90 صحفيا فلسطينيا من الداخل يوقعون على ميثاق "العمل الإعلامي" في مؤتمر خاص..

بمناسبة إنهاء الصحفيين الفلسطينيين في الداخل "ميثاق العمل الإعلامي" والذي يحدد فيه الصحفيون لأنفسهم قواعد المهنة وأخلاقياتها، عقد مركز "إعلام" مؤتمرا ..

90 صحفيا فلسطينيا من الداخل يوقعون على ميثاق
بمناسبة إنهاء الصحفيين الفلسطينيين في الداخل "ميثاق العمل الإعلامي" والذي يحدد فيه الصحفيون لأنفسهم قواعد المهنة وأخلاقياتها، عقد مركز "إعلام" مؤتمرا هدف فيه إلى إطلاع هيئات فاعلة في المجتمع على الميثاق وفتح باب النقاش حوله كجزء من مسيرة تحويله من مستوى التصريحات إلى مستوى الثقافة الإعلامية السائدة.

وقد افتتح اليوم الذي حضره عشرات الصحفيين والناشطين في الحيز العام، مركز المشروع السيد زاهر بولس مشيرا إلى نجاح الصحفيين في الاتفاق على صيغة توضح التزامهم المهني وترفع من مكانتهم كمهنة واضحة الحدود والأخلاقيات، وإلى أن توقيع 90 صحفيا على الميثاق ( من أصل 200 صحفي) يعتبر نجاحا كبيرا للصحفيين، مقارنة مثلا بميثاق الصحفيين الفلسطينيين في الضفة والقطاع، والذي أنهى الصحفيون هناك صياغته مؤخرا حيث وقع عليه حوالي 100 صحفي من أكثر من 3000 صحفي مسجل في نقابة الصحفيين الفلسطينية.

وفي معرض كلمتها أشارت السيدة حنين زعبي مديرة المركز إلى أن ميثاق العمل الإعلامي في كل المجتمعات هو وسيلة يدافع بها الصحفيون عن حريتهم وعن حدود عملهم وصلاحياتهم. وأن توضيح التزامات وأخلاقيات المهنة الصحفية هو أمر غاية في الضرورة لحماية حرية وحقوق الصحفي ولرفع مكانته في المجتمع. كما أشارت إلى الجهد الكبير الذي وضعه الصحفيون لمدة سنتين لإنجاز ميثاق على مستوى مهني وأخلاقي مثل هذا الميثاق. وشددت على أن الميثاق هو ميثاق "مهني" بكل المعاني، وأن البنود العشرين التي يحويها تصلح للصحفيين في كل المجتمعات، وأينما تواجدوا وأينما كان موقعهم من الصراعات.

ترأس المحور الأول "الإعلام وتغطية الشأن السياسي" المحامي علي حيدر الذي أشار إلى أهمية الميثاق الإعلامي والذي طالب المتحدثين بالتطرق إذا كان بوسع هذا الميثاق توضيح العلاقة والمسؤولية بين السياسيين وبين الصحفيين. وقد كان السيد شوقي خطيب رئيس لجنة المتابعة العليا أول المتحدثين في الجلسة، حيث شدد على أهمية الصحافة في مجتمعنا، مشددا على أهمية الصحافة في تنمية ثقافة وروح عطاء الفرد للمجتمع، كما شدد على أهمية تنزيه الصحافة عن الأغراض والمصالح الغريبة عن قواعد المهنة، كما انتقد الصحافة التي تقوم بإعطاء منبرا مبالغا فيه لرأي الأقلية. ونوه إلى حاجة مجتمعنا لصحافة ناقدة، وإلى عدم وجود تناقض بين الصحافة الملتزمة بقضايا شعبها وبين الصحافة الناقدة. وأوصى في النهاية في إقامة مجلس للصحافة.
أما النائب السابق عصام مخول، عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي الاسرائيلي، فقد أشار منتقدا إلى أن مجمل فكرة المواثيق هي فكرة غريبة ومفتعلة عن مجتمعنا، وأن علينا نسف فكرة مواثيق "الشرف"، لأنها تهدف إلى التغطية على الصراع الفكري الحقيقي القائم في مجتمعنا وإلى تعميم وتمييع الخلافات السياسية بيننا، إذ أن الإعلام في النهاية هو معركة للفكر السياسي وهو ساحة للتصادم بين انتماءات سياسية وأيديولوجية مختلفة، تتحزّب لمصالح اجتماعية وطبقيّة، وأن ما نحتاجه هو التعامل مع قضايانا بالأدوات الصحيحة، ومنها تعرية المواقف السياسية خلف سياسات التحرير، وإقامة نقابة للصحفيين.
ودعا إلى اعتماد على المواثيق الصحفية الموجودة أصلا، لكونها أخلاقيان إنسانية مهنية وكونية، دون اللجوء إلى " تجنيس" المواثيق، فلا حاجة لميثاق عربي أو يهودي أو مصري. ودعا إلى نقل الأفكار التي يتضمنها الميثاق إلى ساحته الحقيقية ألا وهي ساحة النقاش السياسي الأيديولوجي.

عضو الكنيست من التجمع الوطني الديمقراطي د. جمال زحالقة أشار في بداية حديثه إلى أنه لا معنى ولا قيمة لمبادئ كونية لا تستطيع أن تتفاعل مع سياقات ونضالات وتحديات محلية، وأن ما عمله الميثاق هو أنه أقلم المبادئ الكونية لقضايانا ونضالاتنا، وصاغ قواعد العمل الصحافي ووضع بوصلة للعمل الصحافي في ظروف قومية مضطهدة. وشدد أن قيمة الميثاق تكمن في عملية توضيح الصحافة لدورها، وفي إختيارها لموقعها كجزء من مشروع نهضوي، وكجزء من عملية بناء مجتمع عصري، وليس كجزء من عملية تفكك المجتمع وتشكله كقبائل وجماعات.
كما أشار إلى الدور الكبير الذي تلعبه الصحاف العربية في بناء مركز مدني مجازي للمجتمع العربي في غياب مدينة عربية حقيقة، وتبعات ذلك في تماسك المجتمع كأقلية قومية، آخذين بعين الاعتبار البنية الاقتصادية الضعيفة للمجتمع، وافتقاد مجتمعنا لطبقة متوسطة وغنية تستطيع أن تضمن تطور طبيعي لإعلامنا، وأشار في هذا السياق إلى مسؤولية المجتمع في ايجاد وسائل الدعم الاقتصادي للإعلام العربي.
وحول العلاقة بين السياسة والإعلام، نبه النائب زحالقة إلى أن التغطية الإعلامية للشأن السياسي عليها أن تحتكم أولا للقيمة الإخبارية للحدث أو للتصريح، دون اعتماد "الموازنة" الإعلامية المصطنعة بين نشاطات وأحداث سياسية لا تتوازن في قيمتها الإعلامية.
أما المهندس سلمان أبو أحمد والذي مثل الحركة الإسلامية الشق الجنوبي، فقد تحدث عن أهمية وجود إعلام مقاوم، وأن الأساس في الصحافة هو أن تدعم القضايا العربية وليس التناحر والبيع وال"سكوب". وأشار إلى أن التغطية الصحيحة ترفع من مصداقية الصحافة مما يرفع من توسعها وانتشارها. كما أشار إلى دور الإعلام في حل المشاكل والمساهمة في حل الصراعات وليس في تغذيتها.
الأمين العام لأبناء البلد السيد رجا إغبارية أشار إلى أهمية الميثاق ضمن مسيرة المأسسة لمجتمعنا، وتطرق عينيا إلى الميثاق، مشيرا إلى أنه يوافق على الجانب المهني فيه دون تحفظ، لكنه يظن أن المقدمة بحاجة إلى تطوير، فهي لا تعرف من هو الصحفي، وماذا نعني عندما نقول صحافة، أي ما هو المفهوم العلمي للصحافة، وأن المقدمة تتعامل مع هويتنا الفلسطينية ضمن سياق المواطنة فقط، وتتحدث فقط عن ذاكرة جماعية فلسطينية، وتغفل قضية التفاعل بيننا كشعب فلسطيني وبين القضية الفلسطينية العامة، وتتعامل مع التاريخ وكأنه بدأ بعد ال 48. وخلص إلى أنه هنالك حاجة لتطوير مقدمة الميثاق، بالأخص فيما يتعلق بتعريفنا كشعب.
وفي معرض حديثه عن الجانب المهني للأداء الفعلي للصحافة أشار إغبارية إلى أنه يميز بين الصحفي وبين أصحاب الصحف والقائمين عليها، وأنه بالتالي علينا أيضا أن نميز بين مسؤوليات الصحفي وبين مسؤوليات القائمين على الصحف. وأضاف أنه رغم كون الصحف التجارية مشاريع اقتصادية إلا أنها لا تستطيع البقاء دون تغطية الشأن السياسي. وفي النهاية وخلافا للسيد شوقي خطيب، طالب الصحافة أن تفرد مساحة أكبر في تغطية الرأي الأخر الغائب في صحافتنا.
أما الجلسة الثانية والتي دارت حول "تغطية الإعلام لقضايا المرأة" والتي ترأستها المحامية سونيا بولس، عضو إدارة إعلام فقد تميزت بمستوى أعلى من النقد الذاتي لمؤسسات المجتمع، حيث تطرقت جميع المتحدثات إلى قصور النساء والجمعيات النسوية نفسها في التعاطي مع الشأن الإعلامي والاهتمام به وتعزيز المهارات الإعلامية للناشطات النسويات. وحول دور الإعلام بدأت الناشطة النسوية منال شلبي في الحديث، مشيرة إلى تهميش الإعلام لقضايا النساء، وإلى خلو أجندته من الاهتام بقضايا النساء، وقالت " لا يوجد أجندة سياسية أو اجتماعية للإعلام"، فليست قضية المرأة مهمشة فقط، بل مختلف القضايا الاجتماعية مثل البطالة وغيرها. وأضافت مشيرة إلى خطورة التوجه الاستهلاكي للإعلام الذي يصعب النضال المجتمعي في مستوياته المختلفة. وأشارت إلى أن بعض الصحفيين يتناولون قضايا النساء من خلال نظرة مسبقة، وان الإعلام يحتاج لدراما كبيرة لكي يغطي قضايا النساء، مثل قضايا العنف والقتل. وأشارت إلى حقيقة أن سياسات التحرير تطغى على المواقف الخاصة للصحفيين التي يمكن أن تكون مناصرة للمرأة، لكنها تصطدم بسياسة التحرير غير المتفهمة لقضايا النساء أو المهمشة لها. وقالت أنه ضمن هذا الواقع تقع مسؤولية "تسويق" الشأن النسوي على عاتق الجمعيات النسوية نفسها بدل أن تقع على عاتق الإعلام.
كما أشارت في نهاية حديثها إلى الفصل بين المحور السياسي والمحور الاجتماعي في برنامج المؤتمر، إذ أن التحليلات النسوية تطال أيضا الشأن السياسي. كما أشارت إلى أن الميثاق لا يشير إلى قضايا المرأة كقضايا تقع ضمن التحدي المركزي في مجتمعنا، وأنه كان عليه أن يشير إلى قضية القتل على شرف العائلة بهذا الإسم (وليس جرائم قتل النساء، كما ورد في الميثاق – التحرير). كما أشارت إلى أن الميثاق في القسم الأول منه يستند إلى حضارتنا وثقافتنا، بينما علينا أن نسعى لتغيير تلك الثقافة وتطويرها.
المتحدثة الثانية كانت السيدة أمل زيادة من جمعية كيان والتي توافق زميلاتها بأنه لا تغطية كافية لقضايا النساء في الإعلام، لكنها أشارت إلى أن التغطية الكبيرة التي تحظى بها هيفاء وهبي هي أيضا ليست التغطية التي نريدها. وأعطت مثلا لتجاهل الإعلام لقضايا النساء الحقيقية، قضية النساء اللواتي لا تحميهن الشرطة في حال شهدن في المحكمة في قضايا جرائم قبل النساء، وكيف أن الإعلام يغفل قضية مهمة كهدة، في حين يهتم الإعلام العبري بها. وأن الناشطات النسويات والجمعيات النسوية لا تملك في المقابل استراتيجيات إعلامية واضحة.
وأشارت السيدة زيادة أيضا في أن الميثاق يفصل ما بين التحديات السياسية والتحديات الاجتماعية ويفرد القسم الثاني من تحدياته لقضايا المرأة.
كما دعت السيدة زيادة خلال حديثها لجنة المتابعة لكي تقود النضال النسوي، ودعت الإعلام إلى رفع درجة اهتمامه بالصحفيين.
أما المتحدثة الأخيرة السيدة عرين هواري فقد أشادت في مضمون الميثاق من حيث الموازنة ما بين الالتزام الوطني والقضايا النسوية، وأشارت إلى وجود بصمة نسوية قوية وواضحة في الميثاق.
وحول الأداء المهني للإعلام قالت أننا نقع في مصيدتين، الأولى تجاهل قضايا المرأة والتعتيم على معاناتها الحقيقية والثانية تغطية المرأة من خلال تثبيت دونيتها – ثقافة الإغراء في الفيديو كليب والصور- وتعزيز الأفكار النمطية والسلفية – مقالات الوعظ الديني-. في المقابل لا نجد من يتحدى تلك الثقافة أو على الأقل يحاول موازنتها من الصحفيين بالانبراء للدفاع بصدق وجرأة عن قضايا النساء. قالت أن المشكلة لا تكمن فقط في الموقف وفي القيم، بل أيضا في الثقافة الصحفية العامة، نحن لا نعاني فقط من حضور قيم سلفية أو غير تقدمية، بل نعاني أيضا من انعدام أجندة واضحة لقيم تقدمية، ونحن لا نعاني من هذا فقط بل أيضا من جهل في قضايا المرأة ومن انتشار أفكار نمطية في المجال. في المقابل أشارت السيدة هواري إلى ضرورة وعي الظروف الموضوعية الصعبة التي يعيشها الصحفي والمتمثلة في تدني الرواتب وتدخل المحرر أو المالك في حريته في التعبير والكتابة.
وفيما يتعلق بمسؤولية الناشطات النسويات أنفسهن أشارت إلى أنهن لم يأخذن بدورهن الإعلام كقضية قائمة بذاتها، ووافقت زميلاتها إلى أن الجمعيات النسوية لا يوجد لها استراتيجيات إعلامية واضحة، وإلى وجود ظاهرة الخوف من الكتابة، والخوف من الظهور في الإعلام، وأنهت حديثها بضرورة تطوير حوار دائم بين النساء وبين الإعلام، وإلى أنها تتوقع ذلك من مركز "إعلام"، كما تتوقع من المركز، أن يقوم من خلال مشروع جولاته الصحفية بتنظيم جولات للصحفيين ليقمن بالتعرف على عمل الجمعيات النسوية.
....

التعليقات