الأرض المسلوبة، تلقت مضافة عربية واحدة تصريحًا بالعمل، وتم الموافقة لمضافة ثانية على استمرار عملها مع منع أصحابها العرب من النوم فيها، لعدم تثبيتهم على أرضهم.

راكان العثامين

تتواجد مضافة "شِق إلياس" في قلب قرية خشم زنة مسلوبة الاعتراف، بناها عطية العثامين، الذي نشط في نشر قضية النقب دوليا عبر استضافة السياح الأجانب وشرح قضية النقب لهم. واستمر ابنه راكان العثامين في إداراة الشق لذكرى والده بعد وفاته.

وفي حديثه لـ"عرب 48" قال العثامين إن "المضافة موجودة منذ العام 2006، افتتحها الوالد رحمه الله وتلقت التفافًا جماهيريًا حيث تحولت إلى مركز شعبي تقام فيها نشاطات للشبيبة واجتماعات للقيادة المحلية، ولجنة التوجيه لعرب النقب ومحطة أساسية لتعريف العالم على قضية عرب النقب".

وأوضح أن "ظروف العمل متقلبة، هناك فترات جيدة وفترات صعبة، لا أعتقد أن العامل في السياحة قد يحصل على الغنى، ولكننا على الأقل، نوفر عملا على مقربة من البيت ويستطيع كل أفراد العائلة المشاركة فيه بأدوار مختلفة، وبذلك ننجح بتحصيل الرزق مع البقاء في القرية".

أزمة كورونا ضربة للعمل السياحي

ويعتمد العمل السياحي في القرى مسلوبة الاعتراف على السياح الأجانب ومجموعات التضامن مع فلسطين. وتسبب انقطاع السياحة العالمية بأزمة جدية للعاملين في المجال مع عدم انجذاب المجتمع العربي في الداخل الفلسطيني إلى هذا النوع من السياحية؛ وحول ذلك قال العثامين: "أزمة كورونا أثرت علينا كثيرًا، انقطعت السياحة الأجنبية بشكل شبه تام وهدد هذا الانقطاع كل عملنا، بالفعل قد يشكل حضور عرب الداخل في السياحة البدوية حلًا وتطورًا جديًا في هذا المجال".

إطار سياحي لحفظ الأرض من المصادرة

تتواجد مزرعة أبو شادي في أطراف قرية أبو قرينات مسلوبة الاعتراف. حقق موسى أبو قرينات شغفه بتربية الحيوانات الصحراوية التقليدية وتطوير مفهوم الزراعة البدوية في إطار سياحي، لحفظ أرضه من المصادرة. ويقدم أبو شادي خدمات من الطعام البدوي التقليدي والأمسيات الفنية والتعامل مع الحيوانات المحلية.

وعن العمل السياحي قال أبو شادي لموقع "عرب 48"، إن "العمل السياحي فرصة لكل العائلة لتقديم الخدمات وتلقي دخل محترم يثبتهم في الأرض. نحن نتطور مع الوقت، نسعى إلى تقديم خدمات سياحية تنافس السياحة الإسرائيلية وتعطي السائح والزائر كل ما يحتاج إليه.

وعن تأثير أزمة كورونا، أوضح أبو شادي أنه "لولا الأزمة لكنا في مكان أفضل واستطعنا تطوير خدماتنا بشكل أفضل، من المهم التنويه إلى أن معظم المزارع الفردية الإسرائيلية والأماكن التي تقدم خدمات سياحية تقدم نموذج الضيافة البدوية على أنه إحدى خدماتها وقد تستعين بمرشدين بدو أو عُمّال من عرب النقب، لذلك من المهم أن يستقل عرب النقب في هذا الجانب ويتم تطوير منظومة سياحية عصرية على نمط التجمعات البدوية السياحة العصرية في العالم العربي".

تعريف العالم بقضية النقب بطريقة نوعية

في الوقت الذي لا ينشغل فيه الناشط والمحامي خليل العمور، بمرافعات دولية ومحاضرات عن قضايا النقب، يستضيف زوارًا ومجموعات تضامن مع قضية النقب في خيمته وفندقه الصغير. يُعرّف خليل بالنقب بعدة لغات، ويسرد قصة مصادرة أرض عائلته لبناء مطار تل الملح / نفاتيم العسكري.

خليل العمور

وعن انكشاف السياح الأجانب على قضية النقب، قال العمور لـ"عرب 48": "من المهم جدًا إظهار البعد الإنساني لقضية النقب، نحن لسنا أرقامًا نحن بشر تناقلنا الضيافة البدوية وإكرام الضيف على مدار قرون. العالم بحاجة لأن يرى معاناتنا، معظم الزوار يحبون النقب ويتعلقون بقصص أهله ويعودون مرتين وثلاث للزيارة وينقلون قصصنا للعالم. كل تعريف بالنقب مهم".

مبادرات شبابية لتطوير مفهوم السياحة البدوية/ الصحراوية في النقب

تأسست جمعية "هرابة" للتمكين الاقتصادي، بتعاون مجموعة من شبان وشابات النقب لخلق فرص عمل في قلب القرى مسلوبة الاعتراف وتثبت العرب في أرضهم.

نادية العطاونة

وتبنت الجمعية تطوير مفهوم السياحة الصحراوية كعملها الأساسي، وفي هذا السياق، قالت عضو إدارة "هرابة"، الشابة نادية العطاونة، لـ"عرب 48": إن "معاناة أهالي القرى مسلوبة الاعتراف متسمرة ومتعددة الجوانب؛ لتثبيتهم في أرضهم ضد محاولات تهجيرهم، وجب توفير حياة كريمة لهم".

وأوضحت أنه "ليس من السهل على عرب النقب تقبل المعونة، ولكن توفير فرص عمل على غرار السياحة الصحراوية قد يكون سلاحًا في وجه محاولات التهجير، يتلقى الأهل مردودًا ماديًا محترمًا ويعرفون العالم بمعاناتهم وانتهاك حقوقهم في الوقت ذاته".

التعليقات