في الذكرى الـ53 لمجرزة كفر قاسم؛ د.زحالقة في كفرقاسم: الأمم تبني ذاكرتها وتبنى عليها

مسيرة إحياء ذكرى المجزرة تبدأ في الثامنة من صباح الخميس في ميدان أبو بكر الصديق..

في الذكرى الـ53 لمجرزة كفر قاسم؛ د.زحالقة في كفرقاسم: الأمم تبني ذاكرتها وتبنى عليها
شارك النائب د. جمال زحالقة، رئيس كتلة التجمع الوطني الديمقراطي، اليوم الأربعاء، في فعاليات إحياء ذكرى مجزرة كفر قاسم في المدرسة الثانوية في المدينة.

وقال في محاضرة له أمام طلاب المدرسة إن الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده يستذكر ويقف هذه الأيام إجلالاً لذكرى شهداء المجزرة الإسرائيلية الرهيبة. فما يجمع إبن كفر قاسم بإبن الناصرة أو رهط أو اللاجئ الفلسطيني في عين الحلوة ليس التاريخ فقط، بل عندما يتحول إلى جزء منا جميعا وإلى ذاكرة تاريخية تجمعنا".

وأضاف زحالقة أن الشعوب التي تفقد ذاكرتها التاريخية ليس لها مستقبل، لأن الشعب ينبي الذاكرة وهي تبني وتوحد الشعب والأمة وهي مكون مركزي عند كل شعوب العالم. وعادة، ما يبني الذاكرة التاريخية عند الشعوب هو جهاز التعليم، لكن جهاز التعليم في حالتنا يحاول محو ذاكرتنا التاريخية، لذا تقع هذه المهمة على الحركة الوطنية من خلال التربية الوطنية، فمن دون ذاكرة جماعية تاريخية وتربية وطنية ليس بمقدور الفرد أن يطور ويعزز إنتماءه إلى مجتمعه، ومن دون الإنتماء للمجتمع يحل محله الإنحلال الأخلاقي والوطني، لأن فقدان الإنتماء يعني فقدان الهوية الوطنية أي فقدان الأخلاق أيضاً.

وأكد زحالقة أن إحياء ذكرى مجزرة كفر قاسم ليس حديثاً عن الماضي بل تحيين الماضي وجعله حاضراً وقائماً فينا. وعندما نحيي ذكرى المجزرة لا نتحدث عن ماضي وجرح أهالي الشهداء والبلدة، بل هي قضية وجودنا كأمة وكشعب. فلا يوجد أي معنى للأحداث التاريخية، لكن البشر الأحياء هم الذين يعطون الحدث التاريخي معناه، فكما الضحية تحاول إعطاء الحدث التاريخي معنى يحاول المجرم إعطاء الحدث معنى مخالفاً ليتحول ذلك إلى صراع على المعنى، أو صراع روايات وسرديات وتفاصيل وحيثيات، لكنه في الأساس صراع بين الحقيقة والكذب، وبإمكاننا أن نفرق بين الحقيقة والكذب، بين رواية الضحية وإدعاء المجرم، لأن مصلحة الضحية أن تكشف الحقيقة، ومصلحة المجرم أن يغطي على الحقيقة وأن يكذب. ليست روايات متضاربة لكل منها تبريراتها وحيثيتها، بل هي الحقيقة التي تريد الضحية الكشف عنها ومحاولة التستر عليها من قبل المجرم.

وأوضح زحالقة أن مجزرة كفر قاسم هي مجزرة مثل بقية المجازر الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني، من مجزرة دير ياسين وعين غزال وعيلبون ويوم الأرض وهبة القدس والأقصى، وإن إختلفت الحيثيات.


وتساءل د.زحالقة "لماذا كل هذا العنف الإسرائيلي؟"، مشيرا إلى أن السبب المركزي للعنف الإسرائيلي هو أن الحركة الصهيوينة أرادت إقامة دولة يهودية في فلسطين وفيها شعب عربي، ولا يمكن تطبيق هذا المشروع إلا بالعنف، ومجزرة كفر قاسم هي محطة من محطات هذا العنف. لم يكن بإستطاعة الحركة الصهيونية إقامة دولة يهودية في فلسطين من دون استعمال العنف. واليهودي الجديد الذي أرادت الحركة الصهيوينة صناعته هو اليهودي القوي العنيف المعاكس تماماً لصورة اليهودي الضعيف في أوروبا. لذا العنف ونزع إنسانية الفلسطيني هما جزء لا يتجزأ من التربية الصهيونية لصناعة اليهودي الجديد، التي ترافقها صناعة كراهية العرب كعامل مركزي في صناعة الهوية اليهودية الجديدة في فلسطين، لأن لا قاسم مشترك يجمع المهاجر الروسي إلى فلسطين بالمهاجر من اليمن أو العراق أكثر من معاداة العرب والمواجهة معهم.

وخلص زحالقة إلى القول: تحاول المؤسسة الإسرائيلية إلى تصوير مجزرة كفر قاسم على أنها حالة شاذة في سلوكها، وأن قادة المؤسسة لم يأمروا بتنفيذ المجزرة بل أن القرار كان للجنود وقائدهم، لكن هذا الإدعاء غير صحيح أولاً لأن المؤسسة لا زالت تتستر على كثير من تفاصيل وخلفيات المجزرة، وثانيا لم يكن الجنود بحاجة إلى أوامر لإعدام الأبرياء لأن التربية الصهيوينة تنزع إنسانية الفلسطيني وتهدر دمه. من المقرر أن تنطلق مسيرة إحياء ذكرى شهداء المجزرة في الساعة الثامنة من صباح اليوم ، الخميس، من ميدان أبو بكر الصديق، لتتوجه نحو النصب التذكاري لشهداء المجزرة، حيث توضع الأكاليل على النصب التذكاري، ويلقي كلمة رئيس بلدية كفر قاسم المحامي نادر صرصور.

كما يتضمن البرنامج كلمات لمجلس الطلاب وحفيدة أحد الشهداء، لتتوجه المسيرة بعدها إلى مقبرة الشهداء، حيث تتلى الفاتحة على أرواحهم.

وكانت بلدية كفر قاسم قد أصدرت نشرة خاصة في هذه الذكرى، كتب فيها المحامي صرصور رسالة حول المجزرة، جاء فيها: "كفرقاسم غدت علما في رأسه نار.. كتب عنها الكثير، وتحدث في حقها آخرون، فأصبحت رمزا ودلالة على الإجرام الإسرائيلي وبربريته وعدم إنسانيته، وزيف وكذب شعاراته".
وقعت مجزرة كفر قاسم في مدينة كفر قاسم الواقعة داخل الخط الأخضر، في 29 تشرين الأول/أكتوبر عام 1956، حيث قام مجرمو حرس الحدود بقتل 48 مدنياً عربياً بينهم نساء و23 طفلاً يتراوح عمرهم بين 8 - 17 سنةً. وقد أفادت مصادر أخرى بأن عدد الضحايا بلغ 49 وذلك لإضافة جنين إحدى النساء إلى عدد الضحايا.

ففي 29/10/1956 أعلنت قيادة الجيش الإسرائيلي المرابطة على الحدود الإسرائيلية الأردنية نظام حظر التجول في القرى العربية داخل إسرائيل والمتاخمة للحدود: كفر قاسم والطيرة وكفر برا وجلجولية والطيبة وقلنسوة وبير السكة وإبثان.

وأوكلت مهمة حظر التجول على وحدة حرس الحدود بقيادة الرائد شموئيل ملينكي، على أن يتلقى هذا الأوامر مباشرة من قائد كتيبة الجيش المرابطة على الحدود يسخار شدمي.

أعطيت الأوامر بأن يكون منع التجول من الساعة الخامسة مساء حتى السادسة صباحاً. وطلب شدمي من ملينكي أن يكون تنفيذ منع التجول حازماً لا باعتقال المخالفين وإنما بإطلاق النار. وقال له " من الأفضل أن يكون قتلى على تعقيدات الاعتقال... ولا أريد عواطف...".

وجمعغ ملينكي قواته وأصدر الأوامر الواضحة بتنفيذ منع التجول دون اعتقالات و"من المرغوب فيه أن يسقط بضعة قتلى".

وزعت المجموعات على القرى العربية في المثلث، واتجهت مجموعة بقيادة الملازم جبريئل دهان إلى قرية كفر قاسم. وزع هذا مجموعته إلى أربع زمر، رابطت إحداها عند المدخل الغربي للبلدة. وفي الساعة 16:30 من اليوم نفسه استدعى رقيب من حرس الحدود مختار كفر قاسم وديع أحمد صرصور وأبلغه بقرار منع التجول وطلب منه إبلاغ الأهالي.

وعندها قال المختار إن 400 شخص يعملون خارج القرية ولم يعودوا بعد، ولن تكفي نصف ساعة لإبلاغهم. فوعد القيب أن يدع العائدين يمرون على مسؤوليته ومسؤولية الحكومة.

في الخامسة مساء بدأت المجزرة عند طرف القرية الغربي حيث رابطت وحدة العريف شلوم عوفر فسقط 43 شهيداً، وفي الطرف الشمالي سقط 3 شهداء، وفي داخل القرية سقط شهيدان.

أما في القرى الأخرى فقد سقط صبي عمره 11 سنة شهيداً في الطيبة. كان من بين الشهداء في كفر قاسم 10 أطفال و 9 نساء. وكان إطلاق النار داخل القرية كثيفا وأصاب تقريباً كل بيت.

حاولت الحكومة الإسرائيلية إخفاء الموضوع ولكن الأنباء عن المجزرة بدأت تتسرب فأصدرت الحكومة الإسرائيلية بياناً يفيد بإقامة لجنة تحقيق. توصلت اللجنة إلى قرار بتحويل قائد وحدة حرس الحدود وعدد من مرؤوسيه إلى المحاكمة العسكرية.

استمرت محاكمة منفذي المجزرة حوالي عامين. في 16/10/1958 صدرت بحقهم الأحكام التالية: حكم على الرائد شوئل ملينكي بالسجن مدة 17 عاماً وعلى جبريئل دهان وشلوم عوفر بالسجن 15 عاماً بتهمة الاشتراك بقتل 43 عربياً، بينما حكم على الجنود الآخرين السجن لمدة 8 سنوات بتهمة قتل 22 عربياً. ولكن لم تبق العقوبات على حالها.

قررت محكمة الاستئنافات تخفيفها: ملينكي – 14 عاماً، دهان – 10 أعوام، عوفر – 9 أعوام. جاء بعد ذلك قائد الأركان وخفض الأحكام إلى 10 أعوام لملينكي، 8 لعوفر و 4 أعوام لسائر القتلة. ثم جاء دور رئيس الدولة الذي خفض الحكم إلى 5 أعوام لكل من ملينكي وعوفر ودهان. ثم قامت لجتة تسريح المسجونين وأمرت بتخفيض الثلث من مدة كل من المحكومين. وهكذا أطلق سراح آخرهم في مطلع عام 1960. أما العقيد يسخار شدمي ، صاحب الأمر الأول في المذبحة فقد قدم للمحاكمة في مطلع 1959 وكانت عقوبته التوبيخ ودفع غرامة مقدارها قرش إسرائيلي واحد.

كان ذلك في اليوم الذي بدأت فيه حرب العدوان الثلاثي على مصر...

التعليقات